النص الكامل للمقال الموقع للرئيس شي جين بينغ في الصحف الفلبينية

بكين 19 نوفمبر 2018 (شينخوا) نشرت ثلاث صحف فلبينية اليوم (الاثنين) مقالا موقعا بقلم الرئيس الصيني شي جين بينغ بعنوان "فتح مستقبل جديد معا من أجل العلاقات الصينية- الفلبينية"، وذلك قبل زيارة الدولة المقررة له في الفلبين.

ونشرت الصحف ((فلبين ستار)) و((مانيلا بوليتين)) و((ديلي تريبيون)) النص الكامل لمقال الرئيس شي على النحو التالي:

فتح مستقبل جديد معا من أجل العلاقات بين الصين والفلبين

شي جين بينغ

رئيس جمهورية الصين الشعبية

سأقوم بزيارة دولة إلى جمهورية الفلبين بناء على دعوة كريمة من الرئيس رودريجو دوتيرتي. لدي تطلعات كثيرة في الوقت الذي استعد فيه لتطأ فيه قدمي هذه الدولة المتنامية التي تتمتع بالجمال والشعب الصادق والودود. وأرغب في نقل تحياتي الودية وأطيب أمنياتي إلى شعب الفلبين.

الصين والفلبين جارتان ومتقابلتان لبعضهما البعض عبر البحر. فقد بدأ تبادل السفن والتجار بين البلدين منذ أكثر من ألف سنة. وقبل أكثر من 600 عاما، قام الملاح المستكشف الصيني تشنغ خه بزيارت عديدة إلى خليج مانيلا، وفيساياس، وسولو، خلال رحلاته الخارجية السبع سعيا للصداقة والتعاون. كما قام ملك سولو بزيارة ودية إلى الصين، محضرا معه تمنيات بلاده الطيبة للشعب الصيني وتاركا وراءه قصصا مؤثرة عن الصداقة بين الصين والفلبين. أبحر الكثيرون من الذين ولدوا في الساحل الجنوبي الشرقي للصين للاستقرار في الفلبين ومنذ ذلك الحين يعيشون في وئام مع المجتمع المحلي. انحدرت أسلاف خوسيه ريزال، البطل القومي والأب المؤسس للفلبين، من جينجيانغ في مقاطعة فوجيان الصينية. كما ولد الجنرال الصيني المشهور يه في، الذي قاتل من أجل تأسيس الصين الجديدة، في كويزون في الفلبين. بالنسبة للشعبين، هناك شخصيات بارزة جديرة بالذكر.

منذ أن تولى الرئيس الفلبيني دوتيرتي مهام منصبه، أعادت الصين والفلبين الانخراط في الحوار والتشاور من أجل التعامل المناسب مع قضية بحر الصين الجنوبي، فتشهد علاقاتنا الآن قوس قزح بعد هطول الأمطار. خلال فترة تزيد على عامين بقليل، أصبحت الصين أكبر شريكة تجارية للفلبين وأكبر سوق تصديرية لها وكذا أكبر مصدر للواردات. كما صارت ثاني أكبر مصدر للسياح. وهناك اهتمام متزايد بالنسبة للاستثمار الخاص في البلدين، وأصبحت التفاعلات بين المجموعات الثقافية في البلدين أكثر تكرارا. فأصبحت المزيد والمزيد من فواكه الفلبين على موائد الطعام في المنازل الصينية، وأصبحت المناطق الفلبينية الخلابة ضمن الجولات السياحية للسائحين الصينيين. كما تدعم الصين بقوة الفلبين في حربها على المخدرات والإرهاب وجهود إعادة الأعمار بعد الصراع في ماراوي، ومن ثم تساهم في السلام في الفلبين. في مواجهة الكوارث، يساند الشعبان بعضهما البعض ويقدمان المساعدة لبعضهما البعض، ما يكتب فصلا جديدا في الصداقة بين البلدين.

