تحقيق إخباري: ازدهار التداوي بالاعشاب في العراق يدفع الجهات الحكومية للتدخل لتنظيمه

2018-10-10 19:27:05|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بغداد 10 أكتوبر 2018 (شينخوا) ازدهرت قضية التداوي بالاعشاب أخيرا في العراق وانتشرت محال بيع الاعشاب بكثرة في جميع مناطق العاصمة بغداد وبقية المحافظات الأخرى بشكل لافت، ما دفع وزارة الصحة إلى التدخل ووضع ضوابط صارمة لممارسة هذه المهنة بعد ازدياد أعداد العاملين فيها.

والتداوي بالأعشاب، هو طب شعبي أو تقليدي يعتمد على إستخدام النباتات والمستخلصات النباتية، وله اسماء متعددة منها الطب النباتي، طب الأعشاب، علم الأعشاب، طب العرب، وأحيانا يشمل طب الأعشاب منتجات النحل (العسل) والفطريات، وبعض المعادن، والأصداف، وأجزاء معينة من الحيوانات.

ويعتبر التداوي بالأعشاب طريقة قديمة لعلاج الأمراض التي تصيب الإنسان، وتعود هذه الطريقة في المعالجة إلى ازمنه بعيدة ضاربة في القدم، صاحبت تاريخ الإنسان منذ بداية وجوده على ظهر الأرض.

ويعود استخدام الأعشاب في الطب بالعراق إلى السومريين قبل أكثر من 5000 سنة، والذين ابتكروا أقراصا طينية تحتوي على مئات النباتات الطبية مثل الأفيون والمر، وهي صمغ طبيعي مستخلص من أشجار وأعشاب صغيرة وشائكة.

وبدأت مهنة العشاب (الشخص الذي يعمل بالاعشاب) بالانتشار بشكل كبير في العراق بعد الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003، لعدم وجود رقابة صحية، وتطورت وتوسعت حتى اصبحت ظاهرة واسعة الانتشار خلال الفترة القليلة الماضية، بحيث باتت تنافس الادوية المصنوعة من المواد الكيمياوية، نتيجة زيادة الطلب عليها.

وتنتشر حاليا مئات المحال الخاصة بالعشابين في أحياء بغداد واغلب المدن العراقية، والتي كانت سابقا تتركز في اسواق خاصة وسط المدينة القديمة بكل محافظة، بل ان العديد من العراقيين اخذوا يتداولون عبر وسائل التواصل الاجتماعي مواضيع تخص الاعشاب والعلاج بها وفوائدها، حيث يصفها البعض بانها طبيب مجاني وطبيعي لا خسارة فيه.

في سوق غازي بمنطقة المنصور غربي بغداد، يجلس احمد عجمي في محله تحيط به العديد من الاواني الزجاجية المملوئة بالسوائل والاعشاب المطحونة وغير المطحونة، وقد قسم المحل إلى أجزاء منها مخصص للادوية المصنوعة من الاعشاب ومنها، التي تخص البشرة والجمال، ومنها ما يختص بالصحة العامة، وما يزيد من روعة الترتيب والتنظيم هو الرائحة الزكية المنبعثة من الاعشاب الموجودة داخل المحل.

وقال عجمي لوكالة أنباء (شينخوا) "بالنظر لكثرة محال الاعشاب فان وزارة الصحة فرضت ضوابط وقيود على هذه المهنة، منها يجب ان يدخل العشاب في دورة لتسعة أشهر في معهد متخصص بطب الاعشاب تابع لوزارة الصحة، وبعدها يتلقى محاضرات لتحديث معلوماته كل اسبوعين مرة على الاقل".

وأضاف "لكل عشاب خلطة (خليط من مجموعة من الاعشاب) خاصة به يعطيها لزبائنه، يقوم بعمل هذه الخلطة من النباتات والاعشاب، تعتمد على مدى معرفته بخصائص كل عشبة او نبات بحيث يكون تأثيرها ايجابي ويلبي حاجة الزبون، فضلا عن الخبرة التي يملكها العشاب والتي تزيد من دقة تلك الخلطة".

وعن مصدر هذه الاعشاب، أوضح عجمي "أن العديد من الاعشاب يتم استيرادها من الصين والهند وايران وكوريا وسوريا ومصر، ودول أخرى، فضلا عن الاعشاب الموجودة في العراق خاصة في الشمال"، مبينا أن الشاي الاخضر الصيني يحظى باقبال كبير من الشباب خاصة ممن يرغبون بخفض أوزانهم.

وأشار عجمي إلى أنه يعد ولده مصطفى ليكون عشابا قائلا "ولدي يحضر معي دائما إلى المحل وأعلمه كيفية التعامل مع الاعشاب، فضلا عن تكليفه بدراسة الاعشاب لمعرفة خصائص كل نوع منها، وماهي فوائدها للجسم لكي يكتسب الخبرة، ومن ثم ادخله دورة في وزارة الصحة لكي يحصل على الاجازة الرسمية لممارسة المهنة".

