الموصل، العراق 3 يناير 2018 (شينخوا) يحلم النازحون من أهالي مدينة الموصل وبقية البلدات والقرى التابعة لمحافظة نينوى بالعودة إلى مناطقهم التي حررتها القوات العراقية منذ عدة أشهر إلا أن حلمهم هذا مؤجل حاليا كون منازلهم مدمرة ولم تبدأ الحكومة حملة لإعمارها أو تعويضهم لكي يقوموا بإعادة بنائها.
ففي مخيم الخاز الذي يبعد (50 كم) عن الموصل والذي لاتزال فيه أكثر من 3 آلاف عائلة تضم 13 آلف شخص يحلمون بالعودة إلى مناطقهم ومنازلهم لكن بسبب عدم إعمار مناطقهم وعدم توفر الأموال لديهم لكي يبنوا بيوتهم بانفسهم جعلهم يبقون في المخيم وعينهم ترنو إلى الحكومة والدول المانحة لمساعدتهم في إعادة بناء منازلهم التي دمرها التنظيم المتطرف أو تدمرت بالعمليات العسكرية ضد هذا التنظيم.
وقال توانا أنور مدير مخيم الخازي (ام 1 ) لوكالة انباء ((شينخوا)) اليوم (الاربعاء) "نحن نوفر للنازحين حاجاتهم الاساسية، لكنهم في الواقع يرغبون كلهم بالعودة إلى منازلهم، لأن العيش في خيمة ليس مثل العيش في المنزل أو المحلة التي تربى بها الانسان".
وأضاف أنور " حاليا لدينا أكثر من 13 الف نازح يمثلون أكثر من ثلاثة آلاف عائلة، ونحن نوفر لهم احتياجاتهم بالتعاون مع منظمة البارزاني الخيرية والمنظمات الانسانية ووزارة الهجرة والمهجرين العراقية"، لافتا إلى أن حلم كل نازح أن يعود إلى منزله ومنطقته وقال "لكن نحن سنستمر بتقديم الخدمات والرعاية لكل نازح يبقى معنا، ولن نطلب منه الرحيل".
ام وسام سيدة نازحة من إحدى قرى بادوش غرب الموصل، كانت واقفة في طابور لاستلام وقود للتدفئة كون درجات الحرارة شهدت انخفاضا خلال اليومين الماضيين قالت لنا "أنا أم لتسعة اطفال ، وزوجي حاليا عاطل عن العمل، ومنزلنا مدمر بالكامل، ونتمنى أن نعود إلى قريتنا، لكن لاتوجد لدينا أية أموال ليس لاعادة بناء المنزل بل لايوجد لدينا مصدر للعيش، فنحن هنا باقون لأن إدارة المخيم تعطينا المواد الغذائية وكل ما نحتاجه، لكننا نسكن في خيمة، ونحن عائلة كبيرة".
واضافت "نحلم بالعودة إلى قريتنا، لكن حلمنا هذا ربما يطول لأن الحكومة لم تبدأ حتى الأن بحملة إعمار المناطق المتضررة، كما أنها لم تقدم أية تعويضات للذين تهدمت منازلهم أو دمرت ممتلكاتهم بسبب تنظيم داعش الإرهابي"، معربة عن أملها بأن لا تطول فترة بقائهم في مخيمات اللجوء.
وأوضحت أن النازحين جميعا يحلمون بالعودة إلى مناطقهم، لكن ما يمنعهم هو تدمير منازلهم وعدم قدرتهم على استئجار منازل، لان الموظفين طردوا من وظائفهم، والمعامل دمرت وأصبح الجميع عاطلين عن العمل، مشيرة إلى أن العديد من العوائل ترغب بالعودة لو توفرت فرص عمل لأحد أفرادها لكي يؤمن احتياجات العائلة اليومية، مبينة أن الوضع الأمني جيد في مناطقهم ولكن الذي يمنعهم من العودة هو دمار منازلهم وافتقادهم لاي مصدر للعيش.
سيدة اخرى اسمها سعدية أم أحمد لديها أربعة أطفال وزوجها قتله التنظيم المتطرف بتهمة انتمائه إلى الشرطة العراقية، تحلم بالعودة إلى منطقتها في حي وادي حجر غربي الموصل لكن ما يمنعها هو عدم قدرتها على دفع ايجار منزل لكي تسكن فيه مع اطفالها.
أما ظاهر بلال حميد الذي غادر المخيم إلى منزله في منطقة ربيعة قرب الحدود السورية، قبل أربعة اشهر لكنه أضطر إلى العودة إليه بعد أن منعه الحشد العشائري من ابناء قبيلة شمرالسنية كونه لاينتمي إلى نفس القومية التي ينتمون اليها.
