مقالة خاصة: منتدى الحزام والطريق ومعرض البستنة يظهران عزم الصين مواصلة مسار الربح المشترك والتنمية المستدامة
بكين 4 مايو 2019 (شينخوا) شهدت الصين في الأيام الأخيرة نشاطا دبلوماسيا مكثفا، حيث تم عقد الدورة الثانية من منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي من 25 إلى 27 إبريل، تلا ذلك افتتاح معرض بكين الدولي للبستنة لعام 2019 في 29 من الشهر ذاته، ما يظهر عزم الصين على مواصلة الخطى في مسار الربح المشترك والتنمية المستدامة.
وأوضح الرئيس الصيني شي جين بينغ في افتتاح معرض بكين الدولي للبستنة 2019 إن البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق هو لبناء طريق تنمية منفتحة، ويجب أن يكون طريق تنمية خضراء في الوقت نفسه، قائلا إن هذا توافق مهم توصل إليه المشاركون في الدورة الثانية لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي الذي اختتم للتو، وإن الصين على استعداد للعمل مع الدول الأخرى لجعل الأرض وطنا جميلا ولبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية.
وأقيمت أعمال الدورة الثانية لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي، الذي يعتبر أعلى لقاء دولي في إطار المبادرة، في العاصمة بكين تحت شعار "التعاون في الحزام والطريق: تشكيل مستقبل أكثر إشراقا"، بحضور قادة من 40 دولة ومنظمة دولية.
وبعد اختتام المنتدى، اُفتتح معرض بكين للبستنة، والذي يستمر حتى 7 أكتوبر المقبل في حي يانتشينغ شمالي بكين، حيث تشارك فيه أكثر من 110 من الدول والمنظمات الدولية إضافة إلى أكثر من 120 من الجهات العارضة غير الرسمية، وهو ما يمثل أعلى نسبة حضور في تاريخه.
ويعد المعرض منصة لتعزيز التعاون في قطاعي الزراعة والبستنة وكذا لتبادل التجارب والخبرات في مجال التنمية المستدامة بين الصين وبلدان العالم بما فيها الأقطار العربية.
في الوقت الحالي، وسط تحديات ومشهد دولي معقد يكتنفه تصاعدا في الحمائية والانعزالية والقيود التجارية، يرى خبراء ومسؤولون أن تعزيز الانخراط بين الصين والدول الأخرى والتشارك في بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية يحمل إمكانيات كبيرة لدفع العلاقات إلى مرحلة جديدة في العصر الجديد.
-- تقاسم الصين المنفعة والربح مع الدول الأخرى
رأى كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة في مصر أن مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين تدفع باتجاه واقع اقتصادي عالمي جديد يرتكز على العدالة والمساواة والمنافع المشتركة، كما قال في لقاء خاص مع وكالة أنباء ((شينخوا)) على هامش حضوره الدورة الثانية للمنتدى :"الأهم الآن، أن هناك ميلاد اقتصاد عالمي جديد يتبلور في الأفق، هذا الواقع الذي تدفعه الصين يقوم على المنافع المشتركة ويحقق الربح لمختلف دول العالم".
فيما قالت مليكة طرف، وهي خبيرة إعلامية من الجزائر، إن المبادرة الصينية تركز على المنفعة المشتركة ويمكن بأذرعها التمويلية الضخمة أن تسد الفجوات الإقليمية في البنية التحتية، وتحقق التكامل والترابط البينوي بين الدول العربية من ناحية والمناطق الأخرى المحيطة في أوروبا أو أفريقيا.
وأعربت مليكة في حديثها لوكالة أنباء ((شينخوا)) عن أملها في تزايد الانخراط بين الجانبين في مجال الحوكمة ونقل التكنولوجيا، قائلة في هذا الصدد إن "الصين لديها نية صادقة لتقاسم تجاربها مع الدول العربية، وبالتالي الفرصة متاحة لتحقيق الاستفادة المشتركة في مجال الحوكمة ونقل التجارب والمعارف في التكنولوجيا العالية التي حققت الصين تطورات كبيرة فيها".
أما محمد أبونيان، رئيس مجلس إدارة "أكوا باور"، الشركة السعودية الرائدة المطورة والمشغلة للطاقة وتحلية المياه، فقد قال في حديثه لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "أهمية المنتدى ومبادرة الحزام والطريق دفعتنا للحضور والمشاركة بايجابية"، مضيفا أن التعاون بين الشركة السعودية والصين في إطار الحزام والطريق يسير بشكل مطرد ويحقق نتائج إيجابية للسعودية ودول أخرى تقع على طول خطوط المبادرة.
