بكين 22 أكتوبر 2017 ( شينخوا ) قال أسامة المجدوب سفير مصر لدى الصين "إن العديد من الدول العربية يتطلع بإعجاب إلى النموذج الصيني الفريد، الذي يجمع بين الانفتاح على الخارج مع الاحتفاظ بالسمات والمميزات الصينية، ولهذا نجد الديمقراطية ذات الخصائص الصينية والتنمية ذات الخصائص الصينية والدبلوماسية ذات الخصائص الصينية. فالتجربة الصينية والمعجزة الصينية جديرة بالدراسة وتستحق الإعجاب ".
وأشاد السفير المجدوب في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء شينخوا بالإنجازات المحققة في مختلف المجالات بالصين، قائلا "إن أول ما يلاحظه القادم إلى الصين هو البنية التحتية الحديثة التي شيدت ببراعة فائقة والتي كانت الركيزة لبناء الاقتصاد الصيني الحديث والتنمية الحديثة".
وقال السفير إن حركة البناء والتعمير في مختلف أنحاء الصين لا تتوقف وتعمل الحكومة على أن تكون عملية التطوير العمراني شاملة لكل المقاطعات. وفي السابق كان الازدهار الاقتصادي يتركز في المناطق الواقعة في جنوب وشرق الصين، أما الآن فهناك اهتمام من الحكومة الصينية بالتنمية في المناطق الغربية والوسطى مثل نينغشيا وشينجيانغ والتبت وغيرها حتي تكون التنمية شاملة ومتوازنة في مختلف مناطق الصين.
وتابع "ومن الجوانب الأخرى المثيرة للإعجاب الاهتمام الكبير بالتعليم فهناك العديد من الجامعات الصينية من بين أفضل الجامعات في التصنيفات الدولية ومنها على سبيل المثال جامعة تسينغهوا وجامعة بكين وغيرها. وهناك اهتمام بالبحث العلمي والتكنولوجيا وتشجيع الابتكار والبحث عن حلول مبتكرة للمشكلات ، وعلى مدى عامين متتاليين احتلت الصين المرتبة الأولى في عدد براءات الاختراع وهذا بالطبع ناتج عن الإهتمام برعاية الموهوبين وتشجيعهم."
وعلى المستوى البيئي، قال المجدوب "أما بالنسبة للتلوث الذي تعاني منه العديد من المدن الصينية والذي حدث نتيجة للتوسع الكبير في بناء المصانع في فترة بناء الاقتصاد الصيني، فقد اتخذت الحكومة الصينية إجراءات صارمة لمكافحته والقضاء عليه مثل خفض استخدام الفحم والاتجاه لاستخدام مصادر الطاقة البديلة غير الملوثة للبيئة وإلزام المصانع بمعايير لخفض الانبعاثات الضارة وفرض غرامات باهظة على المخالفين وقد حدث بعض التحسن مؤخراً ولكن ما زالت هناك حاجة إلى المزيد من الإجراءات لحل هذه المشكلة. وينبغي أن نشيد هنا بتأكيد الصين على التزامها باتفاق باريس للمناخ الذي يقضي بالعمل على خفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري."
وفي مجال مكافحة الفساد، قدر السفير المجدوب أداء الحكومة الصينية، مشيرا إلى جهودها الكبيرة في تعقب الرؤوس الكبيرة والصغيرة وأيضاً تعقب الهاربين إلى الخارج وتقديمهم إلى العدالة لأن تحقيق العدالة ومكافحة الفساد والحكم الرشيد هي الأسس القوية التي يستند إليها النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي السليم.
وتعهدت الصين بالقضاء التام على الفقر بحلول نهاية 2020 وإتمام بناء مجتمع رغيد الحياة بشكل معتدل وعلى نحو شامل في الوقت ذاته. وفي هذا الشأن، قال السفير المجدوب إن تحقيق أهداف التنمية والقضاء على الفقر وبناء مجتمع رغيد ليست أهدافاً اقتصادية وتنموية فقط، وآثارها ونتائجها لا تقتصر على الصين وحدها في الوقت الحالي.
وفصل ذلك قائلا "أصبحت الصين هي محرك النمو على المستوى الدولي في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي. والقوة الاقتصادية للصين ستساعد على ضخ الحيوية في اقتصاديات الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق من خلال ضخ الاستثمارات ومشروعات البنية التحتية وانتعاش التبادل التجاري. والحزب الشيوعي الصيني له دور كبير في تشجيع التنمية والاستثمارات الصينية في الداخل والخارج وهو الذي يضع الخطط والسياسات اللازمة لتحقيق ذلك."
