الصين وروسيا تتفقان على الارتقاء بالعلاقات في عصر جديد
موسكو 5 يونيو 2019 (شينخوا) اتفقت الصين وروسيا يوم الأربعاء على الارتقاء بعلاقاتهما إلى شراكة تنسيق إستراتيجية شاملة لعصر جديد.
أتخذ هذا القرار خلال اجتماع بين الرئيس الصيني الزائر شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وخلال الاجتماع، أشاد رئيسا البلدين بشدة بتطور العلاقات الثنائية خلال الـ70 عاما الماضية، واتفقا على التمسك بمفهوم حسن الجوار والتعاون متبادل المنفعة، وتطوير شراكة تنسيق إستراتيجية شاملة لعصر جديد، سعيا للارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى، وتحقيق النفع على نحو أفضل لشعبي الدولتين والعالم أيضا.
وأشار الرئيس شي إلى أن هذه أول زيارة دولة له إلى روسيا بعد إعادة انتخابه رئيسا للصين في العام الماضي، وتعتبر المرة الثامنة التي يزور فيها هذا البلد منذ عام 2013، قائلا إن العلاقات الصينية الروسية تشهد تطورا مستمرا ومطردا وسليما على مستوى عال، وتمر بأفضل أوقاتها في التاريخ.
وقال الرئيس شي إن الجانبين يدعمان بعضهما البعض بقوة في جهودهما للدفاع عن المصالح الجوهرية لكل منهما وتعزيز الثقة السياسية والإستراتيجية القوية المتبادلة، مضيفا أنهما يدفعان التعاون الشامل بصورة فاعلة في الوقت الذي تظهر فيه قوى محركة داخلية للعلاقات الثنائية، ويتعمق التقاء مصالح البلدين.
وأضاف أن الصين وروسيا تلعبان أدوار فاعلة في الشؤون الدولية والحوكمة العالمية، وقدمتا مساهمات مهمة للحفاظ على السلام والاستقرار العالميين، فضلا عن الإنصاف والعدالة الدوليين.
وأشار الرئيس الصيني إلى أن هذا العام يوافق الذكرى الـ70 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وروسيا، واصفا إياه بأنه معلم بارز ونقطة انطلاق جديدة.
وأقر الرئيس شي بأن العالم يمر بتغيرات عميقة لم يشهد لها مثيل منذ قرن من الزمان، قائلا إن الصين وروسيا تتحملان معا مسؤولية تحقيق تطلعات أكبر لشعبي البلدين والمجتمع الدولي بأسره.
وأضاف أن الجانب الصيني مستعد للتعاون مع روسيا في تعظيم الأثر الإيجابي للمستوى المرتفع للعلاقات السياسية بين البلدين، وإيصال المزيد من فوائد التعاون الثنائي إلى الشعبين، وتقديم مزيد من الخيارات الصينية الروسية للشؤون العالمية.
وفي معرض إشارته إلى أن عالم اليوم يشهد حالة عدم يقين وعدم استقرار آخذة في التزايد، قال الرئيس شي إن تعزيز العلاقات الصينية الروسية يمثل نداء التاريخ، وخيارا إستراتيجيا راسخا اتخذه الجانبان.
ودعا الرئيس شي الجانبين إلى تدعيم التواصل والتنسيق الإستراتيجيين، وتعزيز دعم كل منهما للآخر في القضايا المتعلقة بمصالحهما الجوهرية.
كما حث الرئيس شي البلدين على مواصلة تعزيز تعاونهما الاقتصادي والتجاري، ودفع التعاون قدما في المشروعات الإستراتيجية الكبرى وكذا في المجالات الناشئة في نفس الوقت، وتعزيز التعاون على المستويات المحلية، وفي قطاعات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والتكنولوجيا والفضاء الجوي، والربط البيني، والزراعة والمالية.
وأوضح الرئيس شي أنه يتعين على الجانبين أن يدفعا بنشاط تعاونهما الرامي إلى الربط بين مبادرة الحزام والطريق والاتحاد الاقتصادي الأورآسيوي، من أجل تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي.
ومن أجل تكثيف التبادلات الشعبية، قال الرئيس شي إنه يتعين وضع خطة جيدة لعام الابتكار العلمي والتكنولوجي الصيني الروسي، المقرر إقامته في الفترة 2020-2021.
وأشار إلى أن الصين وروسيا، وكلاهما عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، تعتزمان مواصلة العمل مع المجتمع الدولي لحماية النظام الدولي القائم على القانون الدولي وفي القلب منه الأمم المتحدة، والحفاظ على نظام تجاري متعدد الأطراف، وتقديم مساهمات جديدة لبناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية.
