بكين 31 أكتوبر 2017 ( شينخوا ) اختتمت أعمال المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني يوم 24 أكتوبر الجاري، وهو ما يعد حدثا من الأهمية بمكان، حيث أعلن شي جين بينغ في تقرير ألقاه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن الاشتراكية ذات الخصائص الصينية قد دخلت عصرا جديدا. وبصفته خبيرا عربيا شارك في إعداد وترجمة النسخة العربية لهذا التقرير، روى مصطفى محمد أحمد يحيى من السودان تجربته في ترجمة التقرير وكذا متابعته لتطورات الصين خلال أكثر من 20 سنة من حياته أمضاها هنا.
وقال يحيى إن وجوده في الصين أحدث له تغيرات كبيرة نظرا للعيش في بيئة مختلفة تماما عن وطنه وتعرفه على ثقافة عريقة الجذور، فضلا عن أنه على المستوى الشخصي تحسن مستوى معيشته كثيرا.
وأكد الخبير على شعوره بالفخر والإعزاز للمشاركة في هذا الحدث التاريخي، لافتا إلى أن هذه أول مرة يشارك فيها أجانب في أعمال متعلقة بهذا المؤتمر، وهي خطوة تعكس شفافية الحزب بأنه ليس لديه ما يخفيه، وجعله يشعر بكثير من الثقة لاختياره للمشاركة في هذا العمل.
وأضاف أنه تشرف كثيرا بأن يكون جزءا من هذا العمل التاريخي الهام، لأن هذا المؤتمر يكتسب أهمية غير عادية مقارنة بالمؤتمرات السابقة، إذ يعتبر استهلالا لمرحلة جديدة في تاريخ تطور الصين.
وتابع أنه استعد لهذا المؤتمر بقراءة كل ما كُتب عن الاشتراكية ذات الخصائص الصينية ونظرياتها ونظمها وأفكارها، وأعاد قراءة كتاب شي جين بينغ حول الحكم والإدارة خاصة وأنه سبق وشارك في إعداد النسخة العربية منه للنشر.
واستطرد أنه على مدار عمله كصحفي لأكثر من 30 عاما وخلال عمله في الصين، ظل متابعا للوضع السياسي في الصين وبالتحديد خلال الخمس سنوات الأخيرة لحكم الرفيق شي، لافتا إلى أنه تسلح بقدر كاف من المعرفة عن الصين ما ساعده كثيرا في أعمال الترجمة.
وقضى يحيى في الصين 22 عاما، شهد خلالها أحداثا عظيمة وتاريخية، حيث عاصر 5 مؤتمرات وطنية للحزب الشيوعي الصيني من ضمنها المؤتمر الوطني الـ19 للحزب.
وقال الخبير إنه يعتقد أن تقرير المؤتمر الوطني الـ19 متفرد مقارنة بالتقارير السابقة، حيث أنه قرأها جميعها في إطار استعداده لترجمة التقرير الحالي، مشيرا إلى أن العبارة الرئيسية التي لفتت انتباهه في هذا التقرير هي "العصر الجديد"، ضمن مصطلح الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، والذي يشير إلى المرحلة الجديدة من انطلاق الصين وتطورها.
وتابع أن هذه الفكرة تكتسب أهميتها تاريخيا بالتساوي مع إعلان الرفيق ماو تسي تونغ لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، ثم جاءت المرحلة الثانية بإعلان دنغ شياو بينغ لمشروع الإصلاح والانفتاح، وهي مرحلة هامة في تاريخ الصين،فيما يشكل المؤتمر الوطني الـ19 للحزب بداية انطلاقة للمرحلة الجديدة تحت مسمى "العصر الجديد".
