واشنطن 24 أبريل 2018 (شينخوا) توصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الثلاثاء إلى اتفاقات مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب بشأن جهود تعديل الاتفاق النووي الإيراني لاحتواء طهران لكن مع استمرار وجود خلافات في الوقت الذي توشك فيه زيارة الدولة التي يقوم بها ماكرون للولايات المتحدة على الانتهاء.
اتفاق جديد بشأن إيران
بذل ماكرون جهودا لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني المعروف دوليا باسم خطة العمل المشتركة الشاملة المبرمة في عام 2015، والتي انتقدها ترامب وهدد بالانسحاب منها منذ توليه منصبه.
ومع اقتراب انتهاء المهلة لاتخاذ قراره النهائي في 12 مايو المقبل، اقترح ماكرون الثلاثاء العمل مع روسيا وتركيا لإبرام اتفاق جديد مع إيران.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع ترامب، قال ماكرون إن الاتفاق الجديد سيشمل أربعة موضوعات هي: منع أي نشاط نووي إيراني حتى 2025 وضمان عدم وجود أي نشاط نووي على المدى الطويل ووضع حد لأنشطة طهران الصاروخية الباليستية في المنطقة وتهيئة الظروف للتوصل لحل سلمي لاحتواء إيران بالمنطقة.
وقال إن الاتفاق الحالي، الذي لا يحتوي على إجراءات للحد من قدرات طهران الصاروخية ونفوذها الإقليمي، ليس كافيا.
وتابع "لكن فور التوصل لاتفاق أوسع سنأخذ في الاعتبار مخاوف الرئيس ترامب وانتقاداته للاتفاق."
ويبدو أن تصريحات ماكرون نالت رضى ترامب حيث قال البيت الأبيض أن العرض الجديد "فكرة جيدة."
لكن ترامب رفض الإفصاح عما إذا كان سيقبل الاتفاق الجديد وسينسحب من القديم.
وقال "لكننا سنرى... سواء كان من الممكن أو لا إبرام اتفاق جديد بأسس متينة."
وأضاف "لأن ذلك الاتفاق يقوم على أسس غير سليمة. إنه اتفاق سيء. إنه يتداعى. وما كان ينبغي إطلاقا إبرامه."
وسيقرر ترامب بشأن الإبقاء على خطة العمل المشتركة الشاملة أو الانسحاب منها في 12 مايو. وبالنظر لموقف ترامب الأخير المزدري لطهران وللاتفاق، فإن فرص بقاء الولايات المتحدة في الاتفاق "تتضاءل بازدياد."
وقال ماكرون "لكن بغض النظر عن القرار الذي سيتخذه الرئيس ترامب، ما أرغب فيه، بدءا من الآن، هو إبرام اتفاق جديد يتضمن الأربعة ركائز."
الانسحاب من سوريا ليس الآن
قبل وصوله إلى واشنطن، تعهد ماكرون بإقناع ترامب بعدم سحب القوات الأمريكية من سوريا قريبا.
ووصل هدفه إلى منتصف الطريق في البيت الأبيض لأن ترامب قال ترامب إنه رغم استمرار رغبته في سحب القوات الأمريكية من سوريا قريبا، إلا أنه لا يرغب في إعطاء إيران "مجالا مفتوحا في البحر المتوسط وبخاصة أنه لا يمكننا السيطرة عليه فعلا."
وتابع ترامب قائلا "سنعود للوطن. لكن...عندما يكون لدينا حصارا قويا بالبحر المتوسط وهو أمر هام للغاية بالنسبة لي. لكن إذا لم يحدث ذلك، فستتجه إيران مباشرة للبحر المتوسط. ولا نريد ذلك."
لكن اشتكى من المشاركة الأمريكية في سوريا.
وقال ترامب "يجب أن يضاعفوا دعمهم المادي بشكل كبير وليس قليلا... يجب أن يرسلوا جنودهم لأرض المعركة وهو ما لا يفعلونه. وبدورنا سنعيد الكثيرين للوطن."
وحث دول المنطقة "الغنية للغاية" على مضاعفة إسهاماتها عسكريا وماليا للعمليات العسكرية في سوريا "لمنع إيران من الاستفادة من نجاح حملتنا ضد تنظيم الدولة الإسلامية".
وكان لعرض ترامب ثمنا. ووعد ماكرون بزيادة الإسهامات الفرنسية في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا ووافق على إدراج القضية السورية في اتفاقه الجديد للحد من نفوذ طهران وهو ما طالب به ترامب مرارا.
وقال "نحتاج على المدى الطويل تحقيق السلام والتأكد من عدم سقوط سوريا في سيطرة أحد في المنطقة." وأضاف "هذا النهج يعني أنه بإمكاننا العمل... لإحتواء إيران في المنطقة."
واتفق ترامب بقوله "عندما أبرموا الاتفاق الإيراني، ما كان يتوجب عليهم فعله هو ضم المسألة السورية."
وقال "كان عليهم إبرام اتفاق يشمل اليمن وسوريا ومناطق أخرى بالشرق الأوسط تعمل فيها إيران."
الخلافات باقية
غير أن ماكرون أقر بأنه مازال "على خلاف" مع ترامب فيما يتعلق بخطة العمل المشتركة الشاملة.
وأضاف "أقول دائما أنه ينبغي علينا ألا نمزق خطة العمل المشتركة الشاملة دون أن يكون هناك اتفاقا آخر. أعتقد أن ذلك لن يكون حلا جيدا."
وما أثار خيبة أمل ماكرون بشأن القضية السورية أن ترامب قال إن "الولايات المتحدة موجودة في الشرق الاوسط على نحو مربك،" مضيفا أنه سيسحب الكثير من الجنود من هناك.
واختلف الزعيمان حول مسألة الرسوم الجمركية على التجارة.
وقبل الاجتماع الثنائي الموسع، قال ترامب "التجارة مع فرنسا معقدة لأن هناك الاتحاد الأوروبي."
وقال "الاتحاد الاوروبي يعاملنا بقساوة شديدة. لديهم حواجز جمركية غير مقبولة".
وأضاف "علينا إحداث تغيير. الأمر غير منصف للغاية منذ فترة طويلة. كان لدينا عجزا تجاريا مع الاتحاد الأوروبي بقيمة 151 مليار دولار أمريكي العام الماضي وهذا غير مقبول."
من جانبه، قال ماكرون إنه من المهم للغاية أن نضع في الاعتبار أنه "من المستحيل شن أي حرب تجارية" بين الحلفاء وبخاصة عندما تعملون بشكل وثيق للغاية معا حول القضايا الأمنية مثل إيران وسوريا."
وفشل الاثنان في إحداث تقارب بشأن اتفاق باريس للمناخ وقال ماكرون في المؤتمر الصحفي "ستواصل فرنسا العمل على البنود الرئيسية ومنها الأثر العالمي للبيئة."
وقال داريل ويست الزميل البارز بمعهد بروكنجز لوكالة ((شينخوا)) للأنباء إن هناك العديد من التقلبات في علاقة فرنسا بترامب.
وأضاف "الزعماء الأوروبيون محبطون بشأن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ وانتقادها للاتفاق النووي الإيراني وفرضها رسوما جمركية على الدول الأخرى. كل تلك الأشياء تجعل من العسير عليهم مواصلة السياسات التي انتهجوها طويلا."