وبدوره، رحب الرئيس بوتين ترحيبا حارا بالرئيس شي لحضوره في زيارة، قائلا إنه بفضل الجهود المشتركة للجانبين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 70 عاما، وصلت العلاقات الروسية الصينية إلى مستوى رفيع غير مسبوق، وآتت التبادلات والتعاون الشاملان بين البلدين ثمارا.
وقال الرئيس بوتين أن شراكة التنسيق الإستراتيجية الشاملة بين روسيا والصين لم تعد بالنفع على الشعبين فحسب، وإنما أصبحت أيضا قوة هامة لحماية الاستقرار الأمني والإستراتيجي على الصعيد العالمي.
ودعا البلدين إلى عدم الشعور بالرضا إزاء ما قاما بإنجازه، وإنما إلى تكريس جهودهما لتحسين علاقاتهما الثنائية.
وذكر الرئيس بوتين أن زيارة الرئيس شي ذات أهمية كبيرة في ظل الوضع الدولي المعقد والمتقلب، وسوف تضخ زخما قويا في تنمية العلاقات الروسية الصينية في العصر الجديد.
ويتعين على روسيا والصين مواصلة تعزيز التنسيق في القضايا الدولية والإقليمية الكبرى، ومواجهة تحديات الأحادية والحمائية معا، والحفاظ على السلام والاستقرار العالميين.
وقال الرئيس الروسي إن بلاده ملتزمة بتعميق التعاون مع الصين في مجالات الاقتصاد والتجارة، والزراعة، والمالية، والعلوم والتكنولوجيا، وحماية البيئة، والاتصالات، وبناء البنية التحتية.
وأضاف أن روسيا مستعدة لدفع التفاعلات على المستويات المحلية، وتعزيز التبادلات في مجالات التعليم والثقافة والسياحة.
كما ذكر الرئيس بوتين أن روسيا مستعدة لتزويد الصين بما يكفي من النفط والغاز، وتصدير المزيد من فول الصويا وغيرها من المنتجات الزراعية إلى الصين، وأعرب عن تطلعه إلى تحقيق ترابط أسرع بين الاتحاد الاقتصادي الأورآسيوي ومبادرة الحزام والطريق.
وخلال الاجتماع، أطلع مسؤولون من البلدين الرئيسين شي وبوتين على التعاون الثنائي في المجالات ذات الأولوية، وتبادلا الرئيسان وجهات النظر حول الوضع في شبه الجزيرة الكورية والملف النووي الإيراني والقضية الفنزويلية من بين قضايا أخرى.
واتفق رئيسا البلدين على تكثيف التواصل والتنسيق في الأمم المتحدة، ومنظمة شانغهاي للتعاون، ومجموعة بريكس، ومجموعة أبيك، ومجموعة العشرين لحماية التعددية وأعراف العلاقات الدولية بشكل مشترك.
وعقب الاجتماع، وقع الرئيسان شي وبوتين بيانات حول الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى شراكة التنسيق الإستراتيجية الشاملة لعصر جديد، وحول تعزيز الاستقرار الإستراتيجي العالمي المعاصر.
وذكر البيان المشترك المتعلق بالشراكة الإستراتيجية أن العلاقات الصينية الروسية دخلت عصرا جديدا، وتقف أمام فرص جديدة لتحقيق تنمية أكبر.
وأشار إلى أن هدف مثل هذا النوع الجديد من الشراكة يكمن في أن يقدم الجانبان مزيدا من الدعم لبعضهما البعض وهما يسعيان في الوقت ذاته إلى إتباع مسارات التنمية الخاصة بهما، ويحافظان على المصالح الجوهرية لكل منهما، ويحميان السيادة وسلامة الأراضي.
ومن ثم، حسبما ذكر البيان، سيقوم الجانبان بالتنسيق بشكل وثيق مع بعضهما البعض في تحقيق الترابط بين إستراتيجياتهما التنموية، وتوسيع التعاون متبادل المنفعة في مجال الاقتصاد والتجارة وكذا الاستثمار، ومواصلة الاستفادة من إمكانات العلاقات الثنائية.
كما ذكر البيان أن الجانبين سيفسحان المجال كاملا أمام الدور التوجيهي الذي يلعبه رئيسا البلدين في تطوير العلاقات الثنائية، وسيعتبران التبادلات السياسية والأمنية والعملية والشعبية وكذا التعاون في التنسيق الدولي أولويات للشراكة الصينية الروسية.
كما شهد الرئيسان، عقب اجتماعهما، توقيع عدد من وثائق التعاون، والتقيا الصحافة، وزارا معرضا لسيارات أنتجها مصنع "جريت وول موتورز" في منطقة تولا الروسية، وحضرا حفل افتتاح بيت الباندا في حديقة حيوان موسكو.
وقبل اجتماعهما، أقام الرئيس بوتين مراسم استقبال كبيرة ترحيبا بالرئيس شي جين بينغ في الكرملين.