مقالة خاصة: 1978-2018: واردات الصين تحت عدسات التاريخ
شانغهاي 11 نوفمبر 2018 (شينخوا) عند وضعه تحت عدسات التاريخ، ربما يكون معرض الصين الدولي للواردات، الذي اختتمت فعالياته في شانغهاي أمس السبت، علامة فارقة وسط تحول الصين من كونها قوة تصديرية كبرى إلى دولة مستوردة.
ما قامت البلاد باستيراده خلال الأربعين عاما الماضية غيَّر أسلوب حياة العديد من الصينيين. فالذي استهلكه الصينيون، في المقابل، أعاد اختراع ما يتنافس العالم من أجل تقديمه.
تلتقط مجموعة مختارة من صور ((شينخوا)) لحظات فريدة في تاريخ الصين الطويل من الانفتاح على العالم.
1978-1988: مظهر جديد
في عام 1978 تضمن فيلم وثائقي ياباني اسمه (مظهر جديد للصين) مشهدا يسرد كل شيء عما كان يشتهيه الصينيون آنذاك. فأمام مجموعة من أجهزة تلفاز قديمة الطراز، نجد تجمع العشرات من سكان شانغهاي حولها لمشاهدة برنامج تلفزيوني.
وفي عام 1981، كانت أسرة واحدة فقط من بين كل 170 أسرة حضرية في الصين تمتلك جهاز تلفزيون ملونا. وكان وجود جهاز تلفزيون في المنزل مدعاة للفخر، لا سيما لدى أي رجل يتقدم للزواج.
وفي الوقت الذي بدأت فيه الصين فتح أبوابها أمام المصنّعين الأجانب، أصبح التلفزيون والثلاجة والغسالة من الأجهزة المنزلية "الضرورية" المطلوبة في أية أسرة نموذجية من الطبقة المتوسطة.
وجاء في إحدى المقالات الخاصة لشينخوا عام 1987 "مع إتاحة المزيد من المنتجات الالكترونية، يمكن الآن العثور داخل ملايين المنازل الصينية على أجهزة تلفزيون ملوّنة ومسجلات أشرطة الكاسيت ومكوّنات ستيريو وأجهزة تسجيل وألعاب إلكترونية ولعب أطفال، وهي أشياء كانت حلما قبل عقد من الزمان."
1988-1998: الغرب يلتقي الشرق
وفي أكتوبر 1990، افتتح أول فرع لماكدونالدز في البر الرئيسي الصيني في شنتشن، مدينة جنوبية في طليعة الانفتاح الصيني.
وسرعان ما أصبحت سلسلة ماكدونالدز للوجبات السريعة الغربية أكثر المواقع السياحية إثارة في المدينة، حيث اصطف المستهلكون الصينيون المتطلعون إلى التجربة أمام 20 شخصا من موظفي الحسابات في المبنى المؤلف من ثلاثة طوابق، وأحدهم يتحدث إلى الموظف صارخا "أريد 10 وجبات بيج ماك"، حسبما ذكر متدرب في ماكدونالدز في ذلك الوقت.
إن الحصول على وجبة في ماكدونالدز لم يكن أبدا بهذه السرعة، فعلى الأغنياء الجدد في الصين الاصطفاف عند المطعم الغربي الفاخر لمدة ساعتين للتحدث مع الأصدقاء أو مناقشة أعمالهم التجارية أو حتى الخروج في موعد مع صديق أو صديقة.
وفي حين كانت ماكدونالدز تساند الموضة، كانت سيارة سانتانا التابعة لشركة ((فولكس فاجن)) الألمانية رمزا للمكانة الرفيعة. وكما قال العديد من الصينيين آنذاك، على سبيل المزاح، "طالما أنك تمتلك سانتانا، لن يكون لديك ما تخشاه من القيادة حول العالم".
وأنشأت شركة صناعة السيارات الألمانية ((فولكس فاجن)) أول مشروع مشترك لها مع شركة ((سايك موتور)) الصينية في شانغهاي عام 1985. وبحلول نهاية 1991، أنتج المشروع المشترك أكثر من 100 ألف سيارة من طراز سانتانا بشكل إجمالي.
