من محجر إلى واحة ... تحقيق حلم الجنود المتقاعدين الـ12 في شمال غربي الصين
يينتشوان 2 أغسطس 2018 (شينخوا) أشعل لي كاي موقدا كبيرا ليرحب بالضيوف في مزرعته الغابية بمدينة يينتشوان حاضرة منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي في شمال غربي الصين.
وبينما كانت النار مُتّقدة ويسطع نورها في عينيه؛ قال لي إن الجهود التي بذلها ورفاقه في الأعوام الثمانية الماضية قد عادت عليهم بالخير بعد أن تحولت المزرعة إلى مكان مفهم بالحيوية حاليا.
يُشرف لي كاي وزملاءه الـ 11 على الأعمال في مزرعة كايشين الغابية، وقد كانوا سابقاً جنودا يخدمون في نفس الوحدة العسكرية ما وطد علاقات الصداقة العميقة بينهم.
انتسب لي كاي إلى صفوف الجيش في عمر الـ 19، وبعد ثلاثة أعوام تقاعد من الجيش وعاد إلى مسقط رأسه في مدينة يينتشوان، وأنشأ شركة لتجارة المركبات.
ومع تطور أعمال شركته، بدأت حياته تدخل نفق الرتابة، غير أن إعلاناً أصدرته حكومة نينغشيا بشأن تأجير محجر قديم يغطي مساحة 18 هكتارا قد أثار اهتمامه، فدعا زملاءه للمشاركة في تمويل مقاولة هذه الأراضي المتصحرة.
وتابع لي قائلاً: إن الحكومة الصينية تهتم كثيراً بالتشجير وزيادة مساحات الغطاء النباتي في عموم أرجاء البلاد، وباعتباره جنديا قديما؛ أرغب في تقديم مساهمة في هذا المجال، حيث كان يتطلع لهدف بناء مركز لرعاية المسنين بعد إتمام بناء المزرعة الغابية، ليوفر "بيتا" للجنود المتقاعدين وغيرهم من المسنين المحتاجين.
لكن بناء واحة ليس بالأمر السهل، لأن منسوب المياه الجوفية منخفض في هذه الأراضي، ومن الصعب جدا أن تمتص النباتات المياه بسبب طبيعة التربة، ما دفع مالكَي المزرعة السابقين للتخلي عنها.
وحول ذلك قال لي: " لكني راهنت على عزيمة وإصرار وشجاعة الجنود القدماء لتحدي الصعاب والتغلب عليها "
وسعياً وراء الحلم؛ نقل لي كاي وزملاؤه الماء من النهر الأصفر الذي يبعد عن المزرعة بمسافة 5 - 6 كيلومترات، وأنشأوا نظام ري بالتنقيط لتوفير الماء، كما قاموا بتنظيف الرمال التي سدّت أنابيب الري الواحد تلو الآخر، وواظبوا على العمل الدؤوب الجاد على مدار الأيام.
وفي الليل، تغص الغرفة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 5 إلى 6 أمتار مربعة ببضع عشر شخصا، بينما يغطي سقفها سواتر وأغطية بلاستيكية، أما مياه الشرب؛ فكانوا يحضرونها من مستوعب مياه صغير يبعد عنهم عدة كيلومترات.
بدوره؛ قال هو تشنغ، موظف في المزرعة، إن الأغاني التي تعلموها في الجيش ساعدتهم كثيراً في نسيان المصاعب والمشاق التي كانت تواجههم خلال أعمالهم، ما أمدّهم بالقوة والعزيمة لمواصلة العمل بغض النظر عن التحديات في العمل و الحياة.
لم يدّخر هؤلاء الجنود جهودهم، وتصببت جباههم عرقاً حتى حققوا حلم تحويل تلك الأراضي المجدبة إلى غابات خضراء، وتمكنوا من زراعة ما يزيد عن 400 ألف من الأشجار وبنوا بركة لتربية الأسماك.
ومع تطور أعمال المزرعة؛ بدأ لي كاي وزملاؤه استقبال الزوار، وحصل على رخصة لإقامة فعاليات ونشاطات ترفيهية في المزرعة في مايو الماضي، فزاد عداد الزوار وارتفعت إيرادات المزرعة يوما بعد يوم.
وحول ذلك قال لي إن المزرعة تنمو بشكل جيد وتتجه صوب آفاق جديدة أوسع، بينما سيواصل الجنود المتقاعدون بذل جهودهم لتقديم المساعدة للمجتمع.