وأفاد بأن لديه علاج طبيعي من الاعشاب لمعالجة مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وتساقط الشعر، واعشاب خاصة لانقاص الوزن، وغيرها من الاعشاب التي تستخدم كأدوية حاليا بدلا من الادوية الكيماوية، لافتا إلى وجود اقبال على شراء الاعشاب حتى ان بعضها ينفذ بسرعة، بسبب انخفاض اسعارها وعدم وجود اثار سلبية في تناولها.

وفي محل عجمي قابلنا رجل في الستينيات من عمره غزا الشيب رأسه وحوله إلى اشبه بغيمة بيضاء يدعى ابو الحسنن جاء لشراء بعض الاعشاب التي يمتلك عنها معلومات جيدة وقيمة، مؤكدا أن التداوي بالاعشاب فيه فوائد كثيرة ولاتوجد فيه اضرار او أثار سلبية الا في حالات قليلة جدا كونه منتج طبيعي ولا يدخل فيه اي عنصر كيمياوي.

وأضاف "إن العديد من الناس لجأوا إلى التداوي بالاعشاب، لعدة اسباب اولها ان العشاب لا يأخذ أجرة فحص مثلما يفعل الاطباء، الذين اصبحت اجور الكشف لديهم مرتفعة جدا، ثانيا ان اسعار الاعشاب اقل بكثير من اسعار الادوية الكيمياوية، فضلا عن انعدام التأثير السلبي للاعشاب مقارنة بالادوية الكيمياوية، ثالثا حتى اذا تناول الشخص الاعشاب فانه لن تحصل له مشاكل صحية على العكس من الادوية الكيمياوية".

وأعرب أبو الحسن عن اعتقاده بأن هجرة الاطباء الماهرين خارج البلاد بسبب الوضع الامني غير الجيد خلال السنوات التي تلت الاحتلال الامريكي للبلاد، وكثرة الاخطاء الطبية التي يرتكبها الاطباء دفع الناس وخاصة اصحاب الدخل المحدود إلى اللجوء للتداوي بالاعشاب لتجنب المشاكل.

وأكد أبو الحسن أن شعوب جنوب شرقي آسيا تتمتع بصحة جيدة أكثر من غيرها، وذلك لان شعوب تلك المنطقة يستخدمون الاعشاب بكثرة، لافتا إلى أن العراقيين أخيرا انتبهوا لهذه القضية لذلك انتشرت محال العشابين وزاد الاقبال على تناول الاعشاب، معربا عن اعتقاده بانها ظاهرة صحيحة وصحية وهو من المؤيدين لها.

ومضى يقول "في السابق من يريد الحصول على الاعشاب عليه الذهاب إلى أسواق العطاريات في مناطق الشورجة والسوق العربي وسط بغداد والكاظمية شمالها، اما الان فانها موجودة في كل الاحياء"، مبينا انه في كل محافظة يوجد سوق خاص بالاعشاب لكن خلال العامين الماضيين بدأت محال الاعشاب تنتشر حتى في القرى الصغيرة.

ونتيجة لانتشار محال بيع الاعشاب في عموم العراق وازدياد العاملين في هذا الحقل، اتخذت وزارة الصحة العراقية اجراءات مشددة بشأن منح الاجازات لفتح المحال وللاشخاص الذين يمارسون هذه المهنة التي لها علاقة بصحة الانسان.

وذكر المركز الوطني العراقي لطب الاعشاب التابع لوزارة الصحة انه وضع ضوابط واقرتها وزيرة الصحة عديلة حمود والتي تنص على "اقامة دورة مدتها تسعة اشهر للحصول على اجازة بيع الاعشاب الطبية".

وأوضح المركز في التعليمات التي نشرها بموقعه على صفحات التواصل الاجتماعي "يشترط بالشخص ان يكون حاصلا على شهادة جامعية اولية، ومن خريجي كليات الطب والصيدلة وكلية الزراعة اقسام (البستنة، والمحاصيل الحقلية والصناعات الغذائية) أو من خريجي كليات العلوم، قسم علوم الحياة وقسم الكيمياء أو من خريجي كلية التقنيات الصحية، او ان يكون من خريجي المعاهد الصحية ذات العلاقة".

وأضافت الشروط "ان يكون (العشاب) حاصلا على شهادة في الاعشاب الطبية بعد اجتياز دورة لا تقل مدة الدراسة فيها عن تسعة اشهر من جهة معتمدة من الدولة المانحة للشهادة على ان تكون مصدقة اصوليا"، كما اوجبت ان يتضمن المنهج دراسة نظرية وعملية وباشراف اساتذة اكفاء.

ويرى المراقبون أن وضع ضوابط صارمة من قبل وزارة الصحة العراقية للاشخاص الذين يمارسون مهنة بيع الاعشاب واعطائها للعلاج لمنع حالات الغش والاحتيال على المواطنين وخاصة من الذين لايجدون القراءة والكتابة، مؤكدين ان الوزارة وضعت عقوبات صارمة بحق من يرتكب مخالفة لتعليماتها فيما يخص بيع الاعشاب وخاصة من يفتح محل للاعشاب باسمه كونه مؤهلا لذلك لكنه يؤجر شخص اخر لادارة المحل.

الصور

010020070790000000000000011100001375233761