مقالة خاصة: جولة شي الأوروبية تطلق العنان لإمكانيات الشراكة وتجدد الدفاع عن التعددية
بكين 28 مارس 2019 (شينخوا) حققت أول جولة خارجية للرئيس الصيني شي جين بينغ خلال عام 2019، سلسلة من النتائج الملموسة، وبذلك تطلق العنان لإمكانيات تحقيق تعاون أكثر ديناميكية وفائدة بين الصين والعديد من شركائها الأوروبيين.
وساعدت جولة شي الأوروبية، التي شملت إيطاليا وموناكو وفرنسا، في تعزيز التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق، وتحفيز التبادلات الثقافية الدولية، والمساعدة في بناء توافق دولي حول حماية التعددية من أجل مستقبل أفضل وأوفر فرصا للمشاركة .
تعزيز مبادرة الحزام والطريق
خلال زيارة الرئيس شي إلى إيطاليا، وقع البلدان مذكرة تفاهم تهدف إلى التعزيز المشترك لبناء مبادرة الحزام والطريق. وإن تأييد روما الرسمي لمبادرة الحزام والطريق، يجعلها أول عضو بمجموعة الدول السبع يقدم على هذه الخطوة.
وفي إعلان رسمي صدر عن البلدين، اتفقت بكين وروما على أن مبادرة الحزام والطريق تمتلك إمكانيات ضخمة في تشجيع الارتباط للبنية التحتية .
وبحسب الوثيقة، فإن الجانبين أعربا عن استعدادهما لتعزيز المواءمة بين مبادرة الحزام والطريق وشبكات النقل الأوروبية، وتعميق التعاون في الموانئ واللوجستيات والنقل البحري ومجالات أخرى.
وتهدف مبادرة الحزام والطريق التي اقترحها الرئيس شي جين بينغ في عام 2013، إلى بناء شبكة من التجارة والبنية التحتية تربط آسيا مع أوروبا وأفريقيا وما بعدهما .
وأبلغ الرئيس شي، رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي خلال اجتماعهما أن الصين وإيطاليا تقعان على طرفي طريق الحرير القديم وبذلك فإن لديهما كل الأسباب اللازمة لتنفيذ التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق.
في المقابل، قال كونتي إن إيطاليا مبتهجة لاستغلال تلك الفرصة التاريخية، مضيفا أنه يؤمن بشدة أن مشاركة إيطاليا في المبادرة ستساهم في الاكتشاف الكامل لإمكانيات العلاقات الإيطالية الصينية.
من جانبه قال مانيلو دي ستيفانو، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الخارجية والتعاون الدولي " إن هذا دليل على أن إيطاليا طرف أوروبي طبيعي لمبادرة الحزام والطريق".
وأضاف أن من بين القطاعات الرئيسية للاقتصاد الإيطالي التي ستستفيد من مبادرة الحزام والطريق، تلك" القطاعات ذات الصلة بالتكنولوجيا المتقدمة والتخصص رفيع المستوى، التي نحقق فيها ريادة" إضافة " لقطاع البنية التحتية وسلسلة العرض الخاصة بها، التي تعد من بين أولوياتنا الأخرى ".
وقال الدبلوماسي الإيطالي البارز" بهذه الطريقة ، بإمكاننا فتح الطريق نحو السوق الصيني الضخم أمام شركاتنا عالية التخصص (الصغيرة ومتوسطة الحجم)".
من جانبه ردد ماتيو بريسان، الأستاذ في العلاقات الدولية في جامعة لومسا الإيطالية، ما قاله دي ستيفانو. فقال إن الميزة التي توفرها الموانئ الإيطالية يمكن أن تسهل بناء مبادرة الحزام والطريق وتشجع التبادلات الثقافية والتجارة بين البلدين.
وقالت أليسيا أميغيني، الباحثة المساعدة البارزة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، أحد مراكز الفكر في إيطاليا، إن زيارة الرئيس شي وتوقيع مذكرة التفاهم حول بناء مبادرة الحزام والطريق ذات أهمية لإيطاليا وذات مغزى بالنسبة لأوروبا.
الحوكمة العالمية
فضلا عن تعزيز التعاون العملي الثنائي، فإن الزيارة أصبحت أيضا منصة للرئيس شي والقادة الأوروبيين لتبادل الآراء حول كيفية بناء مستقبل مشترك في عالم تتنامي فيه حالة عدم اليقين.
وأثناء زيارته لفرنسا، حضر الرئيس شي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، منتدى للحوكمة العالمية عقد في العاصمة الفرنسية باريس، واستضافته الصين وفرنسا سويا .
وحذر شي خلال المنتدى من تصاعد التقلبات وعدم اليقين والحمائية التي تواجه الشعوب، وطرح ما أسماه " أوجه العجز الأربعة" في الشؤون الدولية، وتحديدا في الحوكمة والثقة والسلام والتنمية.
