مقابلة خاصة: سفير الإمارات: مع زيارة الرئيس الصيني التاريخية...الصين والإمارات تقدمان "نموذجين ملهمين" للعالم
بكين 18 يوليو 2018 (شينخوا) أكد سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الصين الدكتور علي عبيد الظاهري أن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ المرتقبة لدولة الإمارات تكتسب أهمية تاريخية وتندرج ضمن المساعي الدبلوماسية الثنائية على أعلى مستوى لتعزيز العلاقات الإستراتيجية بين البلدين وتأتي تأكيدا على ما بلغته العلاقات الثنائية من قوة وتقارب، متطلعا إلى أن يقدم البلدان في ظل زيارة الرئيس شي "نموذجين ملهمين على المستوى العالمي".
جاءت تصريحات السفير الإماراتي خلال مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) قبيل جولة الرئيس الصيني شي جين بينغ الخارجية حيث سيقوم بزيارة دولة لكل من الإمارات والسنغال ورواندا وجنوب أفريقيا في الفترة من 19 إلى 24 يوليو الجاري وسيشارك في القمة العاشرة لمجموعة بريكس التي ستعقد بين 25و27 من الشهر نفسه في جوهانسبرج وسيزور موريشيوس في طريق عودته.
ووصف السفير زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ المرتقبة لدولة الإمارات بأنها "تاريخية"، فهي الأولى من نوعها منذ ديسمبر 1989، مضيفا أن "كون الإمارات المحطة الخارجية الأولى للرئيس شي بعد إعادة انتخابه رئيسا للبلاد يعد دلالة على ما تحظى به العلاقات الإماراتية الصينية من مكانة كبيرة في سلم أولويات قادة البلاد".
وأشار إلى أن الملف الاقتصادي هو القاطرة التي تقود مسيرة نجاح العلاقات الثنائية، حيث تضاعف حجم التبادل التجاري بين البلدين 800 مرة خلال ثلاثة عقود ونصف ليتجاوز حتى الآن الـ40 مليار دولار. علاوة على ذلك، تحتل الصين المرتبة الأولى على سلم الشركاء التجاريين للإمارات التي تمثل بدورها أول شريك تجاري للصين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في التجارة غير النفطية.
وفيما يخص القطاع المصرفي، قال السفير إنه من الضرورة بمكان الإشارة إلى أن البنوك الصينية تحتل المراكز العليا في مركز دبي المالي العالمي من حيث الأصول، ويتم تمويل التجارة مع الصين باستخدام الإمارات كمركز جغرافي ولوجستي مفيد في الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، فيما يتمتع اليوان الصيني بمكانة خاصة في قطاع المصارف، وهناك اتفاق لتبادل العملات بين البلدين بما يخفض تكاليف وزمن التداول.
وألمح إلى أن صندوق الاستثمار الإماراتي الصيني المشترك وبنك المقاصة للعملة الصينية في الإمارات بالإضافة إلى العديد من المشروعات المنجزة أو في طور الإنجاز بين البلدين تعد "بمثابة قطع فنية تشكل مجتمعة صورة نموذجية يحتذى بها للتعاون متبادل المنفعة" في القطاع المصرفي خاصة والقطاع الاقتصادي عامة لما فيه مصلحة الشعبين والبلدين.
وعزا السفير الإماراتي المكانة الهامة التي تحتلها الثقافة على لائحة برامج التعاون الثنائي إلى ما يتميز به البلدان من حضارة ثرية تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، مشيدا بالجهود التي تبذلها الدولتان لدفع التبادلات الثقافية والتعليمية.
وضرب مثالا على هذه الجهود بالخطوة الثنائية التي أقدم عليها الجانبان بإعفاء مواطني كل منهما من التأشيرة لزيارة البلد الآخر والتي من شأنها أن تنشط حركة السياحة بين البلدين وتعزز التواصل بين الشعبين، منوها أيضا إلى معهد كونفوشيوس بالإمارات وكذا مركز الشيخ زايد لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة بكين للدراسات الأجنبية الذي وصفه بأنه منارة للعلم وجسر يربط بين الحضارتين العربية الإسلامية والصينية وهمزة وصل بين ثقافات الشعبين.
ويرى السفير زخما واعدا لتعاون الجانبين في صناعات رائدة مثل الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي ، حيث أكد أن الشركات الصينية حاضرة بقوة كفاعل رئيسي في أجندة الإمارات في الاعتماد على الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي كمفاتيح للمستقبل، إذ سبق وأن تم التوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم تعنى بهذه المجالات الرائدة.
وفي الوقت ذاته، قال إن الإمارات تنظر بعين التقدير لتجربة الصين تحت قيادة الرئيس شي وتعتبرها نموذجا يحتذى به ومصدر إلهام لكل دولة تريد أن تشق طريقها نحو المستقبل بسرعة ولكن بثبات، مثمنا جهود الحرب على الفساد والقضاء على الفقر وواصفا إياها بأنها لا تزال حثيثة حتى أصبحت معدلات الصين في اجتثاث الفقر الأعلى عالميا.
ويرى السفير أن أفكار الصين في التنمية والحوكمة متجسدة أيضا في مبادرة الحزام والطريق، قائلا إن الإمارات داعم رئيسي ومشارك أساسي في المبادرة التي أطلقها الرئيس شي في عام 2013، وكانت من أوائل الدول التي انضمت إليها، كما أنها عضو مؤسس في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.
وأضاف أن الإمارات تنظر إلى مبادرة الحزام والطريق بعين التفاؤل والأمل، لتحقيق تعاون اقتصادي واستثماري مشترك في شتي المجالات، خاصة وأن المناخ التجاري والاستثماري في الإمارات يحظى بالمقومات والحوافز التي تجعل منها إحدى أبرز الدول المؤهلة لدعم المبادرة وتفعيل مشاريعها ومن ثمة إنجاحها.
وأعرب السفير عن إعجاب الجانب الإماراتي بفكرة الرئيس شي "لبناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية"، حيث يرى أن إدراجها في قرار للأمم المتحدة يعد دليلا على اعتراف عالمي بها وإدراكا من الجميع بأن "تعزيز التعاون الإقليمي والدولي هو خير سبيل لتسريع وتيرة التنمية وإحلال الأمن ودعمه". كما لفت إلى أن الإمارات تؤمن بأن بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية أمر أساسي لتحقيق النمو الاقتصادي في عالم تكمل فيه الدول بعضها بعضا وتقف سويا في مواجهة التحديات الأمنية كآفتي الإرهاب والتطرف.
كما شدد على أهمية التعاون السياسي الثنائي في سبيل إرساء الاستقرار دوليا وإقليميا في ظل ما يشهده العالم العربي من اضطرابات في بعض أرجائه، مؤكدا أن الصين حاضرة بشكل إيجابي وبناء في المشهد السياسي العربي عامة كداعية للحوار لنبذ الخلافات وتقريب وجهات النظر.
وفي الختام رسم السفير الإماراتي صورة لآفاق التعاون المشرق بين البلدين في ضوء زيارة الرئيس شي، مؤكدا أن الزيارة ستكون دافعا قويا من أجل تنويع وتعزيز مجالات التعاون الثنائي وخاصة في إطار مبادرة الحزام والطريق، وأن الإمارات هي خير شريك في ضوء ما تذخر به من مقومات لوجستية وجغرافية إضافة إلى رشاد قيادتها وانفتاح شعبها وتمتعها بمناخ استثماري محفز وسليم.