تقرير سنوي: انفراجات في العلاقات العربية في العام 2019 بالتزامن مع الانسحاب الأمريكي من الأراضي السورية

2018-12-25 21:05:51|arabic.news.cn
Video PlayerClose

دمشق 25 ديسمبر 2018 (شينخوا) بعد ان استطاع الجيش السوري على مدار السنتين الماضيتين السيطرة على أكثر من 90 بالمئة من الأراضي التي كانت خارج سيطرته، بدأت تلوح بالأفق ملامح التغيرات السياسية الاقليمية والدولية لصالح الدولة السورية خلال الأسابيع القليلة الماضية، ما يشير إلى أن أفق الحل السياسي للازمة السورية بدأت أيضا تتبلور أكثر، بعد مضي أكثر من سبع سنوات من الحرب المدمرة.

ويرى المراقبون والمحللون السياسيون في سوريا أن السنة المقبلة ستشهد انفراجات على صعيد العلاقات العربية ـ السورية، والتى تستند إلى حراك سياسي يجري في بعض العواصم العربية بغية اذابة الجليد في تلك العلاقات، وشكلت زيارة الرئيس السوداني عمر البشير المفاجئة إلى دمشق بداية مهمة لزيارات أخرى.

ولا يغيب عن بالنا أيضا ان هذا الإنجاز لم يأت من فراغ، ولكن جاء بعد التقدم الكبير الذي حققه الجيش السوري بالتعاون مع حلفائها لجهة تقليص مساحة الإرهاب على امتداد الجغرافية السورية، وتمكن من استعادة مناطق حيوية ومهمة، ساهمت في تغيير موازين القوى على الأرض، وانعكست إيجابا على المسار السياسي للازمة السورية.

واستطاع الجيش السوري السيطرة على كامل دمشق وريفها وأصبحت آمنة وخالية من الإرهاب بعد استعادته السيطرة على الغوطة الشرقية بريف دمشق في ابريل الماضي، والتي كانت تعد آخر معقل للمسلحين، بموجب اتفاق يقضي بخروج المسلحين من الغوطة الشرقية إلى الشمال السوري وتسوية أوضاع من يرغب بالبقاء، بوساطة روسية، وكذلك جرت نفس التسوية في مناطق وأحياء جنوب دمشق والتي كانت تحت سيطرة تنظيمي (جبهة النصرة) و (داعش) وأصبحت تحت سيطرة الجيش السوري في مايو الماضي.

وانتقل بعدها الجيش إلى الجنوب السوري الذي يضم ثلاث محافظات (درعا، القنيطرة، السويداء) وتمكن الجيش أيضا من خلال بعض العمليات العسكرية والمصالحات التي جرت بموجب اتفاق بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة المسلحة من استعادة السيطرة على الجنوب السوري، برعاية من الحليف الروسي.

كما تمكن أيضا من استعادة مناطق في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي بموجب اتفاق مماثل يقضي بخروج المسلحين منهما ليتم فتح الطريق الدولي الذي يربط دمشق العاصمة مع حمص وحماة (وسط سوريا)، والذي عده المراقبون أيضا إنجازا مهما على الصعيد الميداني.

وتسارعت وتيرة الأحداث بعد استعادة الجيش السوري تلك المساحات الكبيرة من الأراضي السورية التي كانت خارج السيطرة، لتبدأ مرحلة أخرى هي فتح المعابر الحدودية بين دمشق وبعض الدول العربية والتي شكلت انعطافه أخرى في مسار الازمة، اذ فتح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن بعد مفاوضات شاقة، انعكست إيجابا على الوضع الاقتصادي بين البلدين وساهمت في انعاش الحركة التجارية لدول أخرى، كما شجعت هذه الخطوة العراق على القيام بذات الخطوة لفتح المعابر المغلقة بين البلدين في مرحلة قريبة.

كما شكل اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان في سوتشي في سبتمبر الماضي نقلت نوعية باتجاه تجنيب محافظة ادلب (شمال غرب سوريا) لعمل عسكري، بعد ان حشد الجيش السوري قواته على أطراف ادلب تمهيدا لشن عملية عسكرية مرتقبة، فالاجتماع تمخض عن انجاز اتفاق يقضي بإقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كلم، يشرف على تنفيذها الجانبين الروسي والتركي بحلول أكتوبر الماضي.

وتعتبر إدلب آخر معقل للفصائل المسلحة في سوريا، وتسيطر "هيئة تحرير الشام" الجهادية على 60 في المائة من المحافظة.

وتعارض أنقرة بشدة الهجوم على إدلب، وقد ظهرت خلافات بين تركيا وروسيا حول المحافظة السورية خلال قمة طهران التي عقدت في 7 سبتمبر.

ولاقى هذا الاتفاق ترحيبا من الحكومة السورية، واعتبرت ان هذا الاتفاق مؤطر بجدول زمني محدد، ولكن هذا الاتفاق إلى الان لم ينفذ بسبب رفض بعض الفصائل المسلحة لهذا الاتفاق وعدم تسليم أسلحته كما هو متفق عليه ضمن اتفاق سوتشي، وبدأ صبر الحكومة السورية ينفذ لكثرة الاختراقات التي تحدث، وتبادل الاتهامات بين الجيش والمسلحين بخرق الاتفاق.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي السوري أحمد الحاج علي أن الزيارات المرتقبة لبعض الزعماء العرب إلى سوريا جاءت بعد ان توضحت المسارات وتوصلوا إلى قناعة ان سوريا عصية ان تأخذ من الداخل والخارج.

وقال الكاتب والمحلل السياسي السوري لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق اليوم (الثلاثاء) إن "هذه الصحوة العربية تجاه دمشق قادرة ان تتعمق وان تصبح خطا من العرب إلى سوريا، وليس العكس، وضمن هذا الافق اعتقد انها ستكون حقيقة وواقعية"، معتبرا أن المرحلة ما زالت في بدايتها، ولكنها تشكل خطوة متفائلة في كسر القطيعة.

وأوضح أن تلازم المسارين العسكري والسياسي لعب دورا حاسما في مسار الأزمة السورية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وساهم في تحريك المياه الراكدة تجاه بلورة الحل السياسي خلال الأشهر القليلة الماضية، وخاصة في الهيئات الدولية، مؤكدا أن سوريا استطاعت ان تثبت مشروعيها في الأمم المتحدة عبر طرح المشكلة والحل في آن معا.

وأكد الحاج علي أن المحطة الأبرز في العام 2018 على صعيد الازمة السورية كانت باستعادة الجنوب السوري، الذي وصفه بانه كان "الأخطر على مسار الأزمة"، مبينا أن تحرير الجنوب السوري بالكامل شكل انعطافه كبرى في الازمة السورية ، لقربه من العدو الإسرائيلي الذي كان يمول الإرهاب، وسيطرة المسلحين على المنافذ الحدودية تجاه الأردن.

من جانبها، اعتبرت صحيفة (الوطن) الموالية للحكومة السورية ان العلاقات السورية العربية تشهد دفعة إضافية نحو الأمام، مع الإعلان عن زيارة قام بها رئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا اللواء علي المملوك يوم (السبت) الماضي إلى مصر بدعوة من الوزير عباس كامل، بحثا فيها، مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك القضايا السياسية والأمنية وجهود مكافحة الإرهاب.

ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية مطلعة، فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن زيارة اللواء مملوك أتت في سياق إعادة توحيد الصف العربي لمواجهة التحديدات القادمة على مختلف المستويات، وأنه سيليها زيارة من الجانب المصري إلى دمشق، وأن هدف البلدين إعادة تفعيل العلاقات السورية المصرية أولاً، والعلاقات العربية عموماً، وخصوصاً أن لمصر دور كبير تلعبه في هذا السياق.

وكشفت الصحيفة السورية عن زيارة مرتقبة للرئيس العراقي برهم صالح إلى دمشق خلال الأيام القليلة القادمة، التي ستصب في إعادة تفعيل العلاقات العربية مع سوريا.

إلى ذلك، رأى المحلل السياسي بسام أبو عبدالله أن هناك مؤشرات عديدة تدل على وجود انفراجات في العلاقات بين سوريا وبعض الدول العربية، وقد نلمسها مع بداية العام الجديد، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس السوداني كانت بداية كسر القطيعة.

وقال أبو عبدالله أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق لوكالة ( شينخوا) إن "المؤشرات كانت كثيرة وبدأت من لقاء وزير خارجية البحرين في الأمم المتحدة مع نظيره السوري وليد المعلم ، ثم كلام وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني على قناة (العربية) حول الازمة السورية، وكما ان حديث المملكة السعودية لم يعد حادا كما كان سابقا هذا أيضا مؤشر اخر".

واعتبر ان فتح معبر نصيب بين سوريا والأردن وزيارة وفد النواب الاردنيين ونقلهم رسالة بالاتجاهين كان مؤشرا على ان العام المقبل سيشهد انفراجات واضحة.

ووصف أبو عبدالله، زيارة اللواء علي مملوك رئيس الاستخبارات السورية، إلى القاهرة بأنها "مهمة"، لكونها ليست امنية ، وانما هي ترتيب سوري مصري لقيادة هذه المرحلة، مضيفا أن "سوريا ترى ان مصر يجب ان تلعب هذا الدور في المرحلة القادمة".

وأشار المحللون السياسيون إلى أن إعلان الرئيس الأمريكي الانسحاب المفاجئ من الأراضي السورية، شكل صدمة لميليشيا قوات سوريا الديمقراطية، وشكل "طعنة لها في الظهر"، الا انهم رأوا أن هذا الانسحاب هو خطوة إيجابية يمكن ان تنعكس على الحل السياسي للازمة السورية بشكل غير مباشر، لان وجودهم كان بمثابة العقدة امام أي تسوية سياسية.

وقال الكاتب احمد الحاج علي إن "الامريكان شعروا أخيرا انه لا أفق لوجودهم العسكري في سوريا، وان الحكومة السورية في النهاية لن تقبل بوجود قوات غير شرعية على أراضيها " ، مشيرا إلى ان النماذج موجودة في لبنان والعراق.

وأضاف إن "إعلان الانسحاب الأمريكي من الأراضي السوري خلال 100 يوم سيساهم في الإسراع في انجاز حل سياسي للازمة السورية بعد سنوات من محاولة الأمريكي عرقلته عبر وجوده في داخل الأراضي السورية، وقصفه العشوائي عبر التحالف الدولي، للقرى والبلدات في شرقي الفرات".

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي بسام أبو عبدالله ان اعلان الانسحاب الأمريكي هو مؤشر على هزيمة المشروع العسكري الامريكي في سوريا.

وقال أبو عبدالله إن "أمريكا لن تتخلى عن مشروعها في سوريا ، وستعمل على إيجاد بدائل سواء عبر التنسيق مع تركيا"، مضيفا إن أمريكا ستنتقل من المشروع العسكري إلى موضوع القوى الناعمة وتأثيره على مستقبل سوريا من خلال العملية السياسية في المستقبل.

وتابع يقول إن "الحل السياسي ليس موضوعا مقتصرا على العرب فقط، لان الدول العربية وجدت نفسها أخيرا خارج اللعبة، وان دولتين اقليميتين تقودان العملية هما ايران وتركيا عبر مساري استانا وسوتشي، وقد ساهمتا في تقليص مساحة الإرهاب عبر مناطق خفض التصعيد التي افسحت مجالا امام الحل السياسي.

وقال نواران أحمد، وهو خبير سياسي كردي سوري ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق، إن انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي السورية سيساعد في تسريع العملية السياسية في سوريا.

أما بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية التي يتزعمها الأكراد ، والتي تدعمها الولايات المتحدة في عدة معارك رئيسية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، قال أحمد إن أفضل خيار هو أن يكونوا تحت مظلة الجيش السوري، وإلا سيواجهون القوات التركية وعندها ستخسر قوات سوريا الديمقراطية مناطق لصالح المسلحين المدعومين من قبل تركيا على غرار ما حدث في مدينة عفرين شمال حلب، وهي منطقة ذات أغلبية كردية سقطت للقوات التركية في وقت سابق من هذا العام في شمال سوريا.

وكانت بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد قالت في مقال نشرته صحيفة (الوطن) السورية تحت عنوان "الهروب"، إن القوات الأمريكية "هربت من سوريا ولم تنسحب".

الصور

010020070790000000000000011100001376984661