الرسائل : ألبوم الزمن القديم

بكين 21 مارس 2019 (شينخوانت) كم مضى من الوقت لم تكتب رسالة بخط اليد وكم مضى من الوقت لم تقرأ رسالة بخط اليد؟ مع ظهور وسائل الاتصال الحديثة، أصبحت الرسالة التقليدية شيئا من الماضي مع أنها كانت وسيلة الاتصال الرئيسية في المجتمع، حيث كانت وتيرة الحياة بطيئة نسبيا ومن خلال كتابة رسالة وإرسالها وتسليمها وقراءتها، اعتاد الناس الانتظار لوقت طويل وأصبح تلقى الرسالة بخط اليد من أفراد العائلة أو الأصدقاء من الأماكن البعيدة أمرا مثيرا للغاية ومع مرور الأيام، أصبحت الرسائل المتراكمة هدايا تذكارية ثمينة، إذا لم يتلق شخص ما رسالة من شخص يشتاق إليه لبعض الوقت، فقد يقرأ الرسائل السابقة له مرارا وتكرارا، فيمكن القول إن ما يقرأه ليس محتويات الرسالة، بل المشاعر المكمونة فيها.

فضلا عن المشاعر المعبرة في تلك الرسائل، حيث سجلت الرسائل التي كتبت في مختلف الفترات التاريخية، سواء كانت بين الناس العاديين أو بين الشخصيات الشهيرة، ما وقع في ذلك الحين لتصبح سجلات تاريخية هامة.

تم بث برنامج تلفزيوني في الصين عام 2016 حول الرسائل بخط اليد وجمع فريق إنتاج البرنامج عددا من الرسائل عبر أزمنة مختلفة ودعا الشخصيات الشهيرة لقراءة هذه الرسائل للمشاهدين. حظي البرنامج بإقبال واسع، وقد تم بث الموسم الأول والثاني منه ويبث الآن الموسم الثالث.

تتعلق هذه الرسائل بالعائلة والحب والسعي الوظيفي والمثل الأعلى والحياة اليومية وطريق تفكير الناس في مختلف الحقب الزمنية. تعد بعض الرسائل مؤسفة وحزينة، بما فيها الرسائل حول الحرب والرسائل من الجنود على ساحة المعركة إلى أفراد العائلة، ففي رسالة جنديين شقيقين في جيش ولاية تشين في فترة الممالك المتحاربة إلى أخيهما الكبير خلال المعركة ضد جيش ولاية تشو، طلبا من أخيهما رعاية والدتهم الكبيرة في السن وزوجتيهما. وتم العثور على هذه الرسالة في عام 1975، ويرجع تاريخها إلى ما قبل أكثر من 2200 سنة وتعد أقدم رسالة معروفة في الصين من ساحة المعركة إلى أفراد العائلة وفي رسالة الثائرة تشاو يون شياو التي حكم عليها بالإعدام إلى رضيعتها البالغة من العمر أقل من شهرين، أعربت عن أسفها الشديد من عدم قدرتها على رعايتها حتى تكبر كما أوضحت المثل الأعلى الذي توفيت أمها من أجله وتطلعاتها إلى إبنتها، الرسالة مليئة بالحزن والحب والعزم والإصرار الذي تحلت به الثائرة، مما جعل القراء يشعرون بقسوة الحرب وقيمة السلام.

أما بعض الرسائل بين الشخصيات الشهيرة في مختلف العصور، فيمكن للقراء التعرف على خصائص تنمية العصور والأفكار المتنوعة للناس الذين عاشوا في تلك العصور، على سبيل المثال، هناك رسالة مكتوبة من هان يو، الأديب والفيلسوف الصيني من عهد أسرة تانغ، وكان مسؤولا في مدينة تشاوتشو جنوب البلاد، حيث تعرض السكان المحليون فيها لمهاجمة التماسيح، فعقد هان يو مراسم العبادة وقرأ رسالته إلى التماسيح خلال المراسم، محذرا من عدم مهاجمة السكان المحليين. أما في رسالة من قبل تشان تيان يو، الذي يعرف بأول منهدس للسكك الحديدية في الصين، إلى أستاذته خلال دراسته في الولايات المتحدة، كان قد أعرب عن شعوره بالفخر والمسؤولية عن بناء أول سكة حديدية صينية صنع، السكة الحديدية من بكين إلى تشانغجياكو.

تتعلق بعض الرسائل بالحياة الحالية، حيث تضمنت رسالة الكاتب تساي تشاو هوي إلى إبنه الذي أصيب بمرض التوحد، عملية علاج إبنه وتشجيعه له على تلقى العلاج بشكل متفائل وإيجابي وأن يعيش حياة طبيعية بالرغم من إصابته بهذا المرض الذي سيلازمه طوال حياته. أما بعض الرسائل الأخرى، فتتحدث عن الخيال حول المستقبل، في رسالة كاتب الخيال العلمي ليو تسي شين إلى بنته وحدد وقت تسليم هذه الرسالة هو بعد 200 سنة، حيث تقدم خياله الجريء حول الحياة المستقبلية، مما وسع نظرات القراء بشكل كبير.