مقالة خاصة: الصين الجديدة ... 70 عاما على التأسيس 70 عاما من الإنجازات

2019-09-29 15:44:27|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بقلم: دسوقي عبد الحميد

بكين 29 سبتمبر 2019 (شينخوا) مع حلول الذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، والتي تعرف أيضا باسم الصين الجديدة، لا يخفى على دني أو قصي ما حققته الصين من إنجازات منذ تأسيسها في الأول من أكتوبر عام 1949. فعلى مدار هذه العقود السبعة واجهت الصين الكثير والكثير من التحديات الجسام، التي تنوعت ما بين مشاكل اقتصادية وتحديات إقليمية ودولية وكوارث طبيعية، إلا أنها واجهتها بصلابة وشجاعة منقطعتي النظير. وتمكن التنين الصيني من التحول من دولة فقيرة ترزح تحت نير المشاكل الاقتصادية والاجتماعية إلى دولة قوية نجحت في لفت أنظار العالم إليها بما حققته من تنمية كبيرة على كافة الأصعدة خلال تلك العقود.

ورغم معرفتي بالكثير من الإنجازات التي حققتها الصين بحكم عملي في الصين منذ سنوات، إلا أن زيارتي لمعرض الإنجازات للذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، عظم شعوري بحجم الإنجازات التي حققتها الصين خلال العقود السبعة الماضية. وقد نجح المعرض من خلال تنظيمه الرائع، في سرد قصة صعود الصين عاما بعد عام وحقبة تلو الأخرى، ليدرك الزائر في نهاية رحلته بالمعرض، أنه أمام أمة عظيمة تتقن فن الكفاح، ولا يعرف اليأس إليها سبيلا، مهما تقلبت صروف الدهر ونوائبه.

يستهل الزائر رحلته في المعرض بأحداث العام 1949، حيث عرضت شاشة عملاقة والعديد من الصور الأخرى تسجيلات ووثائق تتعلق بإعلان الزعيم ماو تسي تونغ تأسيس جمهورية الصين الشعبية على برج بوابة تيان آن من في قلب بكين. ثم يحملك بعدها المعرض عبر أجنحته من عام إلى عام لتشاهد بين أركانه أول تلفزيون طورته الصين بنفسها وكذلك أول سيارة نقل أنتجتها الصين، ثم أول صاروخ بعيد المدى طورته البلاد وأول محطة نووية صينية. ورغم أن هذه المعروضات قد تجاوزها الزمن إلا أنها تبرهن على حرص جمهورية الصين الشعبية منذ بداية نشأتها على امتلاك قرارها من خلال الاعتماد على نفسها في كل شيء.

وتناول المعرض بالتفصيل الحقبة الأهم في تاريخ الصين الجديدة ممثلة في اطلاق سياسة الإصلاح والانفتاح، وهي السياسة التي اعتمدتها الصين في العام 1978، ليتسارع معها قطار التنمية الصينية على نحو مذهل، ولتقفز معها البلاد قفزة حضارية أدهشت العالم. وضم هذا الجناح تصميمين لمنزلين أحدهما لسكان الريف والآخر لسكان المدينة في بداية اعتماد الصين لسياسة الإصلاح والانفتاح، وكذلك المنتجات التي كان الصينيون يستعملونها في السبيعنيات والثمانينيات والتسعينيات وأوائل القرن الـ21 كالدراجات الهوائية التقليدية وأجهزة التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر المكتبية والغسالات الكهربائية اليدوية والأوتوماتيكية والمراوح وغيرها من منتجات تلك الحقبة.

كما سرد المعرض قصة الصين الجديدة مع مصادر الطاقة وسعيها الحثيث منذ بداية تأسيسها إلى اكتشاف آبار النفط والغاز في مختلف الأراضي الصينية وبناء محطات الطاقة النووية وكذلك اتجاهها إلى استغلال الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية لتصبح أكبر بلد في العالم من حيث إنتاج الطاقة المتجددة. وضم المعرض كذلك مجسما يصور مشاريع نقل الطاقة من غربي البلاد إلى شرقيها، ومجسما آخر يحاكي عملية تعدين الجليد القابل للاحتراق.