وتحت قيادة الرئيس دوتيرتي، يسعى الشعب الفلبيني إلى تنفيذ الأجندة الاجتماعية-الاقتصادية المكونة من 10 نقاط واستراتيجية "بناء، بناء، وبناء"، الأمر الذي سيجعل الفلبين أكثر وأكثر ازدهارا. يعمل الشعب الصيني دون انقطاع من أجل تحقيق "الهدفين المئويين" وتحقيق الحلم الصيني الخاص بالاحياء العظيم للأمة الصينية. تطلعاتنا وأحلامنا أسفرت عن رابطة قوية بين شعبينا.

أزور الفلبين في هذا الوقت بشكل أساسي لعقد محادثات عميقة مع الرئيس دوتيرتي بشأن كيفية رفع مستوى التعاون بيننا في جميع النواحي وفقا للأوضاع الجديدة، ووضع خطة شاملة لتحقيق تقدم أعظم في علاقاتنا نحو مستوى أعلى. هناك الكثير من الأشياء نحتاج إلى إنجازها اذا أردنا تحقيق هذا الهدف.

-- نحن بحاجة إلى تعميق الثقة السياسية المتبادلة للحفاظ على نمو العلاقات الصينية-الفلبينية. تأمل الصين في العمل مع الفلبين من أجل وضع خطط لمستقبل علاقاتنا من منظور أوسع، وتعزيز التواصل الاستراتيجي بشأن العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية الرئيسية. نحن بحاجة إلى التعامل بشكل مناسب مع الخلافات عبر المشاورات الودية وتعزيز الحوار والتعاون بشأن القضايا البحرية وجعل بحر الصين الجنوبي بحر سلام وصداقة وتعاون يصب بشكل حقيقي في صالح الشعبين.

-- علينا تعزيز التعاون العملي بهدف تقوية أساس العلاقات الصينية-الفلبينية. تعد الفلبين، بموقعها الجغرافي الفريد، شريكة طبيعية لمبادرة الحزام والطريق. وتتمنى الصين العمل مع الفلبين بهدف تجديد تراث طريق الحرير البحري القديم. وستعمل الصين مع الفلبين على تعزيز الدمج بين استراتيجيات التنمية الخاصة بنا في إطار مبادرة الحزام والطريق وتعميق التعاون متبادل النفع في الأعمال والتجارة والبنية التحتية والزراعة والسياحة ومجالات أخرى، ومساعدة الفلبين في تنفيذ المزيد من المشروعات الحياتية من خلال تعاوننا وسيتمتع شعبا البلدين بإحساس أقوى بالإنجاز والسعادة. وستواصل الصين تعميق التعاون مع الفلبين في الدفاع والسيطرة على المخدرات ومكافحة الإرهاب وإنفاذ القانون بهدف تدعيم بيئة سليمة للتنمية في البلدين وتحقيق السلام والاستقرار في منطقتنا.

-- نحن بحاجة إلى تقوية العلاقات بين الأفراد للحفاظ على متانة العلاقات الصينية-الفلبينية كالعادة. الصين والفلبين قريبتان من بعضهما البعض بشكل كبير من ناحية الموقع الجغرافي والعلاقات الموروثة والخلفية الثقافية. التبادلات الودية بين البلدين مصدر لا ينتهي لقوة العلاقات. وكما يقول المثل، الشعلة تزيد عندما ينضم الجميع لإضافة وقود. نحتاج إلى تعزيز التفاعلات بين الحزبين السياسيين والبرلمانين والمؤسسات الفكرية وعلى المستوى المحلي. نحتاج إلى زيادة التبادلات في التعليم والعلوم والتكنولوجيا والثقافة وبين الشباب. نحتاج إلى تشجيع المشاركة الأوسع في تعاوننا. وبهذه الطريقة، ستنتقل العلاقات بين الشعبين من قوة إلى قوة وستستمر جيلا بعد جيل.

