تحليل إخباري: الخروج الأمريكي من سوريا يطمئن تركيا ويزعج القوات الكردية

2018-12-21 19:43:05|arabic.news.cn
Video PlayerClose

أنقرة 21 ديسمبر 2018 (شينخوا) صرح خبراء محليون بأن الخطوة غير المتوقعة التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا التي مزقتها الحرب، سيطمئن تركيا حليفة الناتو التي تستعد لشن هجوم ضد المقاتلين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة هناك.

وجاءت هذه الخطوة الأمريكية وسط تزايد التوترات الحادة بين واشنطن وأنقرة، حيث تعهدت الأخيرة بشن عملية عسكرية ضد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية الذين سيكونون أول من يعاني من فقدان الدعم الأمريكي.

وأجرى ترامب، الذي أعلن الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، محادثة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان يوم 14 ديسمبر في محاولة لتجنب هجوم تركي كان من الممكن أن يضع القوات الأمريكية في مرمى تبادل إطلاق النار.

وفي حديثه لوكالة أنباء ((شينخوا)) صرح سينان أولجين، وهو دبلوماسي سابق يرأس مركز الدراسات الاقتصادية ودراسات السياسة الخارجية، ومقره اسطنبول: "إن هناك العديد من العواقب ، لكن فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية-التركية، فإن الخطوة الأخيرة ستقضي على أكثر العوامل تدميرا للشراكة بين حليفي الناتو"؛ ألا وهو وجود المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا، والذين تعتبرهم أنقرة تهديدا.

واحتج أولجين بأن الخطوة الأمريكية، التي من المتوقع حدوثها ولكنها لا تزال مفاجئة بسبب توقيتها، سيكون لها تأثيرات متعددة على الأزمة السورية. لكن بالنسبة لتركيا، سيؤدي الانسحاب الأمريكي إلى إضعاف وحدات حماية الشعب الكردية سياسيا وعسكريا بعد فقدانها للدعم الأمريكي على الأرض.

ووعد إردوغان الأسبوع الماضي بسحق المواقع الكردية شرق نهر الفرات، وهو ما يزيد من خطر المواجهات المخيفة بين جنود اثنين من حلفاء الناتو الرئيسيين (تركيا وأمريكا).

إن مثل هذا الصدام يمكن أن يخلق أزمة جيوسياسية في قلب أقوى تحالف عسكري في العالم.

ولدى الولايات المتحدة مجموعة صغيرة نسبيا من الجنود في سوريا؛ يقدر عددهم بحوالي 2000 جندي، وكثير منهم من قوات العمليات الخاصة التي تعمل بشكل وثيق مع تحالف الميليشيات الكردية والعربية المعروفة باسم (قوات سوريا الديمقراطية).

لقد ساعدت الشراكة الأمريكية مع قوات سوريا الديمقراطية على مدى السنوات القليلة الماضية في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، لكن هذه الشراكة أغضيت تركيا التي تعتبر قوات حماية الشعب الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يناضل من أجل الحصول على حكم ذاتي في جنوب شرقي تركيا.

ومن جانبه، قال سركان دميرتاس، الصحفي والمحلل السياسي التركي لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن القرار الأمريكي سيحرر العلاقات الأمريكية-التركية من عبء كبير بلا شك.

وأوضح دميرتاس، رئيس مكتب صحيفة حرييت التركية في أنقرة أن "هذه الخطوة ستريح هذه الشراكة من مشكلة ضخمة تبدو الآن وقد أزيحت عن الطريق."

وأشار كل من دميرتاس وأولجين أيضا إلى أن تركيا من المحتمل أن تعمل على تأجيل أو تعديل خطتها من أجل التوغل في شمال شرق سوريا للقضاء على الميليشيات الكردية هناك في ضوء قرار ترامب، الذي أخذ إدارته نفسه على حين غرة .

وفي يوم الخميس، ذكر وزير الدفاع التركي خلوصي آكار أن بلاده "تستعد بشكل مكثّف لشن عملية عسكرية ضد الإرهاب" في سوريا، وحذّر من أن المقاتلين الأكراد "سيُدفنون في الخنادق التي حفروها"، حسبما ذكرت وكالة أنباء ((الأناضول)) التي تديرها الدولة.

وبينما يعتقد خبراء أن الانسحاب الأمريكي من سوريا سيتنازل عن السيطرة لتركيا، ما يؤدي إلى حل التوترات بين حليفي الناتو، إلا أنهم أعربوا عن قلقهم من أن هذا الانسحاب سيخلق فراغا في شمال شرق سوريا، حيث يمتلك تنظيم الدولة الإسلامية القدرة على إعادة التجمع والظهور مجددا.

ولفت دميرتاس إلى أن "هناك العديد من الجماعات التي تريد اختراق الساحة التي تتركها الولايات المتحدة وراءها، مثل الجماعات المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية وبعض الفصائل المتطرفة الأخرى"، محذّرا من ظهور "وضع فوضوي جديد" في سوريا التي تتشارك مع تركيا حدودا بطول 900 كم .

وأشار هذا الخبير أيضا إلى وجود توجّه نحو إحراز تفاهم أكبر بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن سوريا، مستندا إلي بعض التقارير غير المؤكدة التي تقول إن إردوغان أكد لنظيره الأمريكي أن تركيا ستلعب دورا أكبر في تحييد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، ليزيح عن كاهل الجنود الأمريكيين هذا الحمل المزعج.

وخلال الأشهر الأخيرة، حاولت أنقرة وواشنطن السعي إلى المصالحة بعد سنوات من الخلافات المريرة بشأن قضايا مختلفة، وفي القلب منها الخلافات حول سوريا.

وبدوره، قال حسن أونال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مالتيبي: "إن القرار الأمريكي بالخروج من سوريا جاء على خلفية يأسها من تجنب هجوم تركي والمخاطرة بفقدان تركيا".

كما أكد أن هذه "الخطوة الإيجابية للغاية" تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين الولايات المتحد وتركيا وإبعاد أنقرة عن روسيا التي تعد لاعبا عسكريا كبيرا في سوريا.

وبعد ساعات قليلة من إعلان ترامب بشأن سوريا، وافقت الولايات المتحدة على صفقة بقيمة 3.5 مليار دولار لبيع أنظمة باتريوت الصاروخية إلى تركيا، حيث تأمل واشطن في أن تحل هذه الصفقة محل نظام إس-400 الصاروخي الذي تعهدت تركيا بالحصول عليه من روسيا رغم معارضة الناتو.

الصور

010020070790000000000000011100001376899991