مقالة خاصة: في عام 2019...استمرار البحث عن حل للقضية الفلسطينية وسط ظروف صعبة
بكين 28 ديسمبر 2019 (شينخوا) "في 12 نوفمبر 2019، نفذ الجيش الإسرائيلي عملية اغتيال مستهدف طالت قياديا كبيرا في حركة الجهاد الإسلامي، وبعدها أطلقت الفصائل المسلحة الفلسطينية في غزة 400 صاروخ تقريبا على إسرائيل، وردت إسرائيل بشن عدة جولات من الغارات الجوية".
"في 13 نوفمبر 2018، واصلت الطائرات الحربية الإسرائيلية قصف قطاع غزة، فيما استمر المسلحون الفلسطينيون في إطلاق صواريخ على إسرائيل. وأدت جولة جديدة من المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية إلى مقتل سبعة فلسطينيين".
كانت هذه فحوى خبرين يعكسان الوضع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ويفصل بينهما عام. إنه عام شهد تكرار المواجهات المسلحة ووقف إطلاق النار بين الجانبين دون أن يتجسد السلام على الأرض، كما شهد استمرار تهميش القضية الفلسطينية وتراجع عملية السلام لتظل القضية مستعصية على الحل حتى الآن.
-- فلسطين: انقسام مستمر وظروف صعبة
في هذا السياق، سلط قاو شانغ تاو مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بمعهد الدبلوماسية الضوء على الانقسام الفلسطيني، قائلا إنه "شديد لدرجة أن فلسطين لا تستطيع معه أن تتحد وتشكل قوة حقيقية في مواجهة إسرائيل"، مشيرا إلى أن استمرار الانقسام يجعل من الصعوبة على الجانب الفلسطيني الأخذ بزمام المبادرة في هذا الصراع.
فخلال عام 2019، وعلى الصعيد الداخلي الفلسطيني لم تخف حدة التناقضات بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ومن ناحية أخرى، أعلنت القيادة الفلسطينية، في احتجاج على تجاهل الإدارة الأمريكية للمصالح الجوهرية الفلسطينية فيما يخص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أعلنت وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل وتعليق الاعتراف بدولة إسرائيل والسعي إلى إرساء الأساس لإقامة دولة مستقلة ذات سيادة. ولكن بسبب الوضع الدولي والإقليمي المعقد، لم تلق المطالب الفلسطينية استجابة كافية من المجتمع الدولي.
والأسوأ من ذلك أن "فك الارتباط" مع إسرائيل لم يؤد إلى تحسن الأوضاع الفلسطينية على جميع الأصعدة. فقد كان هذا العام، سواء في الضفة الغربية بالنسبة لحركة فتح، أو في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس فعليا، حقيقة قاتمة من تدهور الأحوال المعيشية.
إن المحن والصعوبات تجعل الفلسطينيين يشعرون بخيبة أمل أو يأس تجاه الوضع الراهن. ففي قطاع غزة الخاضع للحصار الإسرائيلي، أصبح إطلاق الصواريخ على إسرائيل، "شكلا من أشكال التنفيس من جانب بعض الفصائل الفلسطينية"، وفقا لما ذكره محللون. لكن تلك الصواريخ لم تؤد سوى إلى تزايد الغارات العسكرية الإسرائيلية ودفع الرأي العام الإسرائيلي إلى الجنوح للفكر اليميني، وهو ما جعل الفلسطينيين والإسرائيليين يدورون في دائرة عنف مستمرة من المواجهات المسلحة ووقف إطلاق النار.
-- إسرائيل: مأزق انتخابي، وآفاق غامضة
وخلال عام 2019، دارت إسرائيل في حلقة مفرغة أخرى تمثلت في الانتخابات العامة.
ففي انتخابات الكنيست الإسرائيلي التي جرت في إبريل، قاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حزب الليكود إلى الفوز، بيد أنه فشل في تشكيل حكومة. وتم حل الكنيست بعد ذلك. وفي سبتمبر، جرت انتخابات الكنيست مرة أخرى وفاز حزب"أزرق- أبيض" بقيادة رئيس أركان الجيش الأسبق بيني غانتس وقام الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بتكليف نتنياهو وغانتس على التوالي بتشكيل الحكومة ولكن لم ينجح أي منهما في ذلك، فقام بحل الكنيست. ويقود نتنياهو حكومة تصريف الأعمال حتى مارس عام 2020 حيث ستجري الانتخابات للمرة الثالثة.
