تحقيق إخباري: ناجية سورية تروي تفاصيل خسارة عائلتها على يد مسلحي "داعش"

2018-08-19 11:29:58|arabic.news.cn
Video PlayerClose

السويداء، سوريا 18 أغسطس 2018 (شينخوا) لم تكن الفتاة حنين الجباعي، البالغة من العمر 17 عاما، تعلم أن حياتها بعد 25 يوليو الماضي ستتغير جذريا، بعد مصرع والدتها، وخطف شقيقتيها وقتلهما بعد حين، من قبل تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي "داعش"، في قرية الشبكي بالريف الشرقي لمحافظة السويداء (جنوب سوريا).

هذه الفتاة، التي كانت ترتعد من الخوف، وهي تروي لوكالة أنباء ((شينخوا)) يوم السبت، ما حدث معها من أحداث مؤلمة، إذ شاهدت بأم عينها مقتل أمها المريضة، التي حاولت الدفاع عن بناتها، وكيف أنها فضلت أن ترمي بنفسها في خزان ماء، كان موجودا داخل منزلها، هربا من المتشددين، مما كاد يودي بحياتها.

وفي تلك الليلة السوداء، استيقظت حنين على صوت إطلاق نار كثيف خارج منزلها. لم تكن تعرف ماذا يحدث، لتشاهد بعد ذلك والدتها وهي تحمل عصا في محاولة لمنع مسلحين من اقتحام منزلهم.

لم يكن ذلك حلماً، وإنما كان أسوأ كابوس شاهدته بحياتها، إذ قام مسلحون ينتمون لتنظيم "داعش" بمهاجمة قريتها، الشبكي، التي كانت تعيش بسلام قبل ذلك اليوم، والانتشار في طرقاتها واقتحام بيوتها الآمنة.

ليلتها، ذهبت هذه الفتاة المراهقة للنوم مبكرا دون أن يخطر ببالها بأن قريتها المسالمة ستشهد هجوما وحشيا مباغتا من قبل "داعش" قبل الفجر، وأن مصيبتها ستكون ضخمة ومؤلمة وحزينة.

وقالت حنين "استيقظت على صوت إطلاق رصاص يخترق باب منزلنا الحديدي، ودخل مسلحون المنزل وقتلوا أمي. أرادوا أخذي معهم، لكنني قاومت، وطلبت من شقيقتاي القفز إلى خزان ماء كان داخل منزلنا".

وأضافت الجباعي إنها لم تجد طريقة أخرى إلا القفز في خزان الماء لتشجيع شقيقتيها، وكلتاهما دون 12 سنة، من أجل اللحاق بها على أمل أن يتمكنوا من البقاء أحياء.

وتابعت حنين، المتشحة بالسواد حدادا على عائلتها، "رميت بنفسي أمامهما (شقيقتي) لكنهما كانتا خائفتين بعدما رآنا مقاتلو داعش وأمسك أحدهم بيدي بينما كنت أحاول الاختباء داخل الخزان الذي كان ممتلئا حتى نصفه، لكنني تمكنت من إفلات يدي من قبضته، لكنه أمسك بشقيقتي ولم يسمح لهما بالقفز ورائي".

الاختباء داخل الخزان أنقذ حياة حنين، وظن إرهابيو "داعش" أنها غرقت، وقاموا بأخذ أختيها إلى خارج المنزل وقتلهما بعد حين.

وبقيت الفتاة في مكان اختبائها حتى لم تعد تسمع صوت إطلاق رصاص. عندها، خرجت من الخزان وألقت نظرة في المكان، وكان أول شيء تراه جثة والدتها بالقرب من الباب.

وأضافت "عندما غادرت خزان المياه، أسرعت إلى المكان الذي كان فيه دواء والدتي وابتلعت كمية كبيرة منه في محاولة لأنتحر، خوفا من عودة الإرهابيين مرة أخرى".

لحسن الحظ، لم تمت هذه الفتاة، لكنها أصيبت بإغماء بسبب الأدوية، ولم تستيقظ إلا وهي على سرير المستشفى في مدينة السويداء.

وقالت الفتاة، التي تعيش الآن مع خالها، شقيق أمها في مدينة السويداء، وهي تتذكر أمها وشقيقتيها، إنها لم تكن لتتخيل حياتها بدونهم، ولكن "الحياة يجب أن تستمر".

وتابعت حنين، وعيناها تغرورقان بالدموع، "إنني أتقبل حقيقة أنهم ذهبوا ولم يختطفوا لأنني على الأقل حظيت بخاتمة".

