مقالة خاصة: قصص آسيا والباسيفيك حول الإصلاح والانفتاح بالصين
هونغ كونغ 20 يونيو 2018(شينخوا) في مطلع الثمانينات، عندما بُني فندق ((شيراتون السور العظيم بكين)) في بكين، أثار فضول الكثير من الناس، صينيين وأجانب.
في ذلك الوقت، لم يدرك الكثيرون أن هذا الفندق الذي اعتبر واحدا من أوائل المشاريع المشتركة الصينية - الأجنبية ، سيذكرهم بتلك الأيام قبل الإصلاح ، حيث رأوا بعدها بعقود، صينا أخرى أكثر ازدهارا وحيوية.
قال زامر أحمد أوان، وكان في تلك الفترة طالبا باكستانيا في بكين، إنه فكر وتساءل حينئذ عن "لماذا يبنون فندقا رفيع المستوى في منطقة ريفية؟ إنها مضيعة للمال. لا أحد سيحجز غرفة فيه."
كانت بكين مدينة حديثة في داخل الخط الدائري الثاني، ولكن خارجه، كانت مجرد قرية متناثرة. وخلال حياته في الصين خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، شهد أوان كيف أن البكينيين كانوا يستخدمون "قسائم الحبوب الغذائية والزيوت" للحصول على حصصهم التموينية اليومية.
حاليا، يعتبر أوان، الذي يشغل منصب نائب عميد مركز الدراسات الصينية للمتميزين في الجامعة الوطنية في مدينة إسلام آباد الباكستانية، شاهدا على رحلة الصين في الإصلاح والانفتاح ، مثله مثل الكثيرين من الدول المجاورة.
العيون تتطلع إلى مستقبل مشرق
لقد كان عام 1978 عاما هاما جدا للصين، حيث بدأت البلاد مرحلة جديدة للإصلاح والانفتاح .
في نفس العام، بدأ عرض الفيلم الياباني ((المطاردة))، في دور السينما بالصين، ونال شهرة واسعة.
وحتى الممثلة ريوكو ناكانو التي شاركت ببطولة الفيلم، شعرت بمفاجأة شديدة جدا عندما زارت الصين عام 1979، وعرفت مدى شهرتها وشعبيتها، حيث كانت الهتافات تتعالى لها أينما ذهبت.
وقالت معبودة الجماهير اليابانية "لقد رأيت بحرا من الدراجات الهوائية في شوارع بكين الرئيسية، وأنا أنظر من نافذة الفندق الذي سكنت فيه."
وأضافت، ورغم أن الصينيين كانوا يرتدون نفس الملابس تقريبا، ولكنهم يبدون في أشد الحيوية والتطلع لخلق مستقبل.
وعندما سؤلت عن أول انطباع لها عن الصين، تذكرت النجمة السينمائية اليابانية رؤية تلك الشعارات التي كانت منتشرة في كل حدب وصوب، وخاصة شعارات مثل "الإصلاح والانفتاح"، و"الاعتماد على النفس".
ولكن أكثر ما أعجبها كانت عيون الناس المتطلعة لمستقبل مشرق، حسب قولها.
ويمكن اعتبار رحلة الممثلة ناكانو حلقة واحدة من مسلسل التعاون الصيني-الياباني، والذي تسارع في السبعينات.
في خريف عام 1978، زار الزعيم الصيني (الراحل) دنغ شياو بنغ، اليابان، مستهلا التعاون المتبادل.
وأصبحت الصين، بعد 40 عاما، أكبر شريك تجاري لليابان، وأضحت اليابان ثاني أكبر شريك تجاري للصين.
ما بين 2013 و2016 بلغت التجارة الثنائية بينهما 1.2 تريليون دولار أمريكي، وتجاوزت القيمة التجارية بالمعدل 800 مليون دولار باليوم، مساوية تقريبا للقيمة السنوية في عام 1972، عندما استأنف الجاران تطبيع العلاقات الدبلوماسية.
وفي حديث مع ((شينخوا))، قال رئيس الوزراء الياباني الأسبق ياسو فوكودا "إنها فكرة عامة لدى البشر أن يتم بناء عالم خال من النزاعات ، عالم يتمتع بفرص تنمية متساوية، وكل إنسان فيه يتمتع بالسعادة".
وأضاف أن "مقترح الصين لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، يجسد رؤية ثاقبة. وأتمنى أن تعمل الدول يدا بيد على تحقيق هذا الهدف."
