مقالة خاصة: بعد لقاء بوتين وأردوغان .. لا جديد بخصوص إقامة "منطقة آمنة" شمال سوريا

2019-01-24 17:47:34|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 24 يناير 2019 (شينخوا) بعد محادثات استمرت نحو ثلاث ساعات في العاصمة الروسية موسكو، اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء على مواصلة تنسيق العمل في المستقبل القريب في سوريا، لكن دون إيراد أي جديد بخصوص إقامة "منطقة آمنة" شمالي سوريا.

وقال بوتين، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي، إن العمل جار على تنظيم قمة ثلاثية جديدة تضم روسيا وتركيا وإيران بشأن سوريا "في إطار عملية أستانا ستعقد في روسيا قريبًا"، دون أن يتطرق إلى "المنطقة الآمنة" التي كانت على رأس أجندة أردوغان في زيارته لموسكو.

وحمل أردوغان خلال زيارته هذه هدفا واضحا وهو محاولة دفع إجراء تنسيق مع روسيا بخصوص إقامة "منطقة آمنة" تسيطر عليها تركيا واقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد إعلانه انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.

ورغم أن روسيا وتركيا اتفقتا على تنسيق عملياتهما الميدانية في سوريا واستمرار الجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب، بيد أن إقامة "منطقة آمنة" بدون موافقة السلطات السورية ما زال أمرا بعيد المنال، وخاصة أنها إضافة إلى روسيا سبق أن أعلنتا رفضهما هذا المقترح، بحسب خبراء.

وأثار إعلان ترامب الشهر الماضي بسحب ألفي جندي أميركي متواجدين في سوريا ردود فعل مختلفة، إلا أن تركيا وروسيا كانتا من أوائل المرحبين بهذه الخطوة، بيد أن التساؤل الذي طفا على السطح هو من سيملأ هذا الفراغ؟.

واعتبر بوتين انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا "خطوة إيجابية ستساعد على استقرار الوضع في هذه المنطقة المضطربة"، مشيرا إلى أن موسكو تؤيد إقامة حوار بين الحكومة السورية وممثلي الأكراد، ما سيساهم في توحيد المجتمع السوري والمصالحة الوطنية، وسيكون مفيدًا ليس بالنسبة لسوريا فحسب، بل ولجميع دول الجوار.

وفي رأي شيو ون، وهي محللة صينية في شؤون الشرق الأوسط من جامعة بكين، أنه بعد نحو ثماني سنوات من الصراع الدامي في سوريا، يشكل قرار الانسحاب الأمريكي فرصة إيجابية لتعزيز حملة السلطات السورية المدعومة من روسيا لإعادة فرض السيطرة على البلاد.

كما قال بوتين في المؤتمر الصحفي إنه "تم إنجاز عمل كبير فيما يخص اللجنة الدستورية وتم وضع أساس متين لإطلاق التسوية السياسية، ونعمل وفق القرار الأممي وعلى أساس احترام وحدة الأراضي السورية".

وبخصوص محادثاته مع أردوغان، أفاد بوتين أن "المباحثات بين الجانبين تركزت على سوريا وناقشت اتخاذ خطوات إضافية بشأن إدلب".

-- منطقة آمنة... آمنة لمن؟

وأكد أردوغان أن أنقرة ستواصل تعزيز التنسيق مع موسكو بشأن سوريا، لكنه أوضح أنه من الضروري تفادي "ظهور فراغ" بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، خشية أن يستفيد منه الإرهابيون.

وحول المنطقة الآمنة، أشار أردوغان إلى أن الفكرة طرحت لأول مرة من جانب تركيا قبل عدة سنوات، لكنها لم تلق قبول الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

إلا أن ترامب فاجئ الجميع في تغريدة نشرها على حسابه في 13 الجاري اقترح فيها إنشاء "منطقة آمنة" وإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا لفصل الحدود التركية عن المناطق التي تُسيطر عليها القوات الكردية، فيما أعلن أردوغان أن قوات بلاده ستتولى إقامتها.

وسارعت كل من روسيا وسوريا إلى رفض هذا الاقتراح "لانتهاكه سيادة سوريا"، وفي حين وصفت دمشق تصريحات أردوغان بأنها "غير مسؤولة"، ذكرت روسيا بأن "الحل الوحيد والأمثل هو نقل هذه المناطق إلى سيطرة الحكومة السورية".

فيما أبدى الأكراد، الذين تدعمهم الولايات المتحدة، رفضهم إقامة "منطقة آمنة" شمال سوريا خاضعة لسيطرة تركيا، مشيرين إلى إمكانية استقدام قوات أممية لحفظ الأمن والسلام في المنطقة.

وفي هذا الصدد، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الشرق الأوسط التقنية التركية، حسين بازهي، إن "التدخل العسكري التركي في شمال سوريا لإقامة مثل هذه المنطقة يواجه معارضة من روسيا، وهذا ما أدى إلى عدم توصل الاجتماع بين أردوغان وبوتين إلى أي اتفاق بهذا الشأن".

