تحقيق إخباري: السوريون يجدون في رياضة اليوغا ملاذاً آمنا للهرب من توتر الحرب

2020-01-22 08:05:07|arabic.news.cn
Video PlayerClose

دمشق 21 يناير 2020 (شينخوا) بعد حوالى تسع سنوات من الحرب في سوريا، وما خلّفته من آثار مباشرة وغير