من الدراجات الهوائية إلى القطارات فائقة السرعة
لقد زار فوكودا الصين مرات عديدة. وفي خضم إعجابه بخطوط السكك الحديدية والقطارات فائقة السرعة ، قال فوكودا في مقابلة سابقة إن "قاوتيه" وتعني القطارات الفائقة السرعة ، تمثل التنمية الشاملة العالية السرعة في الصين.
وأضاف "تشهد مدن الصين تحسنا مستمرا في الترتيب والتنظيم سنة بعد أخرى، والآن لا يوجد فرق بين مدن الصين ومدن الدول المتطورة."
ومضى يقول "لقد شاركت في العديد من الحوارات اليابانية-الصينية والمتعددة الأطراف ، التي تشمل كلا من اليابان والصين. وفي هذه الحوارات، غالبا ما يأتي الجانب الصيني بأفكار ومفاهيم جديدة، وهي ثقة ناجمة عن التطور الهائل بالقوة الوطنية الشاملة."
ومن "الاستقبال" إلى "الخروج للعالم" ومن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية إلى مبادرة الحزام والطريق، ظلت الصين تتحمل مسئولياتها كدولة رئيسية، وتساعد في التكيف مع الأزمات المالية التي شهدتها آسيا والعالم، وأضحت محرك النمو وعمود الاستقرار للاقتصاد العالمي.
وتعليقا على التنمية الاقتصادية في الصين، قال نائب رئيس الوزراء التايلاندي الأسبق ، بينيت جاروسمبات "إن النمو المستدام للاقتصاد العالمي يمكن أن يتحقق (فقط) بفضل كون الصين محركا للنمو."
واستذكارا لأول زيارة له للصين عام 1976، قال إنه دُعي إلى مأدبة ليس فيها سوى 3 أطباق، وواحد منها فقط فيه لحم.
واليوم، تستقبل تايلاند ملايين الزوار الصينيين سنويا، في حين بلغت التجارة البينية السنوية 80 مليار دولار. وأصبحت اللغة الصينية أكثر اللغات الأجنبية شيوعا ، بعد الإنجليزية واللغة التلاندية الأم طبعا.
العمل معا من أجل التنمية المشتركة
في الجزء الجبلي الشمالي من لاوس ، حيث ينتهي فصل الجفاف في مايو، يعمل آلاف من عمال السكك الحديدية الصينيين على مدار الساعة ، لبناء خط سكك حديد الصين-لاوس ، وهو شريان نقل حيوي للممر الاقتصادي بين الصين ولاوس .
قال تشنداساك نوتمانخونغ، مدير شركة تجارة المواد البترولية لعموم البلاد في لاوس "هذه السكك الحديدية ستطور القرى البدائية على طول مسارها، وستشهد حياة القرويين تغيرات تهز الأرض ."
خلال العقود الأربعة الماضية، بذل البناة الصينيون الجهد والعرق، لتحقيق حلم أن تصبح البلاد قوية وغنية ، وتحقق التطور الاجتماعي الكبير المنشود.
واليوم، يسهم المفهوم الصيني لإقامة نظام حوكمة عالمي جديد، في ضخ حيوية متجددة في التنمية المشتركة للعالم.
ومنذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، ظلت الصين تطبق فلسفتها الدبلوماسية لحسن الجوار والتي تتمثل في التفاهم الودي والإخلاص والمنفعة المتبادلة والشمولية.
وتدعو الصين أيضا إلى مفهوم الأمن الآسيوي ، وإلى توسيع وتعزيز التعاون الإقليمي ، وتقديم الحلول للقضايا الساخنة، وحشد التوافق والقوة الواسعين من أجل بناء مجتمع آسيوي ذي مستقبل مشترك.
قال بيتر دريسدال، رئيس مكتب شرقي آسيا للبحوث الاقتصادية في الجامعة الوطنية الاسترالية ، "إن التمسك بالإصلاح الاقتصادي ومبادئ السوق، تؤكد النجاح الاقتصادي للصين وتنميتها الاجتماعية ".
وأضاف "إن فكرة(بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية) تمثل مرجعا هاما في العلاقات الدولية. والمقاربات المتعلقة بمجالات مثل تغير المناخ والسياسة التجارية ومبادرة الحزام والطريق، تشكل جميعها أجزاء من المستقبل المشترك الممكن تحقيقه.