النص الكامل لمقال الرئيس الصيني شي جين بينغ الموقع لوسائل الاعلام السنغالية
بكين 20 يوليو 2018 (شينخوا) نشر الرئيس الصيني شي جين بينغ اليوم (الجمعة) مقالا تحت عنوان "سونو جابو، الصين والسنغال!" في صحيفة (LE Soleil)، أو (الشمس)، السنغالية وذلك قبيل زيارة الدولة المرتقبة للسنغال.
وفيما يلي النص الكامل للمقال:
سونو جابو، الصين والسنغال!
شي جين بينغ
رئيس جمهورية الصين الشعبية
حينما نتحدث عن السنغال، فإن أول ما يأتي في الأذهان أسود التيرانجا وفريقها الوطني لكرة القدم، الذي يعد أحد أفضل منتخبات أفريقيا، ورالي داكار وهو الأصعب في العالم. والسنغال هي أيضا دولة تتمتع بتاريخ مشرف وثقافة غنية ووطن للكثير من الشخصيات الشهيرة. وكان ليبولد سيدار سينغور، وهو الرئيس المؤسس، شاعرا وكاتبا شهيرا. وخلال زيارته للصين عام 1974 أجرى محادثات مع الزعيم ماو تسي تونج بشأن الشعر. كما أن أعماله التي تدافع عن السود ألهمت شعب السنغال وشعوب افريقيا بشعور قوي بالفخر الوطني والثقة الوطنية.
وخلال السنوات الأخيرة وتحت قيادة الرئيس ماكي سال، أصبحت السنغال أرضا للنمو القوي، وتخطو خطوات واسعة نحو الأهداف الطموحة الموضوعة في خطة السنغال الصاعدة. اتطلع لأن تكون زيارتي المقبلة للبلاد بناء على دعوة الرئيس سال فرصة لتعزيز التفاهم المتبادل والصداقة المشتركة وتعميق التعاون ودفع العلاقات الصينية-السنغالية.
وتمتد العلاقات الصينية السنغالية لـ47 عاما، وخلال تلك السنوات ورغم التقلبات وربما النكسات في بعض الأوقات تميزت تلك العلاقات بشكل أساسي بالدعم المتبادل والتعاون الودي والألفة بين شعبي البلدين. وفتح استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 2005 فصلا جديدا في العلاقات الصينية-السنغالية، حيث تدعم الصين السنغال في اختيار مسار تنمية وفقا لظروفها الوطنية وتدعم السنغال الصين بقوة في قضايا تتعلق بمصالحها الجوهرية.
تتمتع الدولتان الآن بثقة سياسية متبادلة معززة وتعاون عملي مثمر يصب في مصلحة البلدين وتنسيق وثيق بشأن القضايا الدولية والاقليمية الكبرى، حيث ترقت العلاقات بين الصين والسنغال من مستوى الشراكة التعاونية الودية طويلة الأجل إلى شراكة استراتيجية شاملة.
اليوم، تعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري للسنغال وأكبر مستورد للفول السوداني السنغالي، ونما حجم التجارة بين البلدين 16 مرة في أكثر من عقد واحد فقط، كما تعد الصين اكبر مصدر للتمويل بالنسبة للسنغال، فالكثير من المشروعات التي تمولها الصين، بما في ذلك جسر فاوندوجني وطريق ثيس-توبا السريع، ستعزز النمو الاقتصادي للسنغال، كما سيساهم مشروع تزويد المناطق الريفية بالمياه، الذي يشمل 251 بئرا و1800 كيلومتر من الانابيب، الممول من الصين، في استفادة سبع سكان السنغال، كما بني المسرح الوطني الكبير ومتحف الحضارة السمراء وحلبة المصارعة الوطنية بمساعدة صينية، وستعمل هذه المشروعات الهامة على نقل الثقافة وعادات وتقاليد السنغال.
وكما تقول الحكمة الصينية "مثلما تختبر المسافة قوة الخيل، يكشف الزمن عن إخلاص المرء"، فمنذ عقود، تأثر الرئيس سنغور بشدة حينما رأى خبراء الزراعة الصينيين يكدحون جنبا إلى جنب مع القرويين السنغاليين في الحقول والطين في أيديهم. اليوم، لا يزال الخبراء الصينيون هناك، يعملون مع أشقائهم السنغاليين في تكنولوجيا زراعة الأرز والخضروات. وهكذا امتدت جذور الصداقة في قلوب الشعبين. ففي عام 2013 شارك بيراما ديادجي توري، سنغالي يبلغ من العمر 65 عاما، في سباق المعرفة الصيني وحصد الجائزة الكبرى من بين 250 الف متسابق من كل أنحاء العالم، ودعي بيراما في وقت لاحق لزيارة الصين وتحقيق حلمه الطويل. والآن، فإن قرابة 800 طالب سنغالي يدرسون في الصين وازداد عدد الزوار للسياحة والاعمال بين البلدين بأكثر من 20% سنويا. ومع كل مكالمة هاتفية وكل بريد الكتروني وكل مصافحة، فإن تفاهمنا المتبادل يصبح أعمق ورابطة صداقتنا تصبح أقوي.