وقال حميد "قبل أربعة اشهر أكملت الموافقات الرسمية، وغادرت انا وعوائل اخوتي البالغ عددها أربع عوائل، ولدى وصولنا إلى منزلنا في حي القادسية في بلدة ربيعة (80 كم) غرب الموصل، منعنا مقاتلو عشيرة شمر العربية من العودة إلى منزلنا كوننا من القومية التركمانية، وهددونا ما أضطرنا إلى العودة للمخيم ، الأمر الذي أدى إلى وفاة أبي بعد عدة أسابيع كمدا وقهرا وحسرة على منازلنا وممتلكاتنا".
واضاف" نسكن في منطقة ربيعة منذ أكثر من 50 سنة، ولا توجد لدينا أية مشاكل أو معوقات قانونية تمنعنا من العودة، لكن القانون غير مفعل، ونطالب الحكومة العراقية بارجاعنا إلى منازلنا وحمايتنا"، منتقدا المسؤولين في محافظة نينوى و المسؤولين التركمان لعدم متابعتهم لشؤون الاقليات ورعايتهم وحمايتهم.
وهناك اسباب انتقامية تمنع بعض النازحين من العودة إلى منازلهم كما هو الحال في مدينة سنجار ذات الغالبية الايزيدية والذين بدأوا بالانتقام من العوائل العربية التي تعود إلى منازلها، ثأرا لضحاياهم ونسائهم التي سباها التنظيم المتطرف وفقا لما ذكره النازحون من تلك المدينة.
وقال علي حسين "غادرت سنجار بعد سيطرة تنظيم داعش عليها بعدة اشهر عام 2014، الى داخل مدينة الموصل، ونزحت الى هذا المخيم عندما بدأت العمليات العسكرية لاستعادة الجانب الايمن (الغربي ) من الموصل، وبعد تحرير كل مدن وبلدات وقرى الموصل عادت عدة عوائل عربية الى سنجار لكن الايزيديين من سكنة سنجار قتلوا هذه العوائل واحرقوهم انتقاما لسبي تنظيم داعش للعشرات او المئات من النساء الايزيدات".
وتابع "كنت أحلم بالعودة إلى منزلي لكني لن أعود حاليا، لأن مصيري سيكون القتل، رغم أني هربت من بطش التنظيم المتطرف، والتنظيم فجر منزلي، وحاليا فقدت كل شيء منزلي وجيراني وحتى حلمي مؤجل وربما لن يتحقق، وبت أفكر كثيرا بمدينتي التي عشت فيها وكبرت، واتمنى أن أعود إليها يوما و ادفن فيها".
كل من التقيناه من النازحين في المخيم يريد العودة لكن عدم عودتهم ترجع الى تقصير الحكومة في عدم البدء بعمليات الاعمار، وعدم تعويض الخسائر التي لحقت بهم جراء تدمير منازلهم وممتلكاتهم وعدم توفير فرص عمل، مطالبين رئيس الوزراء حير العبادي باتخاذ قرار لاعادة الاعمار او تقديم التعويضات لهم من اجل تحقيق حلمهم بالعودة الى ديارهم.
وفرض تنظيم داعش الارهابي في العاشر من يونيو 2014 سيطرته على مدينة الموصل والبلدات والقرى التابعة لها وقام بحملة تدمير شملت المنشآت الحيوية والمباني الحكومية الرئيسة ومقرات القوات الامنية، وقام بتدمير العديد من الأماكن الأثرية فضلا عن تفجير مئات المنازل العائدة إلى منتسبي القوات الأمنية العراقية، كما لحقت أضرار مادية جسيمة بآلاف المنازل والمباني نتيجة التفجيرات التي نفذها التنظيم المتطرف والعمليات العسكرية التي بدأت في 17 اكتوبر 2016 وانتهت باعلان تحرير الموصل في العاشر من يوليو الماضي.
وتعترف الحكومة العراقية بفداحة الاضرار في مدينة الموصل وتعهدت بتنفيذ حملة لاعادة اعمارها وإعادة الحياة إلى طبيعتها لكنها تنتظر مؤتمر الدول المانحة الذي سيعقد في دولة الكويت الشهر المقبل، كون حملة إعادة الاعمار تحتاج إلى قرابة 100 مليار دولار والعراق حاليا يعاني من مشاكل اقتصادية ومالية بسبب الحرب على التنظيم المتطرف ، التي استمرت اكثر من ثلاث سنوات ونصف.
ويبقى النازح الموصلي يحلم بالعودة إلى منزله في وقت لاتزال الحكومة العراقية تنتظر تنفيذ الوعود من قبل العديد من الدول التي تعهدت بدعم حملة إعادة إعمار المناطق التي تضررت بسبب سيطرة التنظيم المتطرف عليها.