مناظر جميلة على شرفة
بكين 8 أبريل 2019 (شينخوانت) كانت الظروف السكنية للشعب الصيني في الماضي صعبة جدا، ومن الشائع أن تسكن ثلاثة أجيال في شقة واحدة لا تتجاوز مساحتها خمسين مترا مربعا، وتُستخدم الشرفة لتخزين الطعام فقط. وتماشيا مع تحسين مستوى معيشة الشعب، يولي الناس المزيد من الاهتمام لتحسين الظروف السكنية. وتعتبر الشرفة جزءا مهما من المنزل لكل أسرة، وعلى الرغم من صغر حجمها، إلا أنها تمثل الرابط بين الشقة والبيئة الطبيعية، كما أنها ترمز إلى هواية وذوق صاحب الشقة.
وتسكن السيدة لي شيو يينغ البالغة من العمر 63 عاما في المجمع السكني "باليتشوانغ" بحي تشاويانغ، وهي تحب الزهور كثيرا. وكانت مشغولة جدا في العمل، وليس لديها وقت لتربية الزهور، وبعد تقاعدها خصصت شرفتها لتربية الزهور، ولكن بسبب نقص المعارف والخبرات في زراعة وتربية الزهور، كانت زهورها تعاني من أمراض كثيرة. ومن أجل تلبية احتياجات السكان لتجميل الشرفات، نظمت لجنة الإسكان محاضرات ودعت مهنيين لتعليم السكان المعارف والأساليب المتعلقة بزراعة وتربية الزهور، وكيفية أن يكون المرء بستانيا جيدا، إضافة إلى توزيع بذور الزهور والأصص لكل أسرة بالمجمع السكني، من أجل مساعدتهم وتشجيعهم على تحويل شرفاتهم إلى بساتين صغيرة وجميلة. وبعد الدراسة، عرفت السيدة لي أساليب زراعة ورعاية مختلف أنواع الزهور ومتطلباتها، وقالت إن بعض الزهور تحب أشعة الشمس، أما البعض الآخر فيحب الجو البارد، وبعض الزهور تحب المياه كثيرا، أما البعض الآخر فيحب التربة الجافة، ولا تتفتح الزهور جيدا إلا بعد تربيتها بطرق علمية. وتوجد في شرفة السيدة لي حاليا أنواع مختلفة من الزهور مثل الأقحوان والورود والغرنوقي والكمثري الشائكة وغيرها، وتتفتح الزهور الجميلة على مدار السنة. وقالت السيد لي إن تربية الزهور لا تساعد على تنقية الهواء وتجميل البيئة فحسب، بل تساعد أيضا على تقوية صحة الناس، وتشعر بسعادة بالغة حينما ترى الزهور المتفتحة بعد استيقاظها كل صباح.
ومثل العديد من الناس الذين يعيشون في المدن، لدى السيد تشن شياو دونغ حلم أن يكون مزارعا ويتناول الخضروات الخالية من المبيدات الحشرية التي يزرعها بنفسه في بيته. وفي الماضي، كان السيد تشن يسكن مع والديه وزوجته وابنه في شقة صغيرة تبلغ مساحتها خمسين مترا مربعا، ولا توجد أماكن كافية لوضع الأثاث، ناهيك عن مكان خاص لزراعة الخضروات. وقبل سنوات، اشترى شقة جديدة ذات ثلاث غرف وتتجاوز مساحتها ثمانين مترا مربعا، وكان أكثر شيء يرضيه هو وجود شرفة واسعة ومشرقة، حيث يمكنه تحقيق حلمه في زراعة الخضروات بالبيت. وعلى عكس المزارعين الآخرين، قام السيد تشن بـ"ابتكار" طريقة جديدة لزراعة الخضروات. ويعمل تشن طبيبا للطب الصيني التقليدي، ومستفيدا من خبرته كان يختار بعض العقاقير الصينية الصالحة لنمو النباتات والتخلص من الآفات الحشرية كسماد لزراعة الخضروات، حيث تفيد هذه الطريقة كثيرا، وتنمو خضرواته بشكل صحي وجيد، ودائما ما يدعو أصدقاءه وجيرانه إلى بيته لتناول الخيار والطماطم والخس وغيرها من الخضورات الطازجة واللذيذة التي يزرعها بنفسه، وبالإضافة إلى ذلك، يعلم الآخرين أساليب زراعة الخضروات. وبفضل تأثيره، خصصت أكثر من عشرين عائلة في المجمع السكني شرفاتهم لزراعة الخضروات، وأصبحوا "مزارعين فرحين".
وتقاعد السيد باي تسنغ جيوه البالغ من العمر 62 عاما قبل عامين، وغالبا ما يذهب إلى الحديقة القريبة من بيته لممارسة الرياضة البدنية، ويحب السفر إلى الخارج مع أصدقائه للسياحة. وذات مرة، عندما كان يشاهد البرامج التلفزيونية، علم أن التلاميذ في المدارس الابتدائية ينتهون من دراستهم تقريبا في الساعة الثالثة بعد الظهر، ولكن أولياء أمورهم ينصرفون عن العمل بعد السادسة مساء. وبعد تفكير عميق، قرر السيد باي تحويل شرفته إلى "ركن لمطالعة الكتب"، واحضار أولاد جيرانه إلى بيته بعد دراستهم لانتظار أولياء أمورهم أثناء قراءة الكتب. وبعد ظهر كل يوم، ينبعث من شرفة السيد باي صوت القراءة مثل أغنية جميلة تروي عمق العلاقات الودية بين الناس والحياة المنسجمة.
إنها حقا شرفة صغيرة، لكنها تعكس ذوق وذكاء صاحبها، وتحكي قصة مؤثرة بين الناس، وتمثل تطلعاتهم لحياة أفضل، وتحمل أمنياتهم الطيبة بالمستقبل.