روما 28 مايو 2018 (شينخوا) للمرة الثانية في غضون أسبوع ، كلف الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا شخصية غير معروفة وليست تحت الأضواء وذات سيرة ذاتية مثيرة للأعجاب بتشكيل حكومة جديدة.
إنه الاقتصادي كارلو كوتاريلي (64 عاما) الذي كان معروفا قبل أيام قليلة مضت بأنه مدير تنفيذي سابق لمجلس إدارة صندوق النقد الدولي. ويتقلد حاليا منصب مدير جهاز رصد الحسابات العامة الإيطالية، وهو منصب سيتركه حال تعيينه في منصب رئيس الوزراء.
وكوتاريلي هو خيار أقل إثارة للجدل لهذا المنصب مقارنة بالمحامي وأستاذ القانون جوزيبي كونتي الذي شغل منصب رئيس وزراء المكلف لمدة أقل من أسبوع .
وبرز اسم كونتي (53) في عناوين الصحف بعدما أفادت تقارير بأنه كذب بشأن خلفيته التعليمية، ثم تخلى عن جهوده لتولى هذا المنصب يوم الأحد بعدما رفض ماتاريلا خياره الاستقطابي لوزير المالية.
ويكمن أكبر فرق بين المرشحين الاثنين في أن كونتي اُختير ليترأس حكومة سياسية -- فقد كان خيار حزبين قدما أداء جيدا في الانتخابات العامة التي جرت في 4 مارس، فيما يعد كوتاريلي اختيار ماتاريلا لرئاسة حكومة تكنوقراط ستقود البلاد حتى الانتخابات المقبلة.
وقد ذكر الباحث في العلوم السياسية والمحلل ماركو نيري أن أي حكومة تكنوقراط تكون مكلفة بمباشرة عمل الحكومة حتى يتم اختيار حكومة سياسية جديدة، رغم أنه يمكن منح حكومة التكنوقراط تفويضا محددا لتمرير إصلاح أو إجراء بعينه.
وقال نيري، الذي كان مستشارا لماريو مونتي الذي ترأس حكومة تكنوقراط أدارت الأمور في إيطاليا لمدة 18 أشهر انتهت في إبريل 2013، إنه "من ناحية، يعد تأثير حكومة التكنوقراط محدودا لأنه ليس في مقدورها اتخاذ قرارات سياسية"، و"لكن يمكن أن يكون لها من ناحية أخرى تأثير أكبر لأنها غير سياسية، حيث يمكنها أن تحصل على دعم مختلف الأحزاب ".
لقد كانت حكومة مونتي غير عادية لأنه في نهاية فترة تفويضها، قرر مونتي وهو مفوض أوروبي سابق، الترشح في الانتخابات العامة لعام 2013. وبسبب ذلك على الأرجح، أشار ماتاريلا يوم الاثنين إلى أن كوتاريلي وأي وزير في حكومته سيمنعون من الترشح في الانتخابات المقبلة.
"الابتعاد عن السياسة هو مطلب عادل لأن ماتاريلا يريد التأكد من أنها مهما فعلت حكومة كوتاريلي، فإنها لن تكون وسيلة لطموحات سياسية أخرى"، حسبما ذكر أوغو أريغو أستاذ العلوم الاقتصادية والإحصاء في جامعة ميلان بيكوكا خلال لقاء أجرى معه.
وعمل أريغو مع كوتاريلي في برنامج "مراجعة الإنفاق"، وهو برنامج حكومي تمثلت مهمته في خفض النفقات الحكومية: فقد ترأس كوتاريلي المبادرة وكان أريغو أحد مساعديه.
وقال أريغو لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن زميله السابق "ودود وواثق وخبير" فضلا عن كونه "اختيار مثالي" لأداء دور رئيس وزراء حكومة تكنوقراط.
وذكر أنه "ليس سياسيا على الإطلاق ، فخلفيته الاقتصادية ستمنحه القدرة على فهم ماهية المشكلات الاقتصادية وكيفية حلها"، مضيفا "ليس من الملزم أن يكون لدى أي زعيم سياسي فهم مفصل للاقتصاد ولكن في بلد مثل إيطاليا، ربما ينبغي أن يكون الأمر كذلك".
وبمجرد أن يحصل كوتاريلي على موافقة ماتاريلا على قائمة الوزراء التي سيتقدم بها -- وهي الخطوة التي أفشلت تعيين كونتي في المنصب -- رغم أن قلة يتوقعون أن بروز خلاف حول اختيارات كوتاريلي للوزراء، ستخضع الحكومة الجديدة لاقتراع على الثقة في البرلمان.
ويظل بإمكان ماتاريلا تعيين كوتاريلي حتى إذا ما خسرت الحكومة الجديدة تصويت الثقة، غير أنه بموافقة البرلمان، يمكن منح الحكومة الجديدة تفويضا لإقرار إصلاح انتخابي من شأنه أن يقلل من احتمالية حدوث فترات طويلة من الجمود مثل تلك التي ظهرت بعد الانتخابات العامة التي جرت هذا العام وفي عام 2013.