ومن أجل معالجة أوجه العجز، اقترح شي نهجا رباعي الأبعاد للإنصاف، والتشاور والتفاهم، والجهود المشتركة والمساعدة المتبادلة، والنتائج المربحة للجميع.
وتعهد شي، بأن تعمل الصين مع كل الأطراف للتمسك بحزم بالتعددية، وتحسين الحوكمة العالمية ومعالجة التحديات العالمية بصورة مشتركة.
وقال ماكرون، إن الاجتماع بين الرئيس الصيني والقادة الأوروبيين بعث برسالة إيجابية إلى المجتمع الدولي مفادها أن الاتحاد الأوروبي والصين متمسكان بشدة بالتعددية.
وقال إن فرنسا والاتحاد الأوروبي مستعدان لزيادة تعزيز الثقة السياسية المتبادلة مع الصين، وأن يتحمل الطرفان سويا المسئولية التاريخية لتوطيد السلام والأمن والتنمية في العالم.
وفي السياق نفسه، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن ألمانيا تولي أهمية كبيرة لدور الصين الرئيسي في الشؤون الدولية، وتقدر بشكل كبير دعمها لازدهار أوروبا، وأعربت عن استعداد بلادها للعمل مع الصين من أجل دفع التعددية.
من جانبه قال يونكر أيضا إن الاتحاد الأوروبي والصين بوسعهما القيام بالكثير من الأشياء العظيمة معا في المعالجة المشتركة للتحديات الدولية.
من جانبه، قال ديفيد جوسيت، الخبير الفرنسي في الشؤون الدولية والصين، إن زيارة شي إلى فرنسا عززت من التعاون بين الصين وفرنسا والاتحاد الأوروبي في معالجة التغير المناخي والحفاظ على التعددية وتعزيز دور الأمم المتحدة وتشجيع الروابط التجارية.
وأكد جوسيت أن التقارب يمثل مصدر أمل للعالم.
تفاهم أعمق
إن خلق عالم أفضل يتطلب أن تفهم دول العالم بعضها بعضا على نحو أفضل .
وفي خطابه الرئيسي عام 2014 في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة في باريس، بسط شي رؤيته حول الحضارة، التي تتسم بالتنوع والمساواة والشمول.
وقال شي "إننا في حاجة لتشجيع الحضارات المختلفة على احترام بعضها بعضا والعيش سويا في انسجام، في الوقت الذي تشجع فيه التبادلات والتعلم المشترك كجسر للصداقة بين الشعوب، وكقوة محركة خلف المجتمعات الإنسانية، ورابطة قوية من أجل السلام في العالم".
وعلى مدار خمس سنوات، تنضم الصين إلى مختلف الدول والمناطق في تشجيع التبادلات الحضارية. ونتيجة لذلك، أصبح باقي العالم أكثر دراية وفهما للصين.
وقالت سونيا بريسلر، الكاتبة الفرنسية والخبيرة بالشؤون الصينية التي قامت بست جولات إلى الصين، إن الصين لا يمكنها أن تتطور دون العالم والعكس صحيح.
وقالت، إن مبادرة الحزام والطريق تربط الحلم الصيني بالعالم، وأضافت "أن مبادرة الحزام والطريق تتواءم مع اتجاه العصر".
وأوضحت أن" شبكة السكك الحديدية السريعة التي تربط الصين بأوروبا تنقل بالفعل البضائع بين الجانبين، وأنا أعتقد أنني سأواصل رحلاتي بالقطار إلى الصين مرة أخرى في المستقبل القريب".
ووصف الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو، زيارة شي لبلاده "بالزيارة التاريخية".
وقال الأمير الذي زار الصين 10 مرات، أنه تأثر بعمق بالتنمية الصينية.
وقال "إن الصين تمر بتنمية هائلة، كما تجلى في موقعها الريادي في الاقتصاد العالمي. ولكن ما أثار إعجابي أكثر من غيره هو عزم شي وإرادته للسعي نحو النمو الأخضر ليس فقط في الصين، ولكن أيضا على المستوى الدولي عبر المشاركة في كل المباحثات حول التغير المناخي كلما أمكن وحماية التنوع الحيوي".
وأبلغ الأمير وكالة أنباء ((شينخوا)) في وقت سابق أنه يتشارك فكرة " بناء مجتمع بمصير مشترك للبشرية" الذي اقترحه الرئيس شي، قائلا ان موناكو والدول المجاورة لديها قول مماثل عن "مجتمع المصير المشترك".
وقال إن مد المفهوم إلى المستوى الدولي هو خطوة مبتكرة، وأضاف أن ذلك سيعود بالنفع ليس فقط على الصين ولكن على العالم بأسره أيضا.