ولفت إلى " أن القضاء على الفقر في الصين وارتفاع مستوى المعيشة سيكون له أثره في زيادة أعداد السياح الصينيين إلى الخارج ومنها بالطبع إلى المنطقة العربية مما سيكون له أثره في الانتعاش الاقتصادي خاصة في مصر التي تعتبر السياحة أحد الركائز المهمة للاقتصاد فيها. "
وأردف "ما لاحظته بنفسي هو أن الشعب الصيني شعب حر وآمن وسعيد، وهو ايضا شعب مثقف يتمتع بحياة على درجة ملموسة من الجودة والسبب في هذا يرجع إلى المخزون الحضاري العريق الذي ورثه الشعب الصيني من حضارته التي تمتد إلى خمسة آلاف عام وإلي القيادة الرشيدة للحزب الحاكم الذي يعرف جيداً كيف يضع السياسات التي تراعي السمات والخصائص الصينية ويراقب تطبيقها بكل دقة." حسبما قال المجدوب.
وأضاف " الحزب الشيوعي الصيني أكبر الأحزاب على مستوى العالم حيث بلغ عدد أعضائه 89 مليون شخص، وهو بذلك يمثل كافة فئات وشرائح المجتمع الصيني ومختلف الأعراق والقوميات في الصين. وقد تمكن الحزب الشيوعي من بناء الصين الحديثة وما زال يمضي في مساره لرفع مستوى معيشة الشعب الصيني وزيادة معدلات التنمية والقضاء على البطالة والفقر."
وأكد السفير " إننا في العالم العربي نثمن التجربة الصينية والتقدم المطرد التي يحرزه الحزب في تحقيق الحلم الصيني، وهو يحشد كافة الوسائل والأدوات لذلك، بدءاً من صياغة الأهداف والنقاشات المطولة من أجل توضيحها وتحديدها بدقة ووضع آليات التنفيذ والعمل على القضاء على المعوقات مثل العقبات البيروقراطية والفساد، فضلاً عن ترسيخ الحوكمة ومراقبة الانضباط."
وقال السفير "والحقيقة أن هناك علاقات مستمرة بين الأحزاب العربية وخاصة المصرية - والحزب الشيوعي الصيني تهدف إلى تبادل الخبرات والتجارب ودفع التعاون. كما تهدف الزيارات المتبادلة إلى رؤية التطبيق العملي للسياسات والنشاط الحزبي على أرض الواقع. وفي يونيو الماضي كانت هناك زيارة لعدد من كوادر عدد من الأحزاب السياسية المصرية والعربية إلى الصين حيث حضروا عدداً من جلسات الحوار لتبادل الخبرات واللقاءات مع الجانب الصيني. "
وفيما يتعلق بالمؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني المنعقد حاليا في بكين، قال السفير المجدوب " لا شك أننا في العالم العربي نتابع عن كثب هذا المؤتمر الذي يعقد كل خمس سنوات باهتمام كبير، حيث يتم فيه انتخاب قيادة مركزية جديدة للحزب الشيوعي الصيني، كما يتم وضع خطة عمل الحزب والأهداف التي يريد تحقيقها على مدى خمس سنوات قادمة. وما يتخذ من قرارات في داخل الصين لم يعد أثره قاصراً على الداخل الصيني فقط فهو بالتأكيد يؤثر على الأحداث الدولية خاصة في منطقة الشرق الأوسط. "
وأضاف المجدوب "مصر والدول العربية يتابعون المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني للتعرف من خلاله على ملامح السياسة الصينية خلال السنوات الخمس القادمة والتعرف أيضاً على القيادات الجديدة التي سيتم انتخابها ونحن على يقين من أن نتائج هذا المؤتمر ستكون في صالح دفع التعاون العربي الصيني بما يحقق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك للجانبين".
ومع توجه الصين للقيام بدور أكبر على المسرح الدولي أصبح العالم العربي يتابع الأحداث في داخل الصين، فالقرارات التي تتخذ في الصين تؤثر على مختلف الشئون العالمية مثل العولمة التي أصبحت الصين من أهم المدافعين عنها، ومحاربة التوجهات الحمائية والانفتاح الاقتصادي وهي كلها أمور تهم العالم العربي الذي أصبح الآن في حاجة شديدة لعمليات إعادة البناء والتنمية بعد فترة الاضطرابات التي مر بها والتي ما زالت تتواصل في بعض الدول مثل سوريا واليمن والعراق.
ونوه السفير إلى " بالنظر إلى أن الصين دولة المشروعات وريادة الأعمال بكل أنواعها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة وتشجيع الحكومة الصينية لرواد الأعمال الصينيين والأجانب أيضاً، ومن بينهم عدد من رجال الأعمال العرب والمصريين الناجحين، فإن مصر والدول العربية يريدون التعاون مع الصين في هذا المجال ونقل التجربة الصينية بما يتناسب مع الظروف والأوضاع في الدول العربية."