مقالة خاصة: الإدمان الأمريكي للتعريفات الجمركية مصدر قلق للاقتصاد العالمي

2019-05-23 21:13:26|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 23 مايو 2019 (شينخوا) منذ بداية عام 2018، كانت الولايات المتحدة، التي ترفع راية "أمريكا أولا"، متحمسة لفرض عصا التعريفات الجمركية على شركائها التجاريين بما في ذلك المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي واليابان والصين.

أصبح إدمان الولايات المتحدة للتعريفات الجمركية، الذي أدانه الكثيرون باعتباره نهجا حمائيا وأحاديا، مصدر قلق للولايات المتحدة وكذلك للاقتصاد العالمي.

إطلاق النار في جميع الاتجاهات

تلعب الحكومة الأمريكية بخشونة مع جميع الدول التي تدعي واشنطن أنها تتعامل مع الولايات المتحدة بشكل غير عادل.

ففي أول يونيو 2018، فرضت واشنطن من جانب واحد تعريفات جمركية بنسبة 25 بالمئة على واردات الصلب و10 بالمئة على واردات الألومنيوم، ما أثار انتقادات من الشركاء التجاريين بما في ذلك كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي.

وفي 8 أبريل من العام الجاري، هددت مجددا بزيادة محتملة للتعريفات الجمركية على عدد من منتجات الاتحاد الأوروبي في قطاع الطيران المدني.

وفي 6 مايو، قالت الحكومة الأمريكية إنها ستبدأ في فرض تعريفة بنسبة 17.5 بالمئة على الطماطم المكسيكية المستوردة.

وعلاوة على ذلك، لم تسلم اليابان من تعريفات واشنطن التي فرضتها على صادراتها من السيارات وقطع غيار السيارات إلى الولايات المتحدة.

وكان البيت الأبيض عدوانيا بشكل خاص تجاه الصين. فمنذ مارس 2018، زادت الحكومة الأمريكية مرارا التعريفات الجمركية على واردات الصين، ما أجبر الدولة الآسيوية على الرد بزيادة مماثلة للتعريفات الجمركية من جانبها.

وبينما أبدت بكين أقصى درجات الإخلاص في حل المشكلات التجارية، استمرت واشنطن في السعي لتحقيق مكاسب غير معقولة من خلال فرض أقصى قدر من الضغوط، والذي كان العامل الأساسي وراء الفشل في التوصل إلى اتفاق بين البلدين بعد 11 جولة من المشاورات الاقتصادية والتجارية رفيعة المستوى.

وفي مقال رأي، كتب مارتن وولف كبير المعلقين الاقتصاديين في صحيفة "فاينانشيال تايمز"، أن الحكومة الأمريكية تؤمن "بالصفقات أكثر من التحالفات، وبالثنائية أكثر من التعددية، وبعدم القدرة على التنبؤ أكثر من الاتساق، وبالقوة أكثر من القواعد، وبالمصالح أكثر من المثل العليا."

الخروج من جيوب الأمريكيين

لقد ادعت الحكومة الأمريكية مرارا أن إجراءات التعريفات الجمركية ستفيد الولايات المتحدة، لكن قلة قليلة من جميع أنحاء العالم توافق على ذلك.

وفي تصريحاته لوكالة أنباء ((شينخوا))، قال جايسون أساكسون كبير مسؤولى السياسة والشؤون السياسية باللجنة اليهودية الأمريكية، إنه ليس فى مصلحة المستهلكين الأمريكيين أو العمال الصينيين "وجود هذا التصعيد اللانهائى للصراع التجارى."

وبالنسبة للتعريفات الجمركية، يقول مزارع ولاية آيوا الأمريكية ذو الشعر الفضي، ريك كيمبرلي، إنها "احتراق بطيء، وتؤثر علينا ببطء. أعني أنها تؤثر على دخلنا."

وكان ظن كيمبرلي في محله؛ فوفقا لصحيفة ((ستار تريبيون)) الأمريكية، أعلنت 84 مزرعة في منطقة الغرب الأوسط العليا بالولايات المتحدة عن تقدمها بطلب إفلاسها في الفترة ما بين يوليو 2017 ويونيو 2018، وهو ضعف العدد في عامي 2013 و2014، ويعزي ذلك جزئيا إلى النزاعات التجارية الدائرة.

