تحقيق : "دبس التفاح" .. صناعة غذائية صحية حديثة العهد ومصدر رزق في لبنان

2018-11-29 00:45:22|arabic.news.cn
Video PlayerClose

مرجعيون، جنوب لبنان 28 نوفمبر 2018 (شينخوا) في بلدة كوكبا بالقطاع الشرقي بجنوب لبنان، ينشط الستيني حنا حداد، في مساعدة أفراد عائلته الستة في صناعة "دبس التفاح" حديث العهد في البلاد، والذي بات مصدر رزق رئيسيا لكثير من المزارعين اللبنانيين.

ويقوم حنا مع عائلته على مدى أيام، على غرار كثير من المزارعين، بجمع كمية كبيرة من التفاح وتحضيرها تنظيفا وتقطيعا وعصرا، تمهيدا لطبخ هذه الفاكهة وتحويلها إلى دبس، وهو "شراب مركز حلو المذاق" يشبه العسل.

ويقول حداد البالغ من العمر (65 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "صناعة دبس التفاح حديثة العهد في لبنان لكن هذا المنتج الطبيعي غزا الأسواق بسرعة لأنه بحسب المصادر الطبية مادة غذائية تساهم في تنشيط الدورة الدموية وإزالة اليرقان عند الأطفال وتنشيط الكبد ودعم المرضى المصابين بفقر الدم".

ويضيف أن "دبس التفاح المعروف بعسل الفقراء يتمتع بطعم لذيذ وميزات غذائية كمصدر للسكريات الطبيعية، مما يجعله منتجا آمنا قريبا في جودته من مواصفات العسل، لكنه بسعر أدنى بكثير".

وبدأت هذه الصناعة بدأت منزلية ثم توسعت سريعا في المناطق الجبلية التي يزرع فيها التفاح، وباتت من مصادر الرزق الرئيسية لدى كثير من المزارعين اللبنانيين، حسب المزارعة جميلة ابوشهلا.

وتقول ابوشهلا ل(شينخوا) "كمزارعين كنا نصنع من محاصيلنا مربى وخل التفاح، ولم نكن نعرف أن هذه الفاكهة مناسبة لصناعة الدبس بطريقة مشابهة لصناعة دبس العنب".

وتضيف "لقد حصدنا نتائج ممتازة على الصعيدين الغذائي والمادي من هذا المنتج الجديد الذي يتحمل التخزين لمدة عام كامل دون تغيير مواصفاته".

وأوضحت "أن صناعة دبس التفاح ساعدت في استيعاب فائض الانتاج، الذي كان يكسد في المنازل والبرادات المخصصة لحفظ الفاكهة بفعل أزمة التصدير الخارجي (..) ما كان يتسبب بخسائر للمزارعين".

كما ساهمت هذه الصناعة في تصريف التفاح صغير الحجم أو المصاب بـ"القشب" في قشرته، حسب ابوشهلا.

وتدر صناعة دبس التفاح "مبالغ مقبولة" للمزارعين، حسب المزارعة ليلى ابوغيث.

وتقول ابوغيث "إن كل 7 أو 8 كيلوغرامات من التفاح تنتج كيلوغراما واحدا من الدبس، الذي يباع بما بين 8 و10 دولارات، ما يعني رفع المدخول من التفاح بنسبة تتراوح بين 25 و30 في المائة".

ويتجاوز عدد مزارعي التفاح في لبنان 26 ألف مزارع، فيما يتراوح الانتاج بين 150 و200 ألف طن سنويا تكسد 40 في المائة منها في البرادات، مما يشكل خسائر فادحة في هذا القطاع الزراعي، الذي تعتاش منه شريحة واسعة من اللبنانيين.

ويقول رئيس تعاونية التفاح في حاصبيا راشد زويهد، ل(شينخوا) إن التفاح يشكل موردا أساسيا لفئة كبيرة من العائلات اللبنانية نظرا لانتشار زراعته في المناطق الجبلية المرتفعة.

ويشير إلى أن التصنيع الغذائي (للتفاح) خطوة متقدمة لمصلحة المزارعين في ظل معاناة مزارعيه من أزمات كثيرة تبدأ بالكساد وتمر بارتفاع تكلفة الإنتاج والمنافسة في الأسواق المحلية والعربية رغم محاولة الحكومة اللبنانية دعم هذا القطاع بثلاثة دولارات لكل صندوق.

ويروي المزارع عامر صعب من بلدة شبعا بجنوب لبنان تجربته ل(شينخوا) قائلا إن "إنتاجي السنوي من التفاح يقارب 5 أطنان، وكنت متردد جدا في ولوج صناعة دبس التفاح حيث قمت بعصر وتدبيس كمية طن واحد من التفاح".

ويضيف "فوجئت بالمنتج من حيث طعمه الذكي ورائحته وفوائده الصحية ناهيك عن عائده المادي المربح".

وتبدأ صناعة دبس التفاح باستخراج العصير الذي يوضع في أحواض إسمنتية معزولة بالسيراميك لفصل العصير عن الرواسب ومعالجة كمية الحموضة فيه عبر إضافة كربونات الكالسيوم، ثم ينقل بعدها الى أوعية نحاسية لتكثيف العصير بواسطة الغلي إلى أكثر من 105 درجات لقتل الأحياء الدقيقة وتفكيك المركبات الكيميائية الضارة الناتجة عن رش الأشجار المثمرة بالمبيدات حتى يصبح لزجا وبلون أحمر قاني، حسب المزارع جهاد الحرفوش.

ويقول الحرفوش إن "صناعة دبس التفاح سهلة ومتواضعة".

ويشير إلى أن الدبس يعبأ بعد التبريد في عبوات زجاجية مختلفة الأحجام يتم طرحها في الأسواق، حيث تلقى إقبالا جيدا لأنه طبيعي وله فوائد تقارب فوائد العسل وبسعر مغر ومقبول.

ومع انتشاره في الأسواق، انتقلت صناعة دبس التفاح من صناعة منزلية ضيقة إلى اهتمام أصحاب المعاصر والمصانع الكبيرة والجمعيات التعاونية الزراعية، كما تشير رئيسة جمعية المؤونة في بلدة حاصبيا امال خير الدين.

وتقول خير الدين إن الجمعية التي تضم حوالي 100 عاملة "عملت على تدريب عشرات النساء على كيفية تحضير دبس التفاح ونجحنا في تسويقه في كافة المناطق اللبنانية".

وتضيف "عملنا على تجهيز مصنع صغير لهذه الغاية، إضافة إلى مختبر لفحص التفاح والدبس".

الصور

010020070790000000000000011101421376379381