بكين 21 سبتمبر 2017 (شينخوا) مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني، المتوقع أن تبدأ أعماله يوم 18 أكتوبر المقبل في العاصمة الصينية بكين لانتخاب قيادة جديدة للسنوات الخمس المقبلة ومناقشة قضايا حاسمة أخرى، أعرب مسؤولون وخبراء عرب عن تقديرهم لجهود الحزب الشيوعي الصيني في مكافحة الفساد، مؤكدين أن الحملة التي تقودها الصين في هذا المجال تصب في صميم مصلحة الشعب الصيني والعالم أيضا.
وأشاد صلاح عدلي رئيس الحزب الشيوعي المصري بالدور القيادي الذي يلعبه الحزب الشيوعي الصيني في مكافحة الفساد في أكبر دولة سكانا في العالم وثاني أكبر اقتصاد في العالم. وقال"الحزب الشيوعي الصيني ينظر إلى مكافحة الفساد كمسألة حياة أو موت".
وتولي القيادة السياسية في الصين اهتماما بالغا بقضية مكافحة الفساد في وقت تمر فيه البلاد بمرحلة تعديل اقتصادي من نمط قائم على الصادرات والاستثمار الى نمط قائم على الخدمات وتعزيز الطلب المحلي مدفوعا بالابتكار.
وقال زهدي الشامي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي المصري، إن الحزب الشيوعي الصيني يدرك أن مكافحة الفساد تعد أحد مقدمات النجاح ولهذا كانت حملة الرئيس شي جين بينغ الشرسة للقضاء على هذه الآفة.
ومنذ نوفمبر عام 2012، تشن الصين حملة قوية لمكافحة الفساد شهدت التحقيق مع 240 مسؤولا كبيرا بالإدارة المركزية ومعاقبة 223 منهم. وخلال أكثر من أربعة أعوام، تم رفع أكثر من 1.16 مليون قضية فساد وعقاب ما يقرب من 1.2 مليون شخص بسبب انتهاكهم قواعد الحزب الشيوعى الصينى والحكومة.
وبينما تمضي الصين بثبات في حملتها لمكافحة المسؤولين الفاسدين بدءا من "النمور" رفيعي المستوى حتى "الذباب" على المستويات الأدني في البلاد، فإنها أيضا مهتمة بتعزيز التعاون الدولي في هذه القضية سواء على مستوى التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف .
وأطلقت بكين عمليات مثل "شبكة السماء" و"صيد الثعالب" في الخارج لتعقب المسؤولين الهاربين. وحتى نهاية مايو 2017، تمكنت الصين من اعتقال 3051 هاربا وأعادت أكثر من 100 هاربا من 90 دولة ومنطقة في العالم. وحتى نهاية يوليو 2017، اعتقلت الصين 43 شخصا مدرجين على النشرة الحمراء للإنتربول.
ومؤخرا، استضافت لجنة فحص الانضباط في الصين ندوة بالتعاون مع البنك الدولي لبحث التعاون الدولي فى مكافحة الفساد يوم 19 سبتمبر فى بكين لمدة يومين تضمنت دور الحكومة فى خلق بيئة أعمال نظيفة والعمليات التجارية القانونية للشركات والتعاون فى مكافحة الكسب غير المشروع بين المشاركين فى مبادرة الحزام والطريق.
ومن جانبه، قال محمود ريا مدير موقع الصين بعيون عربية بلبنان إن الفساد يعتبر من أسوأ العقبات التي تعترض عملية التنمية التي تقوم بها أي دولة في العالم، ويمكن أن يؤثر على عملية التنمية المستدامة التي تقودها الصين إذا لم يتم وقفه".
وشبه ريا الفساد بالسوس الذي ينخر الأساس الذي تقوم عليه عملية التنمية، قائلا :"الفاسدون هم حجر عثرة في طريق أي تقدم، وهم طُفيليون يمصون دم الشعب، ويسرقون قُوتَه، ويدمرون طموحاته ويقتلون آماله".
وفي قمة بريكس الأخيرة التي عقدت في مدينة شيامن تحت قيادة الرئيس شي في مطلع سبتمبر، أكد زعماء الكتلة التي تضم الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا في بيانهم الختامي مساندتهم للجهود الرامية الى تعزيز التعاون فى مكافحة الفساد نظرا لتأثيره على التنمية المستدامة.
ودعم القادة تعزيز التعاون الدولى من خلال مجموعة العمل الخاصة ببريكس لمكافحة الفساد، والتعاون المتعلق باسترداد الأموال والأصول المنهوبة والأشخاص المطلوبين للعدالة على ذمة قضايا فساد.
وقال محمد مازن، وهو صحفي مصري مقيم ببكين، أن الفساد ظاهرة عالمية ويؤثر على التنمية. وأضاف أن الجهود التي تبذلها الصين في مكافحة الفساد عادت بالنفع على الصين من حيث تعزيز الثقة العالمية في التجارة والأعمال والاستثمار في الصين. وتابع " هذه الجهود لم تجعل السوق الصينية أكثر انفتاحا وشفافية وجاذبية أمام المستثمرين الأجانب فحسب، وإنما وفرت أموالا طائلة كانت تضيع على الدولة والشعب بسبب الفساد".
وحذر مازن من أن" أموال الفساد وتحركاتها غير المشروعة تمثل تحديا كبيرا يؤثر على النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في العالم كله وليس الصين فقط، مؤكدا الحاجة الى الحد من حركة هذه الأموال وضخها في الاقتصادات الوطنية من أجل تحقيق المنفعة للشعوب.
وذكر ماهر عياش عبد البشر، عضو اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة صلاح الدين، أن سياسة عدم التسامح مع الفساد للحزب الشيوعي الصيني يمكن أن تشكل مرجعا للأحزاب والدول الأخرى.
وأضاف "الفساد يؤخر تقدم أي حزب في العالم، لذلك البرنامج الذي وضعه الحزب الشيوعي الصيني يصب في خدمة الوطن، ويمكن أن يستفيد منه الحزب الشيوعي العراقي".
وشاطره الرأي الشامي مضيفا أن" الحزب الشيوعي الصين يقدم تجربة جديرة بالاطلاع في مكافحة الفساد. ونأمل أن تستفيد الدول العربية منها".
لكن صلاح عدلي رئيس الحزب الشيوعي المصري أكد على أهمية استمرار الحزب الشيوعي الصيني في سياسة ضرب الفساد مهما كان حجمه كبيرا أو صغيرا، مؤكدا أن هذا أمر شديد الأهمية لأنه يزيد الثقة بين الحزب والشعب الصيني.
وقال رضوان جمول، وهو خبير اقتصادي ومالي لبناني، إن سياسات الحزب الداخلية التي تهدف إلى التخلص من الجمود الفكري ووضع حد للمنتفعين والفاسدين تعزز في النهاية النموذج الصيني كتجربة رائدة في مجال التنمية والتحديث وممارسة السياسات الدولية الرشيدة.