مقالة خاصة: انتعاش الآمال لإعادة إعمار سوق الموصل التاريخي في العراق

2019-12-28 17:23:22|arabic.news.cn
Video PlayerClose

الموصل، العراق 28 ديسمبر 2019 (شينخوا) بدأت عجلة إعادة إعمار الموصل (400 كلم) شمال بغداد دورانها خلال سنة 2019 ولكن ببطيء، ودبت الحياة من جديد في المدينة، وانتعشت آمال المواطنين بعد إعمار السوق التاريخي في تلك المدينة التي شهدت أعنف المعارك ولحقت بها دمار كبير.

وفي المدينة القديمة حيث ما تزال آثار الدمار الكبير موجودة وبسبب الاهمال الحكومي أدرك الموصليون أن الجانب الاقتصادي، هو الذي سيقود إلى إعمار مدينتهم، لذلك قام اصحاب المتاجر والمحال وبجهودهم الشخصية ومساعدة الحكومة المحلية بحملات لإعادة إعمار الاسواق القديمة التي تشكل عصب الحياة الاقتصادية والتجارية فيها.

ومن هذه الأسواق، سوق العطارين أحد أقدم الاسواق الموصلية، وأهم المراكز التجارية، جنوبي المدينة القديمة على الضفة الغربية لنهر دجلة ويضم نحو ألف محل تجاري متنوع الاغراض منها 40 بالمائة محلات متخصصة ببيع التوابل والبهارات والبخور والمواد المنزلية حيث يطلق اهالي الموصل اسم (عطار) على صاحب المحل المتخصص بيع هذه الاشياء، ومن هناك جاءت تسميته بسوق العطارين.

وبلغت نسبة الدمار في هذا السوق نحو 80 بالمائة وأثمرت الجهود إلى عودة نحو 20 بالمائة من اصحاب هذا السوق، وبدأت الحركة التجارية تعود تدريجيا إليه، وبدأ السوق باستقطاب الزبائن الذين تربطهم بهذا السوق ذكريات جميلة كونهم يعتبرونه قلب الموصل التجاري.

عند مدخل سوق العطارين هناك العشرات من بائعي السمك عادوا ايضا إلى عملهم وتعالت أصواتهم من جديد لجذب الزبائن، ما يثبت أن أهالي الموصل عازمون على إعادة الحياة إلى طبيعتها رغم الظروف الاقتصادية الصعبة وقلة الدعم الحكومي.

كما أعيدت الحياة إلى اسواق اخرى مجاورة لسوق العطارين أو هي تعد جزء منه في خطوة ستساهم في توفير فرص عمل للمزيد من العاطلين تمكنهم من توفير متطلبات حياتهم اليومية وتضميد جراهم التي تسبب بها تنظيم (داعش) المتطرف الذي خسروا بسببه كل شيء.

وقال علي سعدي رب أسرة مكونة من ثمانية أفراد، ودمر محله وبيته بالكامل لوكالة أنباء (شينخوا) "قبل ثلاثة اشهر بدأت إصلاح محلي الذي اسميته العبير على اسم ابنتي المعوقة بسبب الحرب، ومن ثم استأنفت العمل، وكنت أول صاحب محل يعود لمحله بهذا السوق".

وأضاف "كان العمل في البداية قليل جدا، لكن مع مرور الوقت وإعمار المزيد من اصحاب المحال لمحالهم وعودتهم للسوق تحسنت الظروف وبدأ الناس يأتون للسوق، والان أوفر متطلبات الحياة اليومية لعائلتي وبدأت أسدد الديون المتراكمة علي".

وأشار إلى أنه وبمساعدة بعض الخيرين تمكن من إنجاز 70 بالمائة من بيته المدمر، مؤكدا حصول تغيرات في منطقته منها قيام ست عوائل بمساعدة المنظمات بإعادة بناء منازلها والعودة اليها، وقيام البلدية باعادة التيار الكهربائي والماء الصالح للشرب، فضلا عن قيام السلطات بتطهير المنطقة من الالغام والمتفجرات.

وقال بنبرة فيها أمل "هذه السنة افضل من السنة السابقة، ولو أن الدولة قامت بدفع التعويضات لاصحاب المنازل المدمرة لرجعت كل العوائل".

وعن أهمية السوق، قال هاشم وليد (56 سنة) والذي استأنف عمله ببيع الطعام منذ بدء عمليات إعادة الاعمار، والذي تتوارث عائلته العمل بهذا السوق منذ 700 سنة "يكتسب سوق العطارين أهمية كبيرة للموصل، فهو مركز الموصل التجاري، وتجار الموصل الرئيسيين يتواجدون فيه، ويعتبر السوق تراث لأهالي الموصل لذلك يأتون اليه من كل أنحاء المدينة".

وأوضح أن البلدية قامت بعمليات تبليط الارضية للسوق، واوصلت التيار الكهربائي، والماء الصالح للشرب، فضلا عن تسقيف السوق بالكامل، مبينا أن نحو 20 بالمائة من اصحاب المحال عادوا إلى السوق، داعيا أصحاب المحال الباقين إلى إعادة اعمار محالهم والعودة للسوق.

