عفرين، سوريا 9 فبراير 2018 (شينخوا) على أطراف مدينة عفرين شمالي سوريا، تجمع نحو 40 شخصا من عائلات مختلفة في كهف صغير لجأوا اليه هربا من العملية العسكرية التركية في المنطقة ضد مقاتلين أكراد.
واتخذ هؤلاء من الكهف الواقع في الجهة الشمالية الشرقية لمدينة عفرين بريف حلب الشمالي قرب الحدود مع تركيا، مأوى يقيهم من الضربات العسكرية وأيضا برد الشتاء رغم افتقاره لمقومات المعيشة الضرورية.
وتقول الثلاثينية مريم لوكالة أنباء ((شينخوا)) بينما كانت تجلس على الأرض تحمل طفلا بين يديها ، "قريتنا لم تكن آمنة بسبب القصف، لذا لجأنا إلى الكهف، حيث نختبئ من الضربات".
لكن مريم تشكو من الرطوبة الموجودة داخل الكهف وتتوق إلى نهاية سريعة للحرب حتى تتمكن من العودة إلى حياتها الطبيعية.
وبدا الكهف بحجم غرفة معيشة يضيؤه مصباح واحد، وقد جلس بعض من بداخله على الأرض مستندا بظهره على الجدران الصخرية، بجانبهم أطفال يعانون من سعال شديد بسبب الرطوبة والمرض.
"كما ترون، إنه لا يصلح للعيش لفترة طويلة.. نأمل ان تنتهي الحرب حتى نتمكن من العودة الى منازلنا ويعيش اطفالنا حياتهم ويذهبون الى المدرسة" تقول مريم.
ومنذ 20 يناير الماضي تقوم القوات التركية مع مسلحين سوريين متحالفين معها، بعملية عسكرية عبر الحدود تحت اسم (غصن الزيتون) ضد الميليشيات الكردية في عفرين.
وتستهدف العملية التركية وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة امتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور الذى يقاتل من اجل الحصول على الحكم الذاتى في جنوب شرق تركيا.
وذكر تقرير صدر مؤخرا عن الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 15 ألف شخص نزحوا منذ بدء العملية العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في عفرين.
ويبدو أن الطبيعة الجبلية لعفرين وكثرة الكهوف فيها، وفرت مأوى أكثر أمنا لمعظم سكان المدينة خلال الحرب الدائرة في المنطقة.
وعند مداخل تلك الكهوف، أقام كثير من السكان المحليين منازلهم وحولوا الكهوف إلى جزء من بيوتهم فيما بعد.
والى جانب مريم، استقبل الكهف الذي يملكه رجل ثمانيني يدعى "جميل" أشخاصا من قرى مختلفة يشاطرهم الطعام والشراب قدر الامكان، كما قال.
ويضيف الرجل، وهو يمسك بيده عكازه الخشبي ليسند جسده النحيل، "هذه الكهوف يمكن أن تكون مكانا صعبا للعيش فيه، ولكنها توفر حماية جيدة من الضربات الجوية ومكانا آمنا للاجئين".
وتابع "عندما يسمع الناس، ولا سيما الاطفال الصغار، صوت القصف الذي يتردد من القرى المجاورة، يهرعون إلى داخل الكهف الذي استخدمناه سابقا كمستقر للحيوانات مثل الاغنام".
"لقد اخرجنا الأغنام من الكهف، وجلسنا به، ويمكنك أن ترى ما تبقى من القش في داخل الكهف، وبعض بقايا الأغنام" يقول جميل.
وينتظر نازحو الكهف وقت النهار للخروج والجلوس تحت أشعة الشمس لكنهم يعودون اليها بمجرد سماعهم صوت القصف أو الطائرات الحربية وهي تحلق في السماء.
ويشعر السبعيني هشام بالاسف كونه أصبح رجلا ضعيفا لا يقدر على تحمل الليالي الباردة في الكهف.
وفر الرجل من مدينة جنداريس التابعة لعفرين إلى هذا الكهف الذي يشعر بالامتنان لصاحبه لانه يؤمن له ملاذا آمنا.
ويقول هشام "نشكر المالك على استضافتنا، ولكن كما ترون نحن مرضى، لدينا ثلاث أو أربع بطانيات فقط وجميع الأطفال مرضى دون دواء أو طعام".
وبالقرب من هشام، كان يجلس رجل عجوز آخر يدعى محمد يتحدث مع شخص آخر في الكهف واضعا على ظهره بطانية ملونة.
ويقول محمد "لقد هربنا جميعا من منازلنا الى هذا المكان وننام هنا في هذا الكهف لكنه لا يكفي بالنسبة لنا ولدينا حوالى 40 شخصا يعيشون هنا بأربع بطانيات فقط".
ومع ذلك، يعترف محمد أن الكهف أنقذ حياتهم على الرغم من المصاعب في الداخل.
واضاف "من دون هذا الكهف، كان البرد قد قتلنا، وضعنا مأساوي للغاية".