مقالة خاصة: اتفاق "المرحلة الأولى" التجاري الصيني-الأمريكي يعزز استقرار الاقتصاد العالمي
واشنطن 16 يناير 2020 (شينخوا) وقعت الصين والولايات المتحدة أمس الأربعاء على اتفاق "المرحلة الأولى" الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وهو الاتفاق الذي قال الجانبان إنه يعود بالنفع عليهما والعالم بأسره، ويمثل تقدما يلقى ترحيبا من الشركات والمستثمرين والمراقبين.
وبعد نحو عامين من المفاوضات الشاقة، وقع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو خه والرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وثائق الاتفاق بالغرفة الشرقية بالبيت الأبيض، كل بالنيابة عن بلده، ما أضفى استقرارا على العلاقات الثنائية ويقينا في النمو العالمي.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ في رسالة لترامب، قرأها نائب رئيس مجلس الدولة خلال مراسم التوقيع، إن الاتفاق "يُظهر أن بلدينا لهما القدرة على التحرك على أساس من المساواة والاحترام المتبادل، وعلى العمل من خلال الحوار والتشاور لمعالجة القضايا ذات الصلة على نحو صحيح وتسويتها على نحو فعال."
مكسب للصين والولايات المتحدة والعالم
يمثل الاتفاق نتيجة مرحلية تم تحقيقها عبر جهود مضنية لنزع فتيل التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، حيث كانت واشنطن هي مَن تسبب في إثارتها. وهذا التقدم يظهر أن أكبر اقتصادين في العالم يبحثان عن طريقة أكثر رشدا لكسر هذا الجمود وضخ طاقة إيجابية في استقرار وتنمية الاقتصاد العالمي.
وفي كلمته التي ألقاها خلال مراسم التوقيع، وصف نائب رئيس مجلس الدولة الصيني الاتفاق بأنه مفيد للطرفين ومربح للجميع، حيث قال ليو خه "إنه (الاتفاق) سيحقق نموا اقتصاديا أكثر استقرارا وسيعزز السلام والرخاء العالميين، ما يصب في مصلحة المنتجين والمستهلكين والمستثمرين في البلدين."
وأكد ليو، وهو أيضا عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس الجانب الصيني في الحوار الاقتصادي الشامل الصيني- الأمريكي، خلال مؤتمر صحفي مع الصحافة الصينية في وقت لاحق يوم التوقيع على الاتفاق، أن اتفاق المرحلة الأولى عالج شواغل الجانبين بدرجة كبيرة.
ويمتد نطاق الاتفاق من توسيع التجارة الثنائية في قطاعات مثل المنتجات الزراعية والسلع المصنعة والطاقة والخدمات وكذا توسيع نطاق الوصول إلى السوق، إلى تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية.
واتفق الجانبان أيضا على إنشاء آلية ثنائية للتقييم المتبادل وتسوية النزاعات، وتعهدت الولايات المتحدة بإلغاء بعض الرسوم الجمركية التي فرضتها على المنتجات الصينية، ما يمثل تغيرا في سياسات واشنطن من إضافة الرسوم الجمركية إلى خفضها.
وأشار ليو خلال مراسم التوقيع إلى أن اتفاق المرحلة الأولى يتفق مع قواعد منظمة التجارة العالمية، ولا يستهدف أي طرف ثالث. كما أنه لن يؤثر على الحقوق والمصالح القانونية لأي طرف ثالث.
من جانبه، وصف الرئيس ترامب التوقيع على الاتفاق بأنه أمر "رائع" ونعمة للولايات المتحدة والصين والعالم بأسره.
ردود أفعال مُرحبة
لقي اتفاق "المرحلة الأولى" الاقتصادي والتجاري بين الصين والولايات المتحدة، الذي من المتوقع أن يحقق منافع مشتركة للصناعات والشركات والمستهلكين من البلدين، ترحيبا من المحللين ومجتمعات الأعمال والزراعة والأسواق المالية في الولايات المتحدة.
قال رئيس غرفة التجارة الأمريكية توماس دونوهيو في بيان صدر أمس الأربعاء إن الاتفاق يوفر "يقينا ضروريا" للشركات الأمريكية مع استقبالها العام الجديد.