وقال إن الصين والحزب الشيوعي الصيني على وجه التحديد، ما برحا يختاران في كل مرحلة قيادة لها المواصفات المناسبة التي تلائم تماما تلك المرحلة، لافتا إلى أن شي جين بينغ رجل يمتاز بصفات قيادية تلائم تماما هذه المرحلة المتطورة للصين، مشيرا إلى أن شي جين بينغ الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وهو أيضا رئيس جمهورية الصين الشعبية، أثبتت ممارساته في الخمس سنوات الماضية أن لديه فهما عميقا للواقع الصيني ومستقبل الصين، وبهذا الفهم العميق تميز شي بالديناميكية، كما برهن أيضا على أنه زعيم له رؤية عالمية بنظرته الثاقبة للمجريات والتحديات الراهنة على الساحة الدولية.
وبفضل حياته الطويلة في الصين، تابع يحيى عن كثب تطور الصين في شتى المجالات خاصة خلال السنوات الخمس المنقضية.
أضاف أنه على الصعيد السياسي، تحت قيادة شي جين بينغ شهدت حوكمة الحزب وإدارته لشئونه وأعضائه ما يمكن أن نسميه ثورة كبيرة تمثلت في الحملة غير المسبوقة لمكافحة الفساد والتي كانت محصلتها أن ظهر الحزب الشيوعي الصيني بصورة مختلفة ومظهر جديد، يمكن معه القول إن الحزب يدار وفقا للقانون.
وتابع أن أكبر تحول كان في الجانب الاقتصادي حيث تغير نمط التنمية من الاعتماد على التصدير إلى استحداث أنماط نمو جديدة، الأمر الذي حافظ على نمو مطرد للاقتصاد الصيني، وتجلى ذلك بوضوح في ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي من 54 تريليون يوان إلى 80 تريليونا، وهذه قفزة اقتصادية كبرى.
وأضاف أن من الانجازات المهمة للحزب الشيوعي الصيني بقيادة شي جين بينغ هو استحداث وإطلاق مبادرة الحزام والطريق، والتي أحدثت حراكا اقتصاديا غير مسبوق، ثم جاء إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والذي أحدث ثورة في مجال التمويل وشكل إضافة كبيرة في هذا الجانب.
وأستطرد قائلا "لابد أن لا ننسى مبادرة الحزام والطريق التي هي مشروع ضخم"، حيث أنه من حسن الحظ أن العديد من الدول العربية تقع في مسار تلك المبادرة، وهو ما سيعود عليها بفائدة اقتصادية كبيرة.
وأضاف أن الدول العربية تنظر للمبادرة بكثير من الآمال والطموحات لتحدث تغييرا، مشيرا إلى أنه بالنسبة للسودان فإنه يطل على ساحل البحر الأحمر ما يجعله ضمن طريق الحرير البحري، ويدفعه إلى مزيد من التعاون مع الصين في هذا الجانب.
وأوضح أن هناك شروعا في تعزيز التعاون الاقتصادي في المجال الزراعي حيث أن السودان بلد زراعي كبير، ومن ثم هناك تطلعات إلى تفعيل التعاون الاقتصادي في مجالي الزراعة والتعدين.
وفيما يخص الأفق التنموي للصين وكذلك العالم بعد المؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني، قال الخبير "أعتقد أن هذا المؤتمر ستكون له انعكاسات كبيرة على المدى المتوسط والمدى البعيد، وملاحظاتي عن هذا المؤتمر أنه حدد أهداف وبرامج العمل لفترة طويلة قد تمتد لحدود الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين وهذا أمر غير مسبوق".
وتابع أنه على الصعيد العالمي جددت الصين تمسكها بالتنمية السلمية وأنها لن تسعى إلى الهيمنة، وهو ما ستكون له انعكاسات كبيرة على السلم العالمي وعلى الاستقرار الذي يحتاج إليه العالم لتنمو جميع البلدان.
وأضاف أنه على المستوى العربي، جددت القيادة الصينية تمسكها بدعم الدول النامية وتمسكها بمركزية الأمم المتحدة لحل القضايا الدولية، معربا عن اعتقاده أن كل هذه الأشياء ستكون لها انعكاسات على المنطقة، خاصة وأن الدول العربية تتطلع إلى الصين بما لديها من حكمة، ليكون لها دور في حل الكثير من الأزمات التي يشهدها العالم العربي حاليا.