النص الكامل لمقال بتوقيع الرئيس شي جين بينغ في صحيفة بَنَميّة
بكين 30 نوفمبر 2018 (شينخوا) نشرت صحيفة ((لاستريلا دي بنما)) البنمية اليوم (الجمعة) مقالا بتوقيع الرئيس الصيني شي جين بينغ بعنوان "العمل معا من أجل مستقبل مشترك"، وذلك قبيل زيارة دولة يعتزم القيام بها إلي البلد الواقع في أمريكا الوسطى.
وفيما يلي النص الكامل للمقال:
العمل معا من أجل مستقبل مشترك
شي جين بينغ
رئيس جمهورية الصين الشعبية
سأقوم قريبا بزيارة دولة لجمهورية بنما بناء على دعوة كريمة من الرئيس خوان كارلوس فاريلا. وستكون أول زيارة لي للبلاد، وأول زيارة يقوم بها رئيس صيني. أتطلع إلى هذه الرحلة بتوقعات كبيرة.
مثل العديد من أبناء وطني، لست غريبا على بنما، رغم أنني لم أزر هذا البلد من قبل قط: فقناة بنما الكبرى، وبن جيشا الذي يحظى بتقدير كبير، وكذلك الموز البنمي وأنواع الفاكهة الاستوائية الأخرى، كلها مشهورة في جميع أنحاء العالم. وخلال السنوات الأخيرة، تحت قيادة الرئيس فاريلا، تتمتع بنما بنمو سريع وأسواق نابضة بالحياة وتحسن في مستويات المعيشة . لقد أصبحت بنما المكان الأكثر قابلية للحياة في الأمريكتين والأرض الواعدة بتوفير الفرص للمستثمرين. برؤيتي لهذا التقدم، فأنا سعيد حقا ببنما وأتمنى لها المزيد من الإنجازات الحالية والجديدة في تنميتها المستقبلية.
إن التفاعلات الودية بين شعبي بلدينا يمكن أن تعود إلى أكثر من 160 عاما، عندما وصلت المجموعة الأولى من الصينيين إلى بنما للمساعدة في بناء القنوات والسكك الحديدية. على هذه الأرض المضيافة، بقوا في نهاية المطاف، وقد أقاموا في نهاية الأمر على هذه الأرض المضيافة وأصبحوا جزءا من المجتمعات المحلية وانضموا إلى شعب بنما في السعي وراء حياة أفضل. ولإحياء تفانيهم، تم تخصيص يوم خاص للصينيين العرقيين في بنما. وبالعودة إلى الستينيات -في بادرة تضامن مع الشعب البنمي في قضيته العادلة للسيادة على القناة- نظّم 16 مليون صيني مسيرات في شتى أنحاء الصين، فيما أصبح ذكري خاصة للشعب الصيني لهذا الجيل. كل هذه الأمور تشهد على الروابط الأخوية التي تربط بين شعبينا.
وفي يونيو من العام الماضي، توصلْتُ مع الرئيس فاريلا إلى قرار سياسي مهم: أن الصين وبنما تقيمان علاقات دبلوماسية رسمية. بالنسبة لكلا البلدين، فإن هذا القرار التاريخي لن يفيد هذا الجيل فحسب، بل يفيد أجيال عديدة قادمة أيضا. وبالنسبة للمجتمع الدولي الأوسع، فإنه لاشئ يمكن أن يُظهر اتجاه العصر وإرادة شعوبنا بشكل أكثر وضوحا مثل هذا . إنه إعلان قوي للعالم بالتزام بنما بسياسة صين واحدة، وتعبير عن إجماع شعبي بلدينا على تأييد العلاقات بين الصين وبنما.
وعلى مدار عام ونصف، انطلقت العلاقات بين الصين وبنما في بداية طيبة: فقد انتشرت برامج التعاون وتوسّعت بشكل شامل، محققة منافع ملموسة لشعبي البلدين. وخلال أول زيارة دولة له إلى الصين، رسم الرئيس فاريلا معي مخططا لمستقبل علاقاتنا الثنائية. كانت الصين ثاني أكبر شريك تجاري لبنما، وأكبر مورد لمنطقة كولون للتجارة الحرة، وثاني أكبر مستخدم لقناة بنما. وفي إطار التعاون في مبادرة الحزام والطريق، وقّع الجانبان على عدد من الاتفاقيات في مجالات مثل التجارة، والمالية، والشؤون البحرية، والطيران المدني، والسياحة، والثقافة، والتعليم. لقد قامت الشركات والمؤسسات المالية الصينية بدور نشط في التعاون الثنائي، وساعدت في خلق الآلاف من الوظائف المحلية. وسيوفر مشروع "مدينة كولون الآمنة"، الذي تساعد الصين في إنشائه، حماية فعّالة لسكان "كولون". وسيكون مركز أمادور للمؤتمرات، الذي سيتم الانتهاء منه قريبا، بمثابة المكان الجديد لمعرض التجارة الدولية. وتخضع المنتجات الزراعية المتخصصة في بنما مثل لحوم البقر والأناناس والمأكولات البحرية، لإجراءات التفتيش والحجر الصحي من أجل تصديرها إلى الصين وستجد طريقها قريبا إلى طاولات طعام الشعب الصيني.