وتابع "نشيد بالحكومتين إزاء مواصلتهما المسيرة واتخاذ تلك الخطوة الهامة لإعادة بناء الثقة واستعادة بعض الاستقرار لأهم علاقات تجارية على مستوى العالم."
وفي معرض إشارته إلى أن الاتفاق أضفى كثيرا من السعادة والحماسة على مجتمع الأعمال الأمريكي، قال كريج ألين، رئيس مجلس الأعمال الأمريكي-الصيني، في مقابلة حديثة مع وكالة أنباء (( شينخوا))، إن الاتفاق يحقق منفعة الجانبين الصيني والأمريكي.
وقال ريك كيمبرلي، رئيس شركة (كيمبرلي فارمز) المحدودة للمنتجات الزراعية، بولاية آيوا الأمريكية، في مقابلة مع وكالة أنباء (( شينخوا))، إنه "سعيد" بالتوقيع على الاتفاق، واصفا ذلك بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح.
وقال تايلر ستافسلين، الذي يعمل في زراعة فول الصويا بولاية نورث داكوتا، في مقابلة حديثة مع وكالة أنباء (( شينخوا))، إن الاتفاق يعني بالنسبة إليه أن "الولايات المتحدة والصين تعودان مجددا إلى علاقات تجارية طبيعية."
وقال ديفيد دولار، الباحث الكبير بمركز جون إل. ثورنتون لشؤون الصين التابع لمؤسسة بروكينجز، في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إن "الأسواق عمَّها شعور بالارتياح لأن الاتفاق يعني أن الحرب التجارية الأمريكية-الصينية لا تتصاعد"، مضيفا أنه يبدو أن عام 2020 قُدِّر له أن يكون أكثر استقرارا فيما يخص السياسة التجارية.
وقد أغلقت الأسواق الأمريكية على ارتفاعات قياسية أمس الأربعاء عقب التوقيع على الاتفاق التجاري الذي انتظره الكثيرون، حيث سجل مؤشر داو جونز الصناعي 29030.22 نقطة عند الإغلاق.
المضي قدما
يمثل التوقيع على الاتفاق خطوة إيجابية أولى نحو تسوية القضايا الاقتصادية والتجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، والأولوية الآن هي تنفيذ الاتفاق، والانطلاق نحو بداية جديدة للعلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية-الأمريكية.
وقال شي، في رسالته إلى ترامب، إن الخطوة المقبلة تتطلب من الجانبين تنفيذ الاتفاق على أرض الواقع وتعزيز أثره الإيجابي، بما يحقق تقدما أكبر في التعاون التجاري والاقتصادي الصيني-الأمريكي.
وأعرب ليو، في كلمته خلال مراسم التوقيع، عن تطلعه إلى أن يعمل الجانبان معا وفق مبدأ المساواة والاحترام المتبادل، وأن يطبقا الاتفاق بالتزام شديد، وأن يستوعبا الشواغل الأساسية لكل منهما، وأن يعملا من أجل ضمان تطبيق الاتفاق على نحو جيد.
وتابع يقول إن "الاتفاق ضروري جدا وسيلعب دورا هاما في نمو العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية في المستقبل."
وقال روبرت كوهن، رئيس مؤسسة كوهن وأحد الخبراء الأمريكيين البارزين في الشؤون الصينية، في مقابلة مع وكالة أنباء (( شينخوا)) أمس الأربعاء، إن الاتفاق "معلم بارز" في التجارة الدولية والعلاقات الصينية-الأمريكية.
وأوضح كوهن أن الاتفاق "لا يحل جميع المشكلات للأبد، ولكنه عبر توفير الاستقرار للعلاقات الاقتصادية الصينية-الأمريكية، يمنح العالم كله ثقة اقتصادية أكبر ويعزز فرص الرخاء العالمي."
وتابع كوهن "أنا واثق بأن الجانبين سيلتزمان بالاتفاق."
ولفت ليو خه خلال المؤتمر الصحفي إلى أن الرئيس شي قال إن هناك ألف سبب وسبب لتعزيز العلاقات الصينية-الأمريكية ولا يوجد سبب واحد لكسرها.
وأوضح ليو أن بين البلدين الكثير من المصالح المشتركة، وأنهما يستطيعان بالتأكيد إيجاد وسيلة لإدارة خلافاتهما والانخراط في تعاون مربح للجانبين.