ووافقه الرأي غاريث جينكنز، وهو باحث في المعهد السويدي لسياسات الأمن والتنمية، قائلا إن "روسيا ملتزمة بسيادة سوريا على أراضيها ومساعدة الحكومة السورية على استعادة السيطرة على كامل البلاد، بالتالي فإن خطوة من هذا القبيل تتعارض مع أهداف روسيا الأساسية هناك، وخاصة أنها لا تلق قبولا من السلطات السورية، التي تعتبر تركيا محتلا".

-- مواصلة تنسيق جهود مكافحة الإرهاب في ادلب

تعد محافظة إدلب هي آخر موقع رئيسي في سوريا تسيطر عليه قوات المعارضة المسلحة، المدعومة من تركيا. وكانت تركيا وروسيا قد توصلتا إلى اتفاق في سبتمبر الماضي حول إنشاء منطقة منزوعة السلاح تمتد بين 15 و20 كيلومترًا بين القوات الحكومية والقوات المناوئة للحكومة في محافظة إدلب، حيث حال هذا الاتفاق، ولو بشكل مؤقت، دون وقوع هجوم واسع النطاق.

ولدى تحدثه عن الوضع في ادلب، قال بوتين إن الحفاظ على اتفاق خفض التصعيد "يجب ألا يكون على حساب محاربة الإرهابيين"، مشددا على ضرورة مواصلة ذلك، ولفت إلى أنه من الضروري العمل بشكل مشترك مع الأتراك "لإزالة التوتر في تلك المنطقة".

وفي هذا الخصوص، قال جنكينز إن تركيا تعهدت في وقت سابق بأنها ستقضي على جميع الجماعات الإرهابية التي اتخذت من إدلب مقر رئيسي لها، لكنها بعد ذلك لم تظهر "الرغبة والقدرة" للوفاء بذلك، مضيفا "لا أعتقد أن السلطات السورية وحلفائها سيتسامحون مع تنظيم هيئة تحرير الشام الذي يسيطر منذ فترة طويلة على معظم مساحة إدلب".

وتعتبر "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا)، وهي فرع تنظيم "القاعدة" في سوريا، أكبر جماعة مسلحة متشددة في إدلب. وتسيطر على 70 في المائة من المنطقة المنزوعة السلاح، وتمثل 50 في المائة من الفصائل المسلحة في إدلب، وفقا لتقارير إعلامية.

-- نقطة تحول محتملة في منبج

منذ بدء الأزمة السورية في عام 2011، وقعت مدينة منبج شمالي سوريا تحت سيطرة العديد من الجهات، بدءا من قوات المعارضة المسلحة، مرورا بتنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي (داعش)، وصولا إلى القوات الكردية، المدعومة من الولايات المتحدة.

وكانت الولايات المتحدة وتركيا توصلتا إلى اتفاق في يونيو من عام 2018 حول خارطة طريق بخصوص منبج تتضمن جدولا زمنيا لانسحاب القوات الكردية منها وإدارة المنطقة بشكل مشترك حتى تشكيل إدارة محلية جديدة. ولكن الولايات المتحدة أعلنت سحب قواتها قبل خروج القوات الكردية بالكامل. لتصرح تركيا بعد ذلك بأنها ستسيطر على منبج وفقا للاتفاقية.

ولكن الحكومة السورية أعلنت في نهاية الشهر الماضي أن القوات الحكومية قد دخلت منبج بالفعل، تلا ذلك بعدة أيام إعلان انسحاب القوات الكردية بشكل كامل من المدينة.

وقال سيدار داميراب، وهو محلل من جامعة تركيا اسيكفي للعلوم السياسية، إن روسيا تدعم الحكومة السورية في استعادة منبج ،"وفي حال وافقت تركيا على ذلك واعترفت به، سيمثل هذا نقطة تحول كبيرة في الأزمة السورية".

وأكد مسؤولون أكراد في وقت سابق أن القوات الكردية بدأت مفاوضات مع الحكومة السورية وروسيا بشأن منبج.

إلا أن المدينة شهدت مؤخرا تفجيرا تبنى مسؤوليته تنظيم "داعش" أسفر عن سقوط عدد من القتلى، بينهم 4 جنود أمريكيين. وعلى إثر ذلك، اتصل أردوغان بترامب ليبلغه استعداد تركيا لتولي "حفظ الأمن" في منبج بشكل فوري "ودون تأخير".

وفي المحصلة، أعرب جنكينز عن اعتقاده بأن "المناطق التي تسيطر عليها القوات الكردية المتبقية، قد تعود إلى سيطرة دمشق في المستقبل. لكن ما هو غير واضح مدى هذه السيطرة".

الصور

010020070790000000000000011101421377712711