مقالة خاصة: هل يتسبب تراجع الليرة التركية في أزمة عالمية؟

2018-08-20 14:09:56|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 20 أغسطس 2018 (شينخوا) شهدت العملة التركية الليرة تراجعا هائلا خلال الفترة الماضية، وخسرت حوالي 40% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية العام، ما أدى إلى سلسلة من ردود الفعل في السوق الدولية، حيث شهدت أسواق الأوراق المالية في الاقتصادات المتقدمة انخفاضا كبيرا، في حين تواجه عملات الأسواق الناشئة مثل الراند الجنوب أفريقي والريال البرازيلي والبيزو الأرجنتيني أيضا ضغوطا حيال تراجع قيمتها. فهل سيؤدي تراجع الليرة التركية إلى أزمة عالمية؟!.

-- مدى تأثيره على الاقتصادات في العالم

أفاد كبير الاقتصاديين في شركة ((تشونغتاي)) للأوراق المالية، لي شيون لي، أنه نظرا لانكشاف بنوك أوروبية في تركيا أمام مخاطر كبيرة محتملة، فقد يتسبب تراجع الليرة وأزمة ديون وشيكة مرتبطة بهذا التراجع بإلحاق خسائر فادحة بالقطاع المصرفي الأوروبي، وذلك في وقت شهدت فيه أسواق الأسهم الأوروبية انخفاضا عاما خلال الفترة الماضية، كما سجل اليورو أدنى مستوى له مقابل الدولار الأمريكي في عام.

ووفقا لتقرير صادر عن البنك الهولندي، فإن أكثر هذه البنوك تعرضا للمخاطر في تركيا هو بنك "بي بي في أيه" الأسباني، الذي يجني قرابة 31 في المائة من أرباحه، قبل اقتطاع الضرائب، من أعماله ونشاطه في تركيا. وإضافة إليه، ينشط أيضا كل من بنك "يونيكريديت" الإيطالي وبنك باريس الوطني ومجموعة "آي إن دجي" وبنك "اتش إس بي سي" في تركيا.

مع ذلك، أشار التقرير إلى أنه باستثناء البنوك الخمسة المذكورة، فإن احتمال تعرض بنوك أوروبية أخرى لمخاطر مماثلة صغير للغاية، مبينا أن إجمالي المخاطر التي قد يتعرض لها القطاع المصرفي الأوروبي في تركيا تظل محدودة.

بالنسبة للولايات المتحدة، فإن رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة تدريجيا قد يتسبب بتعرض عملات الأسواق الناشئة العالمية لضغط إزاء انخفاض في قيمتها. وفي حال كان لانخفاض الليرة تأثير معدي، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع سريع في قيمة الدولار.

بالنسبة للاقتصادات الناشئة، أوضح لي أن تراجع الليرة ضرب ثقة المستثمرين العالميين في الأسواق الناشئة، مما فرض ضغوطا على الأسواق الناشئة تتعلق ببيع العملة المحلية وتدفق الرساميل الأجنبية إلى الخارج. وخلال الأسبوع الماضي، تراجعت بشكل حاد قيمة عملات بعض الاقتصادات الناشئة مثل الراند الجنوب أفريقي والريال البرازيلي والبيزو الأرجنتيني.

مع ذلك، يرى اقتصاديون عموما أن تأثير أزمة الليرة التركية على الدول الأخرى والاقتصاد العالمي يجب ألا يكون مبالغا فيه، إذ لا تمثل تركيا سوى 1 في المائة فقط من إجمالي الناتج المحلي للاقتصاد العالمي. ويعتقد هولغر شميدينج، الخبير الاقتصادي في بنك بيرلينبيرج في ألمانيا، أنه ليس من الممكن بعد القول إن الليرة تسببت في سلسلة من الأحداث الكارثية في الأسواق الناشئة، كما أن الكثير من الاقتصادات الناشئة ذات الهيكل الاقتصادي السليم ودون عبء دين خارجي باهظ لن تتأثر بذلك.

-- مقترحات للتخفيف من حدة الأزمة

حدا ازدياد معدلات التضخم وتدهور قيمة الليرة التركية ومستويات الدين المرتفعة بوكالتي "ستاندرد آند بورز" و"موديز" للتصنيفات الائتمانية إلى تخفيض تصنيفهما الائتماني السيادي لتركيا.

ويرى الباحث المساعد من معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، تشو تشي شيانغ، أن هناك نظرة سطحية تربط الانخفاض الكبير لليرة التركية بالعقوبات الأمريكية والأزمة في العلاقات بين البلدين بشكل مباشر، لكن من خلال غوص أعمق في الأزمة يتبين أن الأساس الهش للنمو الاقتصادي التركي هو السبب الجذري.

وأشار الباحث إلى أنه تم تصنيف تركيا مرتين ضمن قائمة "الدول الضعيفة الخمس" من جانب مؤسسات دولية، وتشمل نقاط ضعفها الاقتصادية استمرار العجز في الحساب الجاري واحتياجات التمويل الخارجية الكبيرة واحتياطيات النقد الأجنبي المحدودة والاعتماد المفرط على تدفقات الرساميل قصيرة الأجل.

ويرى أن الشيء الأكثر إلحاحا في الوقت الحالي هو استعادة ثقة السوق وقدرة الحكومة على السيطرة على الوضع. وفي المدى القصير، من الضروري استعادة الاستقرار في سعر الصرف والتضخم، الأمر الذي يتطلب من السلطات التركية إجراء تعديلات مناسبة للسياسة النقدية. وعلى المدى الطويل، يجب على تركيا زيادة استثماراتها في التكنولوجيا والابتكار والإنتاجية.

يعتمد الاقتصاد التركي بشكل مفرط على الطلب الخارجي، مما يؤدي إلى اختلالات هيكلية خطيرة. ففي عام 2017، شكلت التجارة الخارجية 46 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا. علاوة على ذلك، عانت تركيا من عجز تجاري خطير وعجز في رأس المال خلال سنوات متتالية، مما يعني أن البلاد تعتمد بشكل كبير على الاستثمار والتمويل الخارجي.

في الوقت نفسه، تعاني تركيا من اقتصاد محموم، حيث بلغ معدل التضخم في يونيو الماضي قرابة 16 في المائة.

ولفت إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، تحتاج تركيا إلى بذل المزيد من الجهود لتحسين علاقاتها التجارية والاستثمارية مع الدول الأخرى، وليس فقط في الاقتصادات الناشئة وإنما أيضا مع الدول الغربية، لأن الدول الغربية هي السوق الرئيسي لتركيا، وإصلاح العلاقات مع الاتحاد الأوروبي أمر بالغ الأهمية. إذ يمثل الاتحاد الأوروبي سوقا لنصف إجمالي صادرات تركيا، كما يمثل الاستثمار الأجنبي المباشر القادم من الاتحاد الأوروبي 70 في المائة من الاستثمارات الأجنبية في تركيا.

الصور

010020070790000000000000011100001374042781