كما أكد طارق عبد الغفار، الخبير المصري في الشؤون الصينية، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن الصين يمكنها المساهمة بفعالية في تعزيز قدرات الدول العربية وخاصة الأعضاء في مبادرة الحزام والطريق في مواجهة أزمات الديون وتوفير التمويل اللازم لمشروعات البنية التحتية ومشاريع الربط الكهربائي والطاقة وإعادة إعمار الدول التي تعرضت لحالة من عدم الاستقرار والنزاعات المسلحة.
وأعرب عن رفضه لما تردده وسائل الإعلام الغربية بأن المبادرة تنصب "فخاخ ديون" للدول المحتاجة، مؤكدا أن القروض لا ترتبط بشروط سياسية وذات فترة استحقاق طويلة وأسعار فائدة منخفضة.
وفي السنوات الـ6 الأخيرة، وقعت ١٧ دولة عربية اتفاقيات تعاون مع الصين حول مبادرة الحزام والطريق. وأصبحت ٧ دول عربية أعضاء مؤسسين في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، الذراع التمويلي المهم لمشاريع المبادرة، وصارت الصين أكبر مستثمر وثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى ١٩١ مليار دولار في ٢٠١٧، وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري لعشر دول عربية حاليا.
-- التزام الصين بالتنمية المستدامة
ذكر السفير الفلسطيني لدى الصين، فريز مهداوي، أن المعرض يمثل حدثا مهما لأنه يحفز على التنمية الخضراء التي باتت تمثل إحدى القضايا الهامة التي تلقى اهتماما كبيرا على صعيد البشرية عموما "لأننا نتشارك مستقبلا واحدا"، مشيرا إلى أن دعوة الصين مجددا إلى ضرورة التركيز على التنمية الخضراء تأتي لتعبر عن تحملها مسؤولية قيادية في هذا المجال، وأشاد في الوقت ذاته بجهودها وقراراتها الحاسمة والنتائج التي حققتها في هذا المجال على أرض الواقع.
من جانبه، ذكر سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الصين الدكتور علي عبيد الظاهري أن المعرض حدث بارز ينقل رسالة حضارية بين الشعوب، ومشاركة الإمارات فيه تأتي في إطار العلاقات المتميزة بين بلاده والصين، لافتا إلى أن التحديات البيئية كثيرة ولكن يمكن التعامل معها من خلال تضافر الجهود والتعاضد، مسلطا الضوء على ضرورة التعاون بشكل خاص في تسخير التكنولوجيا لتحقيق أهداف التنمية الخضراء.
ونوه الناشط البيئي الكويتي ورئيس جماعة الخط الأخضر البيئية خالد الهاجري في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) بدور الصين في تعزيز التحول الاقتصادي الصديق للبيئة، مشيرا إلى أن تنوع المعارض ذات الصلة بالبيئة والطبيعة التي تستضيفها الصين، ومن بينها معرض بكين الدولي للبستنة لعام 2019، يجعلها محط أنظار العالم ويميّز جهودها البيئية.
وقال بان جيا هوا، رئيس مركز البحوث البيئية والتنمية الحضرية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إن القيادة الصينية طرحت العديد من مفاهيم الإدارة البيئية الجيدة، مثل "الحضارة الإيكولوجية" و"الصين الجميلة" و"الجبل الأخضر والمياه الزرقاء كنزان ثمينان"، وهذه المفاهيم هي التي حددت المسار والاتجاه لإدارة البيئة في الصين.
ومن ناحية أخرى، صرحت الدكتورة فايقة أشكناني نائب المفوض العام لجناح دولة قطر في معرض بكين الدولي للبستنة بأن بلادها باعتبارها دولة صحراوية ومنتجة للنفط والغاز ستتمكن من الاستفادة من التجارب والبحوث الصينية في إمكانية استنباط فصائل من النباتات التي تتميز بمقدرتها المضاعفة على تنقية الهواء وتخفيف التلوث في الجو.
وأوضح تسوي كون، الأستاذ بكلية الدراسات الدولية بجامعة بكين أن الصين لديها خبرة رائدة يمكن أن تدرسها الدول العربية في استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، وخير مثال على ذلك استفادتها من الطاقة الشمسية وتزايد إنتاجها من السيارات العاملة بالكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، تدعم الصين تطوير تقنيات جديدة في هذا المجال، ووضعت العديد من السياسات لدعم المؤسسات القائمة على التكنولوجيا.
وبذلك، ومن خلال منصتي منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي ومعرض بكين الدولي للبستنة، أثبتت الصين مجددا للعالم رغبتها في تقاسم الثمار التنموية والتزامها بطريق التنمية المستدامة.