إن تكرار الانتخابات على هذا النحو لم يسبق له مثيل منذ إقامة دولة إسرائيل. ونظرا لتقارب نسبة تأييد كل من حزبي "الليكود" و"أزرق- أبيض" إلى حد كبير، تظل الآفاق المستقبلية للانتخابات الثالثة غامضة.
وثمة حالة جديرة بالملاحظة تتمثل في أن المرتين اللتين جرت فيهما الانتخابات عكستا وبشكل كامل جنوح الرأي العام في إسرائيل إلى الفكر اليميني، وعدم قيام الأحزاب السياسية الرئيسية المشاركة في الانتخابات بإدراج القضية الفلسطينية في برامجها الانتخابية. وهذا يعني أن الإسرائيليين لم يركزوا على ضرورة إيجاد تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وبسبب ميل الرأي العام الإسرائيلي إلى اليمين ودعم الإدارة الأمريكية لإسرائيل. استمر نتنياهو في الحديث بلهجة متشددة عن القضايا الحساسة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لدرجة أنه أعلن خلال حملاته لانتخابات الكنيست التي جرت في سبتمبر من العام الجاري أنه سيفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن في الضفة الغربية، إذا أعيد انتخابه.
وفي هذا الصدد، أشار ما شياو لين البروفيسور بمعهد تشجيانغ للغات الأجنبية إلى أن نتنياهو يطبق "قانون الغاب" منذ توليه رئاسة الحكومة الإسرائيلية ويسعى إلى إحداث انقسام في صفوف الدول العربية وإلى ممارسة ضغوط على الجانب الفلسطيني، لدرجة أن الجانب الإسرائيلي لم يعد مهتما بالتفاوض مع الفلسطينيين.
-- الولايات المتحدة: تجاهل الشواغل وإذكاء الصراع
وصلت القضية الفلسطينية اليوم إلى طريق مسدود، وهذا يرتبط ارتباطا وثيقا بممارسات الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.
فمن خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية لدى واشنطن ووقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يتبين أن الولايات المتحدة - الوسيط الرئيسي في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية - انحازت على مدى عامين لإسرائيل وتجاهلت المصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية الفلسطينية، الأمر الذي زاد من حدة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأضعف إمكانية استئناف محادثات السلام بين الجانبين المتوقفة منذ خمس سنوات.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد حاولت الإدارة الأمريكية أيضا الإطاحة بـ"حل الدولتين" الذي يدعمه المجتمع الدولي وأخذت تروج بقوة لما يسمي بـ"صفقة القرن" التي تتطرق إلى تقديم مساعدات اقتصادية للجانب الفلسطيني مقابل قيام الأخير بتقديم تنازلات لإسرائيل فيما يتعلق بمصالحه الجوهرية ومن بينها إقامة الدولة، وفقا لتقارير إعلامية.
ولكن "صفقة القرن" قوبلت، قبل إعلانها رسميا، برفض حازم من قبل الجانب الفلسطيني، حيث اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أن خفض الولايات المتحدة الأمريكية تمثيلها لدى الفلسطينيين يمثل "المسمار الأخير في نعش" دورها في صناعة السلام.
ولفت ما شياو لين إلى أن "صفقة القرن" قد أفلست بالفعل، مضيفا أن "صفقة القرن تحاول تسوية القضية الفلسطينية بالتضحية بالمصالح الفلسطينية. لقد فقدت الولايات المتحدة تماما مؤهلاتها كراع وضامن لعملية السلام في الشرق الأوسط. وانخفض الدور الأمريكي إلى أدنى نقطة في التاريخ".
إن التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية على أساس "حل الدولتين" وتحقيق التعايش السلمي والتنمية المشتركة بين إسرائيل وفلسطين، مسألة تصب في مصلحة الطرفين والمجتمع الدولي على حد سواء. وهناك إجماع عام في المجتمع الدولي على ذلك.
وقد قال توماس فريدمان كاتب العمود في صحيفة ((نيويورك تايمز)) الأمريكية إن "الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الآن ليسا بحاجة فقط إلى خطة للسلام، بل إلى خطة لإنقاذ السلام".