(وسائط متعددة) مقالة خاصة: طلاب جامعيون يعيدون ترميم كنيسة بيزنطية عمرها أكثر من 1700 عام في غزة

طلاب فلسطينيون ينظفون ويرممون لوحة فسسيفسائية أرضية في كنيسة بيزنطية بالقرب من بلدة جباليا بشمال قطاع غزة يوم 4 نوفمبر 2019.
غزة 24 نوفمبر 2019 (شينخوا) بحرفية عالية وخفة يد ينهمك طلاب جامعيون على مدار ساعات طويلة في تجميع لوحة فنية لإحدى الزهور على أرضية كنيسة بيزنطية تم اكتشافها حديثا في قطاع غزة.
وتعد اللوحة واحدة من عشرات الأشكال الفنية المتناثرة على أرضية كنيسة مسيحية بنيت في عهد البيزنطيين، قبل نحو 1700 عام، وفق أقوال مؤرخين في قطاع غزة.
ومثل خلية النحل يتعاون 12 طالبا من قسم التاريخ والأثار بالجامعة الإسلامية في غزة، بالعمل في ترميم الكنيسة الواقعة في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال القطاع.
وجرى اكتشاف الكنيسة البيرنطية، عن طريق الصدفة عام 1988 حين كان عمال بناء يهيئون طريق "صلاح الدين" الواصل أقصى شمال القطاع قرب الحدود مع إسرائيل وحتى أقصى جنوبه قرب الحدود مع مصر.
وفي حينه عثر عمال البناء على قبور تعود للأباطرة ومؤيدي الكنيسة، تم التعرف عليهم بعد فحص عظامهم التي تم العثور عليها، إضافة إلى أنهم عثروا على عملات معدنية وأواني فخارية.
ووفق المؤرخون، فإن الكنيسة كانت ملكا لإحدى العائلات المالكة في زمن العهد البيزنطي في ذلك الوقت.
وتحتوي الكنيسة التي تبلغ مساحتها 850 مترا، على قبور ومعبد لتعميد الأطفال المسيحيين وبئر للماء مما يدلل بأن من كان يرعى الكنيسة هم من كبار القوم، بحسب ما أفاد أحمد البرش المشرف على عملية الترميم.
ويقول البرش لوكالة أنباء ((شينخوا)): "كانت تعتبر غزة ممرا تجاريا بين كافة الدول، لذلك من الطبيعي أن يتم اكتشاف مواقع أثرية تعود ملكيتها للعائلات المالكة، التي كانت تسيطر على المدينة وتحكمها.
وتمتاز أرضية الكنيسة بأنها صنعت من الفسيفساء متنوعة الأشكال الفنية والرسومات، من بينها الفواكه والأشجار والأزهار والحيوانات إضافة إلى 16 مخطوطا باللغة اليونانية.
إلا أن الكنيسة كانت قد تعرضت لعوامل تعرية، على مدار سنوات ساهمت بشكل كبير في تدمير أجزاء منها وإختفاء أجزاء أخرى وفق المرممين.
ويوضح البرش:" لقد حاولت المؤسسات الخيرية مرارا وتكرارا ترميم الكنيسة التاريخية، لكنها فشلت بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي بالقطاع"، مشيرا إلى التوترات العسكرية التي تندلع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة.
ويضيف" لقد تسبب الصراع المستمر بأضرار جسيمة في الكنيسة"، لافتا إلى أن الجيران الذين يعيشون حولها قاموا بردمها ودفن معالمها في محاولة منهم لإنقاذها من قصف إسرائيلي لها.
ويشير البرش، إلى أن الكنيسة تتكون من ممرات معمارية على غرار الكنائس البيزنطية الموجودة حاليا في أوروبا الشرقية وتركيا وأماكن أخرى في العالم.
ويعمل البرش ضمن طاقم منظمة الإغاثة الأولية الدولية، التي تنفذ مشروع الترميم بدعم مالي من صندوق الحماية الثقافية التابع للمجلس الثقافي البريطاني، بالشراكة مع وزارة الثقافة والإعلام والرياضة، للحفاظ على التراث الثقافي وتعزيزه في القطاع.
وتقول رفيف العمصي منسقة مشروع ترميم المواقع التاريخية والأثرية في غزة، ل((شينخوا)) إن المشروع يهدف إلى حماية الاثار التاريخية الموجودة بالقطاع، مشيرة إلى أن المنظمة تعمل على ترميم كنيستين بالوقت ذاته وهما تل أم عامر والكنيسة البيزنطية".
وأضافت العمصي، "نحن الفلسطينيون علينا اكتشاف تاريخنا وإعلام الآخرين به، لأنه يساعدنا على تحديد هويتنا وثقافتنا".
ومن المقرر أن ينتهي العمل بالمشروع، نهاية ديسمبر القادم، ليتم تسليمه لوزارة السياحة والآثار لتجعل منه مزارا للفلسطينيين والسياح القادمين للقطاع الذين سيندهشون بجماله ومقتنياته حسب القائمين عليه.
وحتى يحين الموعد سيواصل الطلبة عملية الترميم، فيما يرغب بعضهم بأن يكون مرشدا سياحيا يشرح للناس تاريخ الكنيسة وتاريخ غزة على وجه العموم.
ويقول الطالب محمود الحلو بينما ينفض بيديه الغبار عن إحدى اللوحات الفنية، "أريد البقاء هنا لفترة طويلة بين الأثار القديمة والجميلة والعمل كمرشد سياحي".
ويعرب الحلو الذي ينقب حوله بدقة وعناية، عن سعادته "كونه أحد الأشخاص الذين يعملون على ترميم الكنيسة البيزنطية".
ويقول إن "التجربة فريدة من نوعها حيث أنني لم يسبق أن قمت بالتنقيب والتعرف على مواقع أثرية بالقطاع من قبل، متوقعا، أن غزة ستكون لها مكانتها المستقبلية كما كانت في السابق على مستوى العالم"./نهاية الخبر/