وأضافت "الآن أريد مواصلة دراستي لتحقيق حلم عائلتي في أن أصبح طبيبة".

ولم تقم الفتاة بزيارة منزلها في القرية بعد الهجوم، قائلة إنها لا تستطيع العيش هناك مجددا بعد أن فقدت عائلتها.

لكنها قالت إنها ستزور بيتها فقط لإلقاء نظرة على متعلقاتها في المنزل القروي البسيط، وهو عبارة عن منزل مكون من طابق واحد بداخله بضع قطع من الأثاث.

لا توجد سرائر داخل المنزل، ولكن هناك بضع فرشات مرمية على الأرض، ما يبين أنهم كانوا نيام لحظة الهجوم الشرس، الذي تدل عليه الفجوات الناجمة عن الرصاص في الجدران والباب الحديدي وزجاج النوافذ المتكسرة المبعثر على الأرض.

وفي المنزل الذي يقع في الجهة الشرقية الجنوبية من القرية، لا تزال دماء والدتها بالقرب من الباب الأمامي منتشرة على الأرض إلى جانب العصا الخشبية، التي كانت تحملها في محاولة يائسة للدفاع عن نفسها وبناتها.

وقرية الشبكي، هي واحدة من خمس قرى هاجمها مسلحو تنظيم "داعش" في 25 يوليو الماضي في ريف السويداء بالقرب من المنطقة الصحراوية.

ويعد الهجوم هو الأكبر في السويداء منذ بداية الحرب في سوريا منذ أكثر من سبع سنوات، حيث قُتل أكثر من 260 شخصًا في الهجمات على القرى وتفجيرات انتحارية وقعت داخل مدينة السويداء.

وقام مسلحون من التنظيم المتطرف باقتحام منازل في هذه القرى، واختطفوا بعض الأشخاص بعدما قتلوا آخرين.

وكان الهجوم مباغتا من قبل "داعش"، حيث لم يكن أحد يعتقد أن قلة من مقاتلي التنظيم في الصحراء سيجرؤون على شن مثل هذا الهجوم قبيل الفجر.

في وقت الهجوم كان الشاب لورانس جباعي، ابن عم حنين، في المنزل مع والده على بعد أمتار قليلة من منزلها.

وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن مسلحين من "داعش" قاموا أيضا باقتحام منزله وأردوا على الفور والده الذي استيقظ على صوت إطلاق النار خارجاً وحاول جلب بندقيته لصدهم.

وتابع لورنس، أن المسلحين لمحوا ابن عمه، وهو خريج كلية الحقوق ويبلغ من العمر 34 سنة، وصرخوا عليه كي يستسلم، حينها وقع إطلاق نار من منزل قريب آخر، ما صرف انتباههم للحظات قليلة كانت كافية بالنسبة له ليفر من المنزل.

وانتاب لورانس، الذي كان يرتدي الزي العسكري ويحمل بندقية روسية، القلق بشأن منزل حنين، الذي توفي والدها منذ فترة طويلة.

واقترب من المنزل لكنه لم يتمكن من دخول المنزل من بابه، فقام مع سكان آخرين من القرية بتحطيم نافذة في الجهة الخلفية من المنزل ودخلوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وقال "بعد فترة من الاشتباكات، تمكنت من الوصول إلى المنزل وكنت من أول الواصلين إلى المنزل لكن وجود قناصين بالقرب منه جعلني اضطر للاشتباك معهم في معركة نارية".

وكان أول شيء شاهده هناك جثة أم حنين على الأرض.

وقال "لقد وجدنا حنين داخل صندوق الأريكة الخشبي، ترتجف دون وعي، حينها أسرعنا بنقلها إلى المستشفى".

وأضاف أنه بعد انسحاب مقاتلي "داعش" عقب وصول تعزيزات من الجيش السوري، دخلوا منزلا كان مقاتلو "داعش" متمركزين فيه وعثروا على عدة جثث محترقة، من بينها أختي حنين.

بعد الهجوم، بقي هو ورجال آخرون في القرية في حالة تأهب، وقاموا بدوريات على مدار الساعة تحسبًا لأي هجوم من داعش، رغم قيام الجيش السوري بدفع مقاتلي "داعش" للتراجع ومحاصرتهم في منطقة تسمى تلول الصفا في أقصى الشرق من ريف السويداء.

حنين رغم حزنها الشديد جراء خسارة عائلتها إلا أنها ما تزال تملك عزيمة قوية على تحقيق حلمها وطموحها بأن تصبح طبيبة، تبلسم جراح الناس.

الصور

010020070790000000000000011101451374018131