وبعد نجاح المشروع المشترك، قامت فولكس فاجن بتوسيع موطئ قدمها في الصين، من خلال إقامة مشروع مشترك ثانٍ، وهو شركة ((فاو فولكس فاجن)) في مدينة تشانغتشون شمال شرق البلاد في 1991، فضلا عن ثالث في مدينة خفي بمقاطعة أنهوي شرق البلاد عام 2017.
1998-2008: هنا تأتي منظمة التجارة العالمية
بالنسبة للعديد من الصينيين، كان 2001 عاما لا ينسى، حيث كان هذا العام بمثابة بداية لألفية جديدة وأدى إلى حقبة جديدة تماما حيث انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية.
ومن 2001 إلى 2017، كان متوسط نمو واردات الصين من السلع والخدمات أكثر من ضعف المعدل العالمي.
وبالنظر إلى الوراء، كان الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية أحد أصعب القرارات التي اتخذها هذا البلد على مر السنين. ففي ذلك الوقت، كان الكثيرون يخشون من أن تدمر هذه الخطوة السوق المحلية الصينية، قائلين إن "الذئب قادم" لأن دولا أخرى ربما تُصنّع بشكل أفضل.
لكنّ الصين لم تتوقف أبدا عن فتح أسواقها على نطاق أوسع خوفا من المنافسة. ففي ربيع عام 2007، أسست الدورة الـ101 من معرض كانتون، وهو أقدم معرض تجاري في الصين، قسما جديدا للواردات، في إشارة إلى أن الواردات لم تعد "طبَقا جانبيا" في الأحداث التجارية الصينية.
وبعد عشر سنوات من انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، بدأ الناس يدركون أن الصين ذئب، حسبما قال جاك ما رئيس شركة علي بابا.
وأوضح ما "عندما تأخذ التحدي وتغيّر نفسك، هذه هي الفرصة."
2008-2018: بداية جديدة
دائما ما تعد شانغهاي، وهي مدينة ثقافة تجارية عريقة، خطوة للأمام في التجارة الخارجية للصين.
في 2013، أقامت الصين أول منطقة تجريبية للتجارة الحرة في منطقة بودونغ الجديدة في شانغهاي وتوسعت إلى منطقة أكبر في بودونغ في 2015. وأعلن في 5 نوفمبر، يوم افتتاح معرض الصيني الدولي للواردات، أن منطقة شانغهاي للتجارة الحرة ستوسع بشكل أكبر.
إن السياسات التفضيلية في منطقة التجارة الحرة، بما في ذلك القائمة السلبية للاستثمارات الأجنبية وسياسة جمع رؤوس الأموال من عملة الرنمينبي عبر الحدود، عزّزت بشكل فعّال تطوير العديد من الشركات متعددة الجنسيات.
ونشرت منطقة شانغهاي للتجارة الحرة أول قائمة سلبية في البلاد ببنود غير مسموح بها للاستثمار الأجنبي، وتم نشرها في جميع أنحاء البلاد.
وفي عام 2010، استضافت شانغهاي معرض إكسبو العالمي لعام 2010، وهو علامة فارقة أظهرت رغبة الصين الصادقة في الانفتاح على العالم.
وحقق معرض إكسبو شانغهاي العالمي، وهو الأول من نوعه في دولة نامية في تاريخ الحدث الذي يبلغ 159 عاما، حقق رقما قياسيا من حيث عدد الدول والمناطق المشاركة، ومساحة المنطقة التي أقيم عليها المعرض، وعدد الزوار.
ومع الاستضافة الناجحة لمعرض الصين الدولي الأول للواردات، استمرت شانغهاي في دفع أجندة الواردات الصينية. وفي الوقت الذي تعهدت فيه الصين بمزيد من الانفتاح، سيُذكر هذا التجمع كبداية جديدة في تاريخ استيراد الصين.