-- نحن بحاجة إلى التكاتف من أجل تعميق تعاون شرق آسيا بهدف تحقيق نتائج متبادلة النفع. يمثل هذا العام الذكرى الـ15 لإقامة الشراكة الاستراتيجية بين الصين والآسيان. استضافت الفلبين بنجاح اجتماعات قادة شرق آسيا العام الماضي وقامت بدور نبيل وتحملت مسئوليات مهمة كدولة منسقة للعلاقات بين الصين والآسيان هذا العام. وتدعم الصين بحزم دور الفلبين كدولة منسقة وستعمل مع الفلبين بهدف تحديث العلاقات بين الجانبين وضمان تحقيق إنجازات أعظم في تعاون شرق آسيا. وستزيد الصين الزخم في مبادرة منطقة نمو شرق الآسيان التي اقترحتها الفلبين لتدعيم محركات نمو جديدة للتعاون مع الآسيان من خلال تعاون أوثق مع الفلبين والمساعدة في تنمية مينداناو ومناطق أخرى في البلاد.

بدأت الصين عملية الإصلاح والانفتاح قبل أربعة عقود. ومنذ ذلك الحين، عمل الشعب الصيني بجد ووحدة وإصرار وكتب قصة نجاح عظيمة في تنمية الصين. وأصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مصنع وأكبر تاجر للبضائع وصاحبة أكبر احتياطي من النقد الأجنبي. وتساهم الصين الآن بأكثر من 30 بالمئة من النمو العالمي وانتشلت ما يزيد على 700 مليون شخص من الفقر، وفقا لمعايير الأمم المتحدة. وتقوم الصين الآن بتعميق الإصلاح بشكل كامل وفتح نفسها بشكل أكبر، وستستمر جهودنا في الإصلاح والانفتاح.

ويعد تحرير التجارة والعولمة الاقتصادية اتجاها عصريا لا يمكن إيقافه. كدولة كبيرة مسئولة ملتزمة بالتعاون المربح للجميع والانفتاح الأكبر، فان الصين مستعدة لمشاركة جميع الدول فرص وإمكانات سوقها. وظهر هذا الالتزام جليا في معرض الصين الدولي الأول للواردات الذي اختتم مؤخرا بنجاح. ترحب الصين بالفلبين والدول الأخرى على متن قطار التنيمة الصينية السريع. ستعمل الصين مع الدول الأخرى للتمسك بقوة بنظام التجارة متعدد الأطراف وفي القلب منه منظمة التجارة العالمية ودعم تطوير النظام السياسي والاقتصادي الدولي في اتجاه أكثر عدلا وإنصافا.

ومنذ عدة قرون، بلغ إجمالي الناتج المحلي في الصين 30 بالمئة من الإجمالي العالمي، ومع ذلك لم تتجه البلاد إلى العدوان أو التوسع. وخلال أكثر من 100 عاما بعد حرب الأفيون عام 1840، عانت الصين بشكل كبير من العدوان والحروب والاضطرابات المتكررة. وقال كونفوشيوس ذات مرة "لا تفعل بغيرك ما لا ترضاه على نفسك". ونحن الصينيين نؤمن بأن السلام والاستقرار هما الطريق الوحيدة للتنمية والرخاء. وهذا ليس اختيارا نفعيا أو تعبيرا دبلوماسيا. انما هو إيماننا الراسخ وتوجهنا الصارم لما نقوم به على أرض الواقع. ستظل الصين ملتزمة بطريق التنمية السلمية وستبقى مرساة السلام والاستقرار في منطقة آسيا-الباسيفيك والعالم أجمع.

وكما يقول المثل الفلبيني "اغتنم اليوم، والا ستخسر غدا". ستعمل الصين مع الفلبين من أجل اغتنام الفرصة والتكيف مع توجه العصر. دعونا نعمل معا من أجل تدعيم التقاليد الآسيوية الخاصة بالسلام والمصداقية وحسن الجوار وتعزيز العلاقات الثنائية من أجل مستقبل أكثر إشراقا للبلدين وآسيا.