وتقول حكمة لعرقية الولوف "الرجل علاج الرجل" ويوازيها القول الصيني الشائع "واحد للكل والكل لواحد". مرت الصين والسنغال وباقي الدول الافريقية بالسراء والضراء معا. كما انها مرت بالخبرات التاريخية ذاتها والمهام التنموية ذاتها وكذا التطلعات المشتركة من أجل حياة أفضل. ومن أجل تحقيق التنمية المشتركة والازدهار، نحتاج إلى التعاون فيما بيننا من أجل بناء مجتمع مصير مشترك صيني-افريقي أقوى.
ففي عام 2013، طرحت مبادرة الحزام والطريق وهي مسار للتنمية المشتركة عبر تحسين البنية التحتية والارتباطية وربط بين استراتيجيات التنمية بشكل أكبر. ورحبت بها السنغال بشدة وكذا الدول الافريقية الأخرى التي أظهرت اهتماما كبيرا للإنضمام إلى آلية الحزام والطريق للتعاون. وفي سبتمبر هذا العام، ستشهد العاصمة الصينية بكين انعقاد قمة منتدى التعاون الصيني-الافريقي. وبالجمع بين مبادرة الحزام والطريق وأجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 وأجندة 2063 للاتحاد الافريقي وخطط التنمية الوطنية للدول الافريقية، ستخلق القمة أرضيات جديدة للتعاون الصيني-الافريقي، كما ستقدم لنا فرصة رفع العلاقات الصينية-السنغالية إلى مستوى أعلى.
علينا ان نتمسك بالمساواة والثقة المتبادلة. كصديقين وشريكين نثق في بعضنا البعض ونساعد بعضنا البعض باخلاص، فإن الصين والسنغال في حاجة لتبني منهج طويل الأجل لتنمية العلاقات الثنائية ودعم كل طرف للآخر فيما يتعلق بالاهتمامات الأساسية والشواغل الرئيسية.
نحن في حاجة لتدعيم الربط بين استراتيجياتنا، فالاقتصاد السنغالي في مرحلة تحول هامة، والصين تسعي لتنمية عالية الجودة، وفي ضوء ذلك، فإن الصين مستعدة لزيادة تعزيز التبادلات بشأن الحوكمة مع السنغال ومشاركة خبرات الصين المتراكمة على مدار أربعة عقود من الاصلاح والانفتاح، بما في ذلك التنمية الصناعية والنهوض الريفي ومكافحة الفقر ما يصب في صالح البلدين.
نحن بحاجة لتعميق التعاون العملي وتعزيز مبادرة الحزام والطريق ومنصة منتدى التعاون الصيني-الافريقي، والصين ستعمل مع السنغال من أجل استغلال نقاط القوة التي نمتلكها في مجالات التجارة ومعالجة المنتجات الزراعية والمائية، والبنية التحتية والقدرة الانتاجية والمناطق الصناعية وتنمية الموارد البشرية، كلها مجالات مهمة لتعزيز قدرة السنغال على تحقيق التنمية الداخلية. فالصين تأمل في مناقشات وتعاون أوثق مع السنغال من أجل ان تكون الترتيبات المالية مبنية على تخطيط جيد ومقبول اقتصاديا ويمكن تنفيذه بأسلوب تدريجي، ومن ثم ضمان استدامتها.
نحن بحاجة إلي تعزيز العلاقات الشعبية بين الصين والسنغال، من المهم زيادة تعزيز التبادلات الودية بين مؤسسات التعليم والبحوث ودوائر الثقافة والفنون ومنظمات الإعلام والشباب، وبذلك يمكن لقطار التعاون الصيني السنغالي السريع ان ينطلق بسلاسة.
نحن بحاجة الى تعزيز التعاون في القضايا الاقليمية والدولية. ستعزز الصين الاتصالات والتنسيق مع السنغال بشأن القضايا الكبرى ذات الصلة بالأمم المتحدة وستتمسك بنظام التجارة متعدد الأطراف ومكافحة التغير المناخي وتعزيز السلام والتنمية في افريقيا. نتطلع أيضا إلى العمل مع السنغال في إطار المنتدى من أجل تعزيز الآليات الخاصة بالمنتدى وعلى النطاق الأوسع العلاقات بين الصين والدول الافريقية.
الاحلام المتشابهة والمصير المشترك يجمعان بين الشعبين الصيني والسنغالي، ولذلك فإن مهمتنا المشتركة هي التلاحم من أجل التعاون متبادل النفع من أجل جني ثمار أكبر. سونو جابو، الصين والسنغال!