القوات المسلحة الصينية... قبضة حديدية لحماية الوطن والسلام العالمي

2018-12-31 12:45:52|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 31 ديسمبر 2018 (شينخوا) لم تشهد الصين أية حرب على أراضيها منذ العقود الثلاثة الماضية حيث يسود السلام أرجاء البلاد وتسكن الطمأنينة قلوب شعبها.

غير أن جنوداً في سرية من السرايا العادية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني قد شرعوا في ترتيبات جديدة تتمثل بوضع الأحذية باتجاه الخارج وملء الأواني وقوارير المياه كل ليلة قبل النوم، ولا أحد منهم يتمتع بالموسيقى في المعسكر باستخدام سماعتين بل واحدة فقط، فالجميع على أهبة الاستعداد لتلبية نداء مفاجئ لتنفيذ التدريبات القتالية أو المناورات العسكرية في أي وقت ممكن.

منذ تمسك الصين بسياسة الإصلاح والانفتاح في أواخر عام 1978، بدأ وجه البلاد يتغير، حيث بدأت خطواتها بالتسارع ضمن وتيرة غير مسبوقة تاريخياً، ومن ناحية أخرى، أدركت الصين الاشتراكية ذات الخصائص الصينية منذ البداية وبكل وضوح أن أحد أسرار ضمان نجاح قضية التنمية في البيئة السلمية من خلال عمليات الاصلاح والانفتاح وحماية السلام، يكمن في التقوية المتواصلة لقواتها المسلحة، فبات جيش التحرير الشعبي الصيني الذي يضم خيرة أبنائها جاهزاً للذود عن حياض البلاد وحماية مصالح الشعب الأساسية.

لطالما برهن التاريخ أن نهج حماية وصون السلام في الصين لم يشهد انخفاضاً، بل ارتفاعاً وتسارعاً ضمن سياق رؤية جديدة، ليسير بالتوازي مع نهج تنمية الاقتصاد وزيادة حضور وتأثير الصين على الساحة الدولية، وذلك حسبما قال شيوي لي تشيان، وهو طيار لامع للمقاتلات المتقدمة، وقائد أحد ألوية القوات الجوية، مضيفاً: "لا سبيل أمامنا إلا بمواصلة تحقيق الإختراقات وبناء الإصلاحات، لنضمن النجاح في المعارك القادمة، لأن المتغيرات مستمرة على الدوام."

لقد استفادت القوات المسلحة الصينية من عملية الإصلاح والانفتاح، واتسمت تدريجيا بعدة ميزات جديدة في ما تلا على مدار العقود الأربعة الفائتة، حيث شهدت تحولات وتغيرات جذرية تشبه بشكل من الأشكال تغير شكل اليد من حالة الأصابع المفتوحة إلى حالة القبضة القوية كالفولاذ، حسب ما ورد في سلسلة البرامج التلفيزيونية الوثائقية المعروضة في القنوات الفضائية الرئيسة في عموم البلاد تحت عنوان " أيام نمر بها معا ".

- اندماج القوات المسلحة المتنوعة في وحدة أساسية وإعادة تشكيل نظام القيادة

منذ الثمانينيات من القرن الماضي، بدأت الصين تحت إرشاد الزعيم الراحل دنغ شياو بينغ مهندس قضية الاصلاح والانفتاح الصينية، بدأت تقليص حجم القوات المسلحة من حيث تخفيض عدد الضباط في الهيئات الإدارية غير اللازمة، وواصلت هذه العملية حتى الجيل الجديد من القيادة الصينية، مع الإعلان عن خفض عدد العسكريين بـ 300 ألف ابتداء من عام 2015، ما أدى إلى انخفاض إجمالي تعداد العسكريين الصينيين إلى نحو مليونين.

وفي نفس الوقت، تتابع القوات الصينية أحدث الآليات والهياكل القيادية العسكرية في العالم، ونشرت ستة أنواع من صنوف القوات المختلفة في خمس مناطق حربية من أنحاء البلاد تحت قيادة موحدة للجنة العسكرية المركزية الصينية .