وأشار إلى أن الحياة عادت إلى سوق العطارين وسوق الصفارين وسوق القماش وسوق اللعب، والعمل ما يزال متواصلا لاعادة إعمار جميع الاسواق، مؤكدا أن العمل التجاري والاقتصادي هو الذي سيعيد بناء الموصل من جديد.

بدوره قال بشار حازم، الذي جاء من الجانب الشرقي للموصل، إلى سوق العطارين للتسوق "إن عودة هذا السوق مهمة جدا، فاذا عاد السوق، فهذا يعني عودة الموصل كلها، ويعني عودة الحياة لطبيعتها، كون هذا السوق له تاريخ قديم وهو المركز التجاري المهم للموصل".

وتتميز الموصل بوجود اسواق متنوعة المهن، حيث يتجمع أصحاب المهن بمكان واحد بكل سوق، وتتخذ هذه الاسواق أسماء المهنة التي اشتهرت بها، مثل سوق الحدادين، وسوق الصرافين، سوق الملاحين، وسوق الصوافة، وغيرها.

وولدت هذه الأسواق هوية موصلية خالصة، حيث تتجمع حولها المراكز الحكومية، ومركز تجمع العوائل القديمة، وتمثل مركزا للتنوع الثقافي والديني فكل كنائس المسيحيين بتعدد طوائفهم تتجمع فيها وكذلك المراكز الدينية الإسلامية وكل هذه المراكز الدينية لها مصالح اقتصادية تابعة لها، في أسواق المدينة القديمة.

ومن المتغيرات التي حصلت خلال هذه السنة في عمليات الاعمار هو البدء باعمار مسجد النوري، الذي القى منه المدعو ابوبكر البغدادي زعيم التنظيم المتطرف خطبته المشهورة بعد سيطرة تنظيمه على الموصل في يونيو 2014، لكن هناك من يرى أن إعادة اعمار المنازل اكثر أهمية من إعمار المسجد.

وقال بدران العزاوي صاحب مخبز لبيع الخبز والصمون بنبرة يملؤها الحزن على المدينة "الانسان أكثر أهمية من كل بناء، والمفروض، أن تكون الاولوية لاعادة إعمار المنازل المدمرة لكي يعود الناس لمنازلهم وتنتهي رحلتهم مع النزوح ودفع الايجارات والمعاناة، وليس التركيز على المسجد".

وأكد العزاوي حصول تحسن بعمله بعد قيام الحكومة المحلية بتبليط الشوارع وإكمال المجاري وتوفير الكهرباء والماء الصالح للشرب، معربا عن امله بان يتم تعويض الناس من قبل الحكومة المركزية لكي يعيدوا بناء منازلهم ومحالهم وممتلكاتهم.

وسيطر التنظيم الارهابي في العاشر من يونيو عام 2014 على مدينة الموصل بالكامل وأعلنها بعد نحو اربعة اسابيع عاصمة لما أطلق عليه "الخلافة الاسلامية" وأعلن المدعو ابوبكر البغدادي خليفة لهذه الدولة المزعومة.

وحسب الاحصائيات فقد دمر أكثر من 11 ألف منزل، و 63 مسجدا وكنسية اغلبها تاريخية، و212 معملا وورشة و 29 فندقا وتسع مستشفيات و76 مركزا صحيا، فضلا عن تدمير جسور المدينة الخمسة، و 308 مدارس و12 معهدا وجامعة الموصل وكلياتها، وجميع الدوائر التابعة للشرطة والاجهزة الامنية، ومجمعات الاسواق القديمة في الموصل.

وأعلن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي في العاشر من يوليو 2017 تحرير الموصل بالكامل بعد معارك شرسة خلفت آلاف القتلى في صفوف القوات العراقية والمدنيين، فضلا عن دمار كبير في البنى التحتية ومنازل المواطنين وممتلكاتهم.

وفي صورة أخرى لحصول متغيرات واشياء جديدة في المدينة القديمة خلال هذه السنة عودة عائلة فراس صباح إلى منزلهم بعد أن تبرعت إحدى الشركات المحلية باعادة بناء منزله، ومساعدة بعض المتبرعين له كونه فقد منزله وقتلت زوجته، ولديه طفلة تبلغ العمر تسع سنوات مصابة ولا تستطيع المشي.

وقال صباح "إنا سعيد بعودتي لمنزلي، فقد تخلصت من دفع الايجارات، وهذه أهم نقطة في حياتي حققتها خلال هذه السنة، فقد انتهت رحلتي مع الايجارات بجهود الخيرين والمتبرعين"، مضيفا "لكن طفلتي زينب التي لا تستطيع النهوض أو السير، ما تزال تشكل هما لي ولعائلتي، كوني لا أستطيع أن أكمل علاجها لكي تعود مثل باقي الأطفال وتذهب إلى مدرستها".

   1 2 3 4 5 >  

الصور

010020070790000000000000011100001386634211