واستجابة لاقتراح بنما، تبحث الصين مشروع مركز "مدينة الأمل" للتعليم، الذي سيتم بناؤه غربي بنما. ويهدف المشروع إلى توفير الخدمات التعليمية لأكثر من 2000 طالب محلي وسيسهم بشكل كبير في تحسين ظروف وجودة التعليم المحلي. كما تنفذ الصين مشروع العيادات المتنقلة (أمور سوبري ريوداس)، الذي يقدم خدمات طبية مجانية للنساء في المناطق النائية في بنما. ويعمل الآن أول معهد كونفوشيوس في بنما؛ وتم إطلاق أول رحلة جوية مباشرة تربط بين الصين وأمريكا الوسطى؛ وتم تعيين بنما كوجهة معتمدة للسائحين الصينيين. وبحلول نهاية العام الجاري، ستكون الصين قد درّبت حوالي 6000 من المسؤولين والمهنيين البنميين في مختلف المجالات، إذ إن هناك ما يقرب من 1000 طالب بنمي يدرسون حاليا في الصين. وشارك باحثون ومؤسسات بحثية ومؤسسات إعلامية من كلا الجانبين في تفاعلات متكررة، وساهموا بأفكارهم واقتراحاتهم في دعم العلاقات الثنائية. ومع اشتداد "الشغف بالصين" في بنما و"الشغف ببنما" في الصين، يتوق الناس في كلا البلدين إلى معرفة بعضهم البعض بشكل أفضل من خلال المزيد من التبادلات.
تعمل بنما، وهي دولة قوية في مجال الارتباطية، على تطوير استراتيجيتها الوطنية للخدمات اللوجستية لعام 2030، بشكل نشط، سعيا لأن تجعل من نفسها مركزا لوجستيا عالميا. وتتوافق هذه الاستراتيجية مع مبادرتي للحزام والطريق ، وهو ما يجعل الصين وبنما شريكين طبيعيين في تعاون الحزام والطريق. وخلال زيارة الرئيس فاريلا إلى الصين العام الماضي، أصبحت بنما أول بلد في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي يوقع مذكرة تفاهم مع الصين لتعاون الحزام والطريق. وبالتطلع إلى الأمام، سنعمل بلا كلل مع بنما لتعزيز التضافر بين استراتيجياتنا الإنمائية وتحقيق منافع أكبر لشعوب بلداننا.
أولا، لنكن شريكين مخلصين يقدّران المساواة والثقة المتبادلة. ينبغي علينا دائما أن نتعامل مع علاقاتنا الثنائية من منظور استراتيجي طويل الأجل، ونقدّر وندعم المصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية لبعضنا البعض ، ونبني أساسا سياسيا صلبا للنمو المستدام والصحيح والمطرد لعلاقاتنا الثنائية.
ثانيا، لنكن شريكين في التنمية، مهما كانت الظروف. وباعتبار الصين وبنما من الدول النامية، فإن لديهما تجارب تاريخية مماثلة وتواجهان مهام تنموية مشتركة. إننا نحتاج إلى العمل معا لتعزيز نمط جديد من العلاقات الدولية يتسم بالاحترام المتبادل والعدالة والإنصاف والتعاون المربح للجانبين وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. كما نحتاج إلى تعزيز التنسيق في المنظمات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، ودعم النظام التجاري المتعدد الأطراف بشكل مشترك والمساهمة في اقتصاد عالمي مفتوح.
ثالثا، لنكون شريكي تعاون في السعي نحو تحقيق المنفعة المتبادلة. نحن بحاجة إلى احترام طموحات بعضنا البعض، ومراعاة شواغل بعضنا بعضا، والاستفادة من نقاط القوة لدينا. نحن بحاجة إلى البناء على هذا الأساس لتعميق تعاوننا في مجالات رئيسية مثل البنية التحتية، والخدمات اللوجستية، والقدرة الإنتاجية، والتجارة الإلكترونية والمالية، في الإطار الواسع لتعاون الحزام والطريق. نحتاج إلى مضاعفة جهودنا لضمان سرعة الحصاد المبكر في التعاون العملي حيث أنه سيُسهم في التنمية في كلا البلدين. وترحب الصين بمشاركة بنما المستمرة في معرض الصين الدولي للواردات وتأمل في رؤية المزيد من صادرات السلع والخدمات البنمية عالية الجودة فى الصين.
رابعا، لنكن شريكَيْن وثيقين مع علاقات قوية بين الشعوب. ولبناء روابط من الحُب المتبادل بين شعوبنا، نحتاج إلى الانخراط في التبادلات في مجموعة واسعة من المجالات مثل الثقافة والتعليم والصحة والسياحة والإعلام. هذا سيعزز صداقتنا بشكل كبير عبر القطاعات. والآن بعد أن فتحنا رحلة مباشرة بين الصين وبنما، نتوقع زيارة المزيد والمزيد من الصينيين لبنما والبنميين للصين بغية تعزيز التفاهم والصداقة على نحو متبادل. اليوم هناك 280 ألف بنمي من أصول صينية. يمكننا أن نبني على روابط الدم هذه لتعميق الصداقة بين البلدين.
يستمر اتجاه العصر إلى الأمام، حاملا معه تغيرات جديدة ومستمرة إلى العالم. ورغم أن بلدينا متباعدان جغرافيا ومختلفان كثيرا في العديد من ظروفنا الوطنية، فإن الصينيين والبنميين شعبان يعملان بجد وجرأة وطموح. لن نكون قادرين على تنمية علاقاتنا بدون التزام شعبينا. لننتهز الفرصة، ونفسح المجال لميزة بدايتنا المتأخرة ، ونسرّع من وتيرة نمو علاقاتنا الثنائية، ونضع تعاوننا على مسار مطرد ومتواصل، ونسهم بشكل مشترك في مستقبل أكثر إشراقا وعالم أكثر ازدهارا.