ولا تغفل عين الزائر للمعرض الإنجازات الرائعة التي حققتها الصين على صعيد وسائل النقل والبنية التحتية، وكيف تمكنت الصين من صناعة قطار فوشينغ الذي يعمل بسرعة 350 كيلومترا في الساعة ويمكنه السير بسرعة 420 كيلومترا في الساعة، فيما تعكف البلاد حاليا على تطوير قطارات بسرعة أكبر. وتشير الإحصاءات الرسمية بالصين إلى أنه بنهاية عام 2018 بلغ إجمالي أميال السكك الحديدية 132 ألف كيلومتر، تشمل السكك الحديدية فائقة السرعة التي بلغت 30 ألف كيلومتر لتحتل الصين بذلك المرتبة الأولى في العالم وتمثل ثلثي الإجمالي العالمي.

وضم المعرض أيضا الإنجازات الصينية في البحر ومنها على سبيل المثال نموذج للغواصة الصينية المأهولة "جياولونغ" التي طورتها الصين محليا وبإمكانها الوصول إلى عمق يتجاوز 7000 متر. وفي مجال الجو عرض المعرض نموذجا لطائرة الركاب الصينية الكبيرة الحجم "سي 919" بالإضافة إلى الطائرة "أيه.جي600" أكبر طائرة برمائية في العالم والتي طورتها الصين بنفسها.

وكانت التنمية الاقتصادية ومكافحة الفقر، التي تعد من أهم إنجازات الصين خلال الـ70 عاما الماضية، حاضرة بقوة بين جنبات المعرض، الذي تناول القفزة الاقتصادية والاجتماعية الهائلة التي حققتها الصين خلال تلك السنوات، وكيف أضحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ففي الفترة من 1952 إلى 2018، تضاعف إجمالي الناتج المحلي الصيني نحو 174 مرة من 67.91 مليار يوان إلى 90.03 تريليون يوان.

وأبرز المعرض انعكاس هذه التنمية الاقتصادية بشكل مباشر على معيشة الشعب، حيث قد ساعدت الصين أكثر من 700 مليون شخص على التخلص من الفقر منذ عام 1978، حينما بدأت تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح. وبنهاية عام 2018، انخفض عدد سكان الريف الصيني الواقعين تحت خط الفقر الوطني إلى 16.6 مليون، ومن المتوقع أن يتم انتشالهم جميعا من الفقر بحلول عام 2020.

وارتفع متوسط العمر المتوقع للصينيين من 35 عاما في عام 1949 إلى 77 عاما في عام 2018.

ولفت المعرض إلى التنمية الزراعية التي شهدتها الصين، وإلى تنوع الإنتاج الزراعي بالبلاد ووفرته، حيث ارتفع إجمالي إنتاج الحبوب في الصين من 113.18 مليون طن عام 1949 إلى حوالي 657.89 مليون طن في عام 2018. كما قامت الصين بنقل الكثير من السكان الذين كانوا يعيشون في أكواخ صغيرة في العديد من المناطق إلى مبان حديثة متعددة الطوابق، لتوفير حياة كريمة وخدمات أكثر تميزا لهؤلاء السكان، وضم المعرض نموذجا لهذه المنازل الحديثة التي انتقل العديد من سكان الأكواخ إليها.

كذلك كانت التقنيات الحديثة والتكنولوجيا الفائقة حاضرة بقوة في المعرض، الذي ضم العديد من النماذج الخاصة بمركبات الفضاء والروبوتات والهواتف النقالة والطائرات المسيرة بالإضافة إلى نموذج لحافلة ذاتية القيادة تستخدم حاليا في بعض المدن الصينية، وهو ما أبرز بقوة اتجاه الصين نحو التكنولوجيا الفائقة وسعيها للتحول من شعار صنع في الصين إلى شعار ابتكر في الصين. كما جسدت هذه المعروضات جهود الصين في ترقية هيكلها الاقتصادي والصناعي والخدمي، ليواكب أحدث ما وصلت إليه الإنسانية على سطح هذا الكوكب.

ومع ختام جولتي بالمعرض، ورغم انبهاري الشديد بالإنجازات الكثيرة التي عجت بها جنباته، إلا أن أبرز ما علق في ذهني من هذه الإنجازات التي حققتها الصين وأهمها برأيي هو كفاح الشعب الصيني، ومثابرته على مواجهة الصعوبات والتحديات وإصراره على عدم الاستسلام أو اليأس، من أجل بناء غد أفضل للأجيال القادمة وتحقيق حلمه المتمثل في بناء دولة قوية تحقق التنمية والازدهار لشعبها وللعالم أجمع.

الصور

010020070790000000000000011100001384336061