تعليق: عندما يتحدث 2.7 مليار شخص بصوت واحد .. فالعالم سوف ينصت
بكين 11 أكتوبر 2019 (شينخوا) عندما تشاركت الصين والهند أولا في وضع المبادئ الخمسة للتعايش السلمي في بيان صدر عام 1954، ربما لم تتخيلا أن جهود الدعوة المتضافرة بينهما ستساعد في إحداث إحدى الركائز الأساسية في العلاقات الدولية الحديثة.
بعد عقود من الزمن، تطورت كل من الصين والهند لتكونا لاعبين رئيسيين على الساحة العالمية، وتضمان على التوالي تعدادا سكانيا يزيد عن 1.3 مليار نسمة. وإذا تكاتف البلدان بقوة أكبر من أجل تعاون أكثر نشاطا وعمليا، فمن المحتمل جدا أن ينتجا المزيد من الفوائد ليس فقط لنفسيهما بل للعالم الأوسع.
وبينما يتوجه الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى مدينة تشيناي بجنوب الهند اليوم (الجمعة) لعقد اجتماع غير رسمي مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، من المتوقع أن يركزا على قضايا واقعية بدءا من العلاقات الثنائية إلى التحديات المشتركة التي تواجه البلدين دون أبهة زيارة الدولة، تماما كما فعلا في ووهان مركز النقل بوسط الصين في إبريل من العام الماضي.
على مدار العام ونصف العام الماضيين، واسترشادا بالتوافق الذي توصل إليه الزعيمان في اجتماع ووهان، حافظ تطور العلاقات الثنائية على زخم قوي ومستقر، مما أدى إلى ضخ اليقين في المنطقة وخارجها.
الأهم من ذلك، يزداد التعاون العملي بين الجانبين قوة. في عام 2018، وصل حجم التجارة الثنائية إلى مستوى قياسي بلغ 95.5 مليار دولار أمريكي. وتعمل أكثر من ألف شركة صينية في الهند، باستثمار تراكمي يبلغ 8 مليارات دولار.
ومع حدوث طفرة في التعاون الثنائي، شهدت تجارة الأدوية بين الصين والهند نموا مطردا. أصبحت الهند الآن رابع أكبر شريك تجاري للصين في هذا المجال، وأكبر مصدر للمواد الطبية الخام إلى الصين.
وفي الوقت نفسه، زادت التبادلات المتواترة في قطاعي التكنولوجيا الفائقة والثقافة من حيوية السوقين. واكتسحت الأفلام الهندية مثل "البلهاء الثلاثة" و"دانغال" و"النجم الخارق السري" شباك التذاكر في الصين. وفي المقابل، تصدرت سلسلة "ردمي" للهواتف الذكية التابعة لشركة "شياومي" الصينية للتكنولوجيا ترتيب المبيعات في الهند. كما قدمت شركة "علي بابا" عملاقة التجارة الالكترونية الصينية المعرفة التكنولوجية والدعم المالي لمسعى الهند لتطوير أكبر منصة للدفع عبر الهاتف المحمول "بايتم".
وفي حين أن التعاون الثنائي يأخذ مظهرا جديدا وحيويا، فإن ثمة إمكانات أكبر لم يتم استغلالها بعد.
وتعد الصين الآن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتعتبر الهند واحدة من أسرع اقتصادات الأسواق الناشئة نموا.
في السنوات الأخيرة، حدد كل من البلدين أولويات الإصلاحات الهيكلية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية وخلق المزيد من فرص العمل وتحسين رفاهية الناس. وبما أن الاقتصادين متكاملان إلى حد كبير، فإن تنمية الصين تعني فرص نمو هائلة للهند والعكس صحيح.
ويمكن أن يكون قطاع التكنولوجيا الفائقة نقطة نمو جديدة. مع اقتراب عصر الثورة الصناعية الرابعة التي تضم البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، فإن البلدين يتقاسمان كل من الفرص والحوافز لركوب أمواج التحول التكنولوجي الجديد العالمية.
وتعد البنية التحتية مجالا مزدهرا آخر نظرا لكون الإنشاء المشترك للممر الاقتصادي بين بنغلاديش والصين والهند وميانمار وفر إطارا فعالا لتنشيط الترابط الإقليمي والتنمية المشتركة.
دائما ما تجاوز التعاون بين الصين والهند نطاق العلاقات الثنائية. إذ يحمل أهمية إقليمية وعالمية.
مع احتواءهما على اثنين من أكثر الأسواق الاستهلاكية اكتظاظا بالسكان في العالم، تحتفظ الصين والهند بفرص تجارية واستثمارية هائلة للشركات في جميع أنحاء العالم في خضم مكافحتهما من أجل مواجهة المد المتزايد للحمائية التجارية والقومية الاقتصادية.
وباعتبارهما دولتين ناميتين رئيسيتين، تتشارك الصين والهند أيضا موقفا مماثلا بشأن القضاء على الفقر ومكافحة التغير المناخي والهجمات السيبرانية وحماية التعددية في الشؤون العالمية.
وطالما أن البلدين يمكنهما التمسك بالحكم الأساسي المتمثل في عدم فرض أي تهديدات على بعضهما البعض وتوفير فرصا للتنمية لكل منهما الآخر، فإن بوسعهما المساعدة في الحفاظ على الاستقرار والازدهار الإقليميين والعالميين.
وبغية تحقيق ذلك، يحتاج الجاران إلى إدارة خلافاتهما بشكل ملائم من خلال قنوات الاتصال القائمة وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة وتعميق التفاهم المتبادل والبحث عن أرضية مشتركة بشأن القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية لكل منهما.
عندما التقى الرئيس شي لأول مرة بمودي قبل قمة البريكس في عام 2014 في البرازيل، قال للزعيم الهندي إنه "إذا تحدث البلدان بصوت واحد، فإن العالم كله سوف ينصت بانتباه؛ إذا وضع البلدان أياديهما بأيادي بعض، فإن العالم كله سوف يراقب عن كثب". وأضحى تأكيده أكثر صحة اليوم.