وفي رسالة بعث بها تحالف أمريكي يدعى (أمريكيون من أجل التجارة الحرة) إلى واشنطن قبل شهر، وتحمل توقيع 151 مجموعة واسعة من مؤسسات الأعمال، قال التحالف: "إن التعريفات الجمركية ضرائب تدفعها الشركات الأمريكية والمستهلكون الأمريكيون."

وفي تقرير صدر في 11 مايو، عدّلت مؤسسة "جولدمان ساكس" تقديرها لتأثير التعريفات على نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية في الولايات المتحدة، مشيرة إلى "تحمل الشركات والأسر الأمريكية تكاليف التعريفات بالكامل".

ووجد الاقتصاديون في وكالة "موديز أناليتيكس" أيضا أن النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ستخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة بنسبة 2.6 نقطة مئوية وتكلف الاقتصاد 3 ملايين وظيفة بحلول الربع الأخير من عام 2020.

كما كشف تقرير صدر في فبراير عن شركة الاستشارات الاقتصادية "تريد بارتنرشيب وورلد وايد" أن أسرة أمريكية مكونة من أربعة أفراد ستدفع زيادة سنوية قدرها 2300 دولار أمريكي سنويا على السلع والخدمات، إذا فرضت واشنطن تعريفات إضافية بنسبة 25 بالمئة على جميع السلع القادمة من الصين.

وفي غضون ثلاث سنوات، بينما سيحصل 334900 عامل على وظائف نتيجة للتعريفات الجمركية المفروضة على الصين، سيفقد نحو 2.5 مليون عامل وظائفهم، أي أن هناك سبع وظائف مفقودة مقابل كل وظيفة مكتسبة. وأضاف التقرير أن التعريفات ستكلف الاقتصاد الأمريكي أكثر من 5.5 مليون دولار مقابل كل وظيفة مكتسبة.

وقال جلعاد ألبر، رئيس قسم الأبحاث في شركة إكسلانس نسواه ترست الإسرائيلية: إن "الأشخاص الذين يدفعون الرسوم الجمركية في الواقع مواطنون أمريكيون ... إنها تخرج من جيوبهم."

تهديد النمو العالمي

مع تصعيد واشنطن الضغط على الصين والشركاء التجاريين الآخرين، قال محللون في جميع أنحاء العالم إن مثل هذه الزيادات في التعريفات الجمركية الذاتية ستشكل ضربة قوية للاقتصاد العالمي.

وتشهد الأسواق المالية العالمية اضطرابات وسط مخاوف متزايدة بشأن الاحتكاكات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

وقال داوي رودت، كبير الاقتصاديين في شركة (إفيشيانت جروب) الأفريقية للخدمات المالية "من المؤكد أننا سنشهد انخفاضا كبيرا في الأسواق الفعالة في العالم. انظر إلى ما كان يحدث في سوق الأسهم منذ يومين."

ولاحظ المحللون أن هذه الكآبة لن تخيم على الأسواق المالية العالمية فحسب بل على الاقتصاد الحقيقي أيضا.

وقالت سارة هانتر، كبيرة الاقتصاديين في "بى آى إس أوكسفورد إيكونوميكس "الاسترالية إن ارتفاع التعريفات الجمركية "سيمتد عبر الاقتصاد العالمي وسيمثل ذلك بالتأكيد عقبة أمام النمو."

وفي أحدث تقرير له عن التوقعات الاقتصادية العالمية الذي صدر في أبريل، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي لعام 2019 إلى 3.3 بالمئة، بانخفاض 0.2 نقطة مئوية عن تقديراته في يناير، قائلا "إن التراجع كان أكبر ويبدو أنه مرتبط بتدهور معنويات السوق، والذي يعود جزئيا إلى التوترات التجارية."

وقال جان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية: "إذا لم يكن لدى المستثمرين شعور بأن هذه المشكلة يمكن حلها قريبا، فإن شهية الاستثمارات في جميع أنحاء العالم ستضعف."

الصور

010020070790000000000000011100001380836281