مقالة خاصة: بعقوباتها على النفط الإيراني...واشنطن بين مطرقة الضغوط وسندان ضياع نفوذها الدبلوماسي

2018-10-11 13:18:35|arabic.news.cn
Video PlayerClose

 

بكين 11 أكتوبر 2018 (شينخوا) بعد خمسة أشهر تقريبا من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره بشأن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني وفرض ما أسماه بـ"أشد العقوبات في التاريخ" على عدوه التقليدي في منطقة الشرق الأوسط، تتلاشى تدريجيا آمال المجتمع الدولي في حدوث تغير في هذه المنهجية الدبلوماسية الأمريكية، التي لم تنبثق عن شيء سوى شعار ترامب المتمثل في "أمريكا أولا" وإيماءاته التي لا معنى ولا ضرورة لها ضد سلفه أوباما الذي اتخذ موقفا أكثر اعتدالا تجاه إيران.

وقبل أقل من شهر على حلول الموعد النهائي الذي حدده ترامب لفرض عقوبات على قطاع الطاقة الإيراني الذي يشكل محورا وعمادا لاقتصاد البلاد، تحاول الدول التي تربطها علاقات تجارية مع إيران البحث عن تدابير أخرى للخروج من معضلة الخسائر الناجمة إما عن ضغوط الولايات المتحدة أو عن فقدان مصدر رئيسي للواردات النفطية، الأمر الذي قد يبدد تأثير مخطط سيناريوهات كان يرسمها الرئيس ترامب في مخيلته.

-- تردد وحيرة بين الحلفاء الآسيويين

حلفاء الولايات المتحدة في آسيا يقفون موقف المتردد في اتخاذ رد فعل إزاء هذه القضية، ويضطرون إلى تعديل النهج للحفاظ على توازن المصالح بين أمن الطاقة القومي والاتفاقات المبرمة مع الولايات المتحدة.

ومن بين هؤلاء الحلفاء، تعد كوريا الجنوبية الوحيدة التي امتثلت للمطلب الأمريكي وذلك بعدما خفضت وارداتها من النفط الإيراني إلى الصفر في سبتمبر الماضي، لتتوقف كوريا الجنوبية بذلك تماما عن شراء النفط الإيراني وتضحي بـ180 ألف برميل يوميا.

ومازالت اليابان في حيرة من أمرها تجاه هذه القضية حيث تترقب حلول الخامس من نوفمبر. فقد بدأت في خفض استيراد النفط الإيراني ولكنها لم تقطعه تماما قبل هذا الموعد النهائي، بل ولاتزال تسعي بكل جهدها للحصول على إعفاء من الولايات المتحدة في هذا الصدد.

أما الهند وهي ثاني أكبر مستورد للنفط الخام الإيراني. فمنذ رفع الجولة الماضية من العقوبات الأمريكية عن إيران، ارتفع حجم وارداتها من النفط الخام الإيراني في الفترة ما بين عامي ٢٠١٦ و٢٠١٧ بشكل كبير، حيث زاد متوسط حجم وارداتها هذه بنسبة ١١٣ في المائة مقارنة بما كان عليه في عام ٢٠١٥. وحيال قرار الولايات المتحدة، لا تزال الهند تحافظ على استيراد النفط الخام من إيران. ورغم أن حجم استيرادها له بدأ ينخفض تدريجيا من أغسطس الماضي، إلا أنه من الملحوظ أن الهند لم تستجب لعقوبات ترامب بشكل شامل. وبعد أن أصبحت إيران رابع أكبر مصدر للنفط الخام بالنسبة للهند، فلا شك أن أي قرارات مثل التخلى التام عن استهلاك النفط الإيراني ستسبب ألما مبرحا لأمن الطاقة القومي للهند وليس من السهولة بمكان على الحكومة الهندية اتخاذها.

-- الاتحاد الأوروبي يستعد للمواجهة

لقد تصدر ملف إيران نقاشات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي اختتمت الشهر الماضي، وأعلن الجانب الإيراني خلال انعقاد هذه النقاشات عزمه التعامل بعملات أخرى بدلا من الدولار في بيع النفط والتجارة الدولية لمواجهة الحظر النفطي الأمريكي، أما الاتحاد الأوروبي فقد أعلن إنشاء نظام مقايضة لمواصلة التجارة مع إيران والإفلات من الحظر الأمريكي في مبادرة تهدف إلى إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني. ومن هنا يشهد المجتمع الدولي انطلاق أول مواجهة دبلوماسية مباشرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في التاريخ، وهي مواجهة ستظل قائمة لفترة طويلة، لأن التجارة وخاصة التجارة النفطية مع إيران، بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، تأتي على نفس القدر من أهمية تجارة الكتلة الأوروبية مع الولايات المتحدة.

-- "إنجاز دبلوماسي" يضر بالنفوذ الدبلوماسي

مع تردد الحلفاء وتجاهل روسيا، قد يلحق هذا القرار - الذي ترنو إدارة ترامب إلى أن يكون بمثابة إنجاز دبلوماسي بارز لترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى ويساعده على الفوز بولاية ثانية - قد يلحق الضرر بمصلحة الدولة من نواحى مختلفة.

فإلى جانب استقلاليه ردود فعل المجتمع الدولي وارتفاع سعر النفط الدولي في ظل رفض السعودية زيادة الانتاج، وهو ما تعاني الولايات المتحدة نفسها منه أيضا، خلق القرار الأمريكي حالة من التحدي لهيمنة الدولار الأمريكي على نظام التعاملات الدولية. حيث حصل نظام المقايضة الجديد الذي طرحه الاتحاد الأوروبي وأوجد قناة جديدة للتعاملات الدولية - أي التعامل على سبيل المثال باليورو أو الجنيه البريطاني بشكل مستقل عن الدولار الأمريكي - حصل على تأييد فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين. وفي الوقت ذاته، تعمل الصين أيضا على دفع تدويل عملتها "اليوان"، هذا إلى جانب تقارير عن استعداد البنوك الإيرانية إلى إنشاء بنك مشترك مع نظيراتها العراقية وسط مناخ العقوبات الأمريكية.

وتحت هذه الضغوط، ظهرت أصوات متباينة داخل الولايات المتحدة فيما لا يزال الصراع قائما داخل البيت الأبيض. فرغم أن ترامب دعا في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى "عزل النظام الإيراني" فيما شدد مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون على عدم تقديم إعفاء لأي دولة بشأن العقوبات على إيران، إلا أن هناك حديث عن "اعفاءات واستثناءات" حسب مصادر في البيت الأبيض، الأمر الذي يعكس تزعزع محتمل في موقف الإدارة الأمريكية في هذا الصدد.

وسيظل العالم يراقب عن كثب الخطوات التالية للإدارة الأمريكية بعد انتخابات التجديد النصفي المقرر إجراؤها في الـ6 من نوفمبر القادم، أي بعد يوم من الموعد النهائي، لأن موقف الإدارة حيال العقوبات على إيران لن يصبح حينها رهانا على شعبية وأصوات.

الصور

010020070790000000000000011100001375252511