بكين 23 أكتوبر 2017 (شينخوا) اجتذب مسار التنمية المستدامة في الصين مرة أخرى اهتماما واستحسانا عالميين بعد أن أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ مجددا على الخيار الإستراتيجي في تقرير تاريخي قدمه يوم الأربعاء الماضي.
ويوافق الباحثون والمراقبون في جميع أنحاء العالم على أن الالتزام والإنجازات التي حققها أكبر بلد نام في العالم وثاني أكبر اقتصاد يمنحان الاقتصاد العالمي المتعثر كل من الاتجاه الواعد والدعم القوي للنمو في المستقبل.
-- نمو عالي الجودة
وقال الرئيس شي في تقريره خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الـ 19 للحزب الشيوعي الصيني إن الاقتصاد الصيني انتقل من مرحلة النمو السريع إلى مرحلة تنمية عالية الجودة.
وينتخب المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني، الذي يعقد كل خمس سنوات، قيادة الحزب ويضع مخططا للتنمية الوطنية للسنوات الخمس القادمة وما بعدها.
وأكد شي على أنه من الضروري أن تدفع الصين الإصلاح الهيكلي في جانب العرض قدما وتطور اقتصادا حديثا يتميز بجودة أفضل وكفاءة أعلى ودوافع أقوى للنمو.
وأشاد نيل نويسلت، وهو بروفسور ألماني بجامعة دويسبورغ - إيسن، بتدابير الإصلاح في الصين، التي توجه المزيد من الموارد نحو نموذج أكثر استدامة للنمو الاقتصادي.
وقال نويسلت إن "كل هذه الجهود سوف تؤدي إلى تنمية ونمو أكثر إخضرارا واستدامة، وهذا أمر رائع حقا ومثير للإعجاب حقا".
وشدد تقرير الرئيس شي مرة أخرى على أهمية تلبية رغبة الشعب في حياة أفضل.
وفي نظر سيرجيو لي لوبيز، السفير المكسيكي السابق لدى الصين، فإن التزام الصين بإجراء إصلاحات اقتصادية مهمة من أجل النمو المستدام أدى إلى تحقيق "تنمية استثنائية للشعب الصيني بأجمعه".
وإذ يحيط علما بمستويات الدخل السريعة النمو للشعب الصيني، أفاد لوبيز أن الصين حققت إنجازا "لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية، عبر انتشال ملايين الناس من براثن الفقر المدقع".
وقال "أشعر أنه يتعين على العالم أن يتابع هذا بعناية واهتمام شديدين، وذلك من أجل إتباع حذو الصين".
فيما شدد بي آر ديباك، وهو بروفسور هندي في جامعة جواهر لال نهرو، على القوة الدافعة للابتكار التكنولوجي وراء النمو المستدام.
وقال الباحث الهندي إن "الاختراعات الأربع الجديدة والعظيمة" وهي السكك الحديدية فائقة السرعة، وأليباي، والدراجات التشاركية، والتسوق عبر الانترنت، قد أطلقت العنان لقوى الاستهلاك المحلي وأحدثت ثورة في المشهد الاجتماعي -الاقتصادي في الصين.
بينما لفت أغناسيو مارتينيز، منسق مختبر تحليل التجارة والاقتصاد والأعمال في المكسيك، إلى أن "الصين تستطيع الاعتماد على مجتمع يتطلع إلى المستقبل .. مجتمع ذى تنمية مستدامة يتقاسم الاقتصاد الأخضر والتكنولوجيات الجديدة وتعزيز البيئة".
-- ازدهار مشترك
وقال الرئيس شي في التقرير الذي قدمه يوم الأربعاء الماضي، إن "الانفتاح يجلب التقدم، بينما يؤدي الانغلاق إلى التخلف"، داعيا إلى بذل جهود لجعل العولمة الاقتصادية "أكثر انفتاحا وشمولا وتوازنا، بحيث يتم تقاسم فوائدها من قبل الجميع".
وفي معرض إشادته بالصين باعتبارها قوة دافعة رئيسية للاقتصاد العالمي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يعتقد أن الإصلاح الهيكلي الحالي في الصين سيقود إلى نمو مستدام.
مع ذلك، فقد أدت النزعات الانعزالية والسياسات الوطنية في مختلف أنحاء العالم إلى زيادة الحمائية التجارية وإثارة الرياح المناوئة للعولمة.
وفي ظل هذه الخلفية، ما تزال الصين ملتزمة بتعزيز التنمية المستدامة العالمية والخروج بمبادرات لتقاسم المنافع مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية ومبادرة الحزام والطريق بغية تقديم المزيد من المصالح العامة إلى العالم.
وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش إن مبادرة الحزام والطريق التي طرحها الرئيس شي في عام 2013 تعد "واحدة من أهم المبادرات التي لدينا حاليا في العالم المعاصر".
وتضم المبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ 21، وتهدف إلى تعزيز التجارة والتكامل المالي وترابط البنية التحتية والتبادلات الشعبية على امتداد المسارات التجارية لطريق الحرير القديم وخارجها.
ولفت فوسيتش إلى أن هذه المبادرة ليست جيدة فقط للصين وشعبها فحسب، وإنما هي مفيدة أيضا لكثير من الدول، مضيفا أن "الناس والعالم سيكونون أكثر ثراء مع مثل هذه المبادرات الجيدة مقارنة بدونها".
وفي رسائل التهنئة إلى الحزب الشيوعي الصيني بمناسبة عقده مؤتمره الوطني الـ 19، أشاد العديد من القادة الأجانب بالتزام بكين بالتنمية المستدامة، وأبرزوا ما يعنيه ذلك بالنسبة للعالم.
وقال رئيس الوزراء اليوناني السابق جورج باباندريو "في هذه الأوقات المضطربة، يبعث المؤتمر الوطني الـ 19 للحزب الشيوعي الصيني رسالة قوية حول الوحدة والتلاحم والتصميم على الكفاح من أجل السلام والتنمية المستدامة وخلق مجتمعات عالمية متناغمة".
ويعتقد بانوس ريغاس ويانيس بورنوس، وهما اثنان من كبار أعضاء حزب سيريزا الحاكم في اليونان، أنه في حال وُجد عالم من الرخاء المشترك والمستدام، والنمو العادل، والقوة المتوازنة، فإن الصين ستضطلع بدور قيادي لا غنى عنه فيه.