لقد تم تحويل ملامح القوات الصينية في العقود الأربعة الماضية من حيث العديد والعُدّة، وباتت إحدى أحدث القوات العسكرية في العالم، فانتقلت من جيش يتميز بكثرة الأفراد والمعدات العسكرية المتخلفة، إلى جيش مسلح ومنظم جيدا من حيث هيكل القدرة القتالية والتزود بأحدث التكنولوجيات المتقدمة.

لقد ظلت أهداف الإصلاح العسكري الصيني ترمي إلى بناء قوات محدودة العدد، ذات قدرة قتالية مرتفعة مع اندماج صنوفها المتنوعة ضمن هيكلية قتالية فعالة موحدة، كما قال فان هاي لونغ قائد كتيبة من فوج تابع للجيش الصيني في المنطقة الحربية الغربية، حيث قال:" كنت مكتفياً بإمكانياتي ومهارتي في إدارة وقيادة كتيبة مدرعة في السابق، لكنني أصبحت قلقاً ومهتماً على الدوام حالياً لمعرفة القوات والأسلحة والمعدات غير المدرعة التي أُضيفت إلى كتيبتي، ما يفرض عليّ مواصلة التعلم والتدريب بسرعة".

وتعرض البرامج الوثائقية أن لدى كل كتيبة من هذا النوع، والتي تعد وحدة أساسية متكاملة للهيكلية القتالية للقوات الصينية البرية، طائرات ومهندسون وغير ذلك من القوات الأخرى لضمان تنفيذها مختلف المهمات القتالية المعقدة بشكل مستقل .

- الاستعداد القتالي للمناورات في البيئة الحربية أو القتال في المعارك الحقيقية

على هضبة تشينغهاي - التبت المعروفة بـ "سقف العالم"، تقوم القوات البرية الصينية بتنفيذ مجموعة من المناورات الحربية في ظروف البيئة القاسية مثل سلسلة مناورات "قفزات" وسلسلة مناورات "اطلاق النار" وغيرها، بمشاركة ألوية حربية متخصصة لضمان نجاح المهام الحربية في المعارك بشكل مستقل.

وبالانتقال إلى أعالي البحار والمحيطات البعيدة عن الصين، تخوض الأساطيل الحربية الصينية المزودة بالطائرات مناورات حربية متمثلة في سلسلة"حركة" وتقوم الاسلحة البحرية للأساطيل بمحاكاة الحروب البحرية ومواجهة الاسلحة الجوية أو المواجهة المباشرة بين مختلف أنواع السفن القتالية، إلى جانب مواصلة تنفيذ التدريبات اليومية المخططة.

وفوق سماء مناطق صحراء "غوبي" بشمال غربي البلاد، تتسابق أحدث الطائرات العسكرية المتمثلة في مقاتلة "الشبح" من طراز "جيان - 20" وطائرات النقل العملاقة من طراز "يون - 20 " وطائرات الإنذار المبكر الضخمة من طراز " كون جينغ - 2000" وغيرها من الطائرات المتقدمة والصواريخ المضادة للطائرات الحديثة، تتسابق جميعها في المشاركة بالمناورات الحربية مثل سلسلة " الخوذة الذهبية" وسلسلة "السهام الذهبية" إلى جانب سلسلتين مشهورتين من المناورات "السيف الأحمر" و"الدرع الأزرق"، لتنهل من الخبرات القتالية الحقيقية وتضيف الكثير لرفع قدراتها في التعامل مع الأوضاع الميدانية لظروف المعارك الحقيقية .

أما في أعماق الغابات الطبيعية الجبلية، تتمركز ألوية القوات الصاروخية لتشن هجمات مفاجأة ودقيقة للغاية على أهداف بالمناطق البعيدة، وذلك من خلال سلسلة المناورات الحربية تحت اسم "سيف السماء".

وعلاوة على ذلك، ينشط رجال الشرطة العسكرية في المشاركة بمناورات "أسبوع الشيطان" في المناطق القاسية غير المناسبة للحياة لاختبار وتعزيز طاقاتهم القتالية ودفعها إلى أقصى حدودها استعداداً لمواجهة العناصر الإرهابية المتطرفة .

- التكتيكات الحربية المتقدمة المناسبة للمعدات المتفوقة

قال شيوي لي تشيان إنه يذكر بكل وضوح دراسة فشل فادح في تاريخ الفرقة الأولى للقوات الجوية الصينية التي كان يخدم فيها كطيار لأحدث المقاتلات آنذاك "سو - 27 " الروسية، وشاركت الفرقة في مناورة "الخوذة الذهبية " الأولى مفعمة بثقة النجاح أمام مقاتلات أخرى متخلفة، لكن الفرقة فشلت بنسبة 59 : 116 . تعلم شيوي لي تشيان من ذلك الدرس بأن أحدث الطائرات لا تضمن نصرا كاملا إلا أنها تتماشى مع التكتيكات الحربية الهيكلية الملائمة لها، مضيفاً: " لا شيء معروف في الحروب الحقيقية، ولا أحد يستطيع أن يسيطر على اي شيء فيها .. يجب علينا أن نكشف نقاط ضعفنا من خلال المناورات "، وهذا ما فرض زيادة تنفيذ المناورات والتدريبات الصعبة.

كما قال شيوي مينغ ، الطيار البارز للمقاتلات المحمولة على متن حاملة الطائرات، قائد فوج قوات بحرية، قال: ليس بمقدور كل دولة تملك حاملات الطائرات أن تنفذ مهام هبوط ليلي للطائرات العسكرية على متن حاملة الطائرات، "لكنني أعتقد بضرورة أن نتقن هذه المهارة" على حاملة الطائرات الأولى للقوات البحرية الصينية. وبعدها تمكن شيوي مينغ من إنجاز هذه المهارة إثر نجاحه بالهبوط بواسطة مقاتلة "جيان - 15 " المتقدمة لأول مرة في تاريخ القوات المسلحة الصينية على حاملة الطائرات الصينية "لياونينغ".

وأكد داي مينغ منغ ، قائد قاعدة مختصة للتدريب واختبار الطائرات على حاملة الطائرات، أول طيار صيني قاد مقاتلة للهبوط على حاملة الطائرات الصينية، أكد ثقته بتطور بلاده الكبير بفضل سياسة الاصلاح والانفتاح على مدار العقود الماضية، ما يفرض على قواتها أن تحقق نفس مستوى التطورات والإنجازات. ولذلك؛ فإن حاملة الطائرات تلعب دورا محوريا لضمان تحقيق التطورات هذه.

يواصل جيش التحرير الشعبي الصيني عمله لتعزيز نظامه الخاص بالاستعداد القتالي مع توجيهات استراتيجية أكثر ترابطاً بين القوات البرية والجوية والبحرية، والاستمرار بمراقبة تطبيق المبادئ والقوانين المرعية في ظروف الحرب والسلم، وخصوصا مبدأ قيادة الحزب الشيوعي الصيني المطلقة للجيش كمبدأ ونظام أساسيين، والاستجابة على كافة الصعد والتأمين الإقليمي الكامل، والمحافظة على حالة الاستعداد القتالي الفعال والنشط.

تجدر الاشارة إلى أن القوات المسلحة الصينية تنشط في مجال الاضطلاع وتحمل المسؤوليات الدولية ضمن مهمات منظمة الأمم المتحدة لحفظ السلام في العالم. فحتى مايو من العام الحالي، أرسلت الصين 37 ألف عسكري من قواتها المسلحة، و2700 رجل شرطة للمشاركة في 30 بعثة لحفظ السلام نُظمت من قبل الأمم المتحدة في دول مثل السودان ولبنان وكمبوديا وليبيريا ودول ومناطق أخرى. وقد ضحى 13 عسكريا صينيا بحياتهم أثناء تنفيذ تلك المهمات.

الصور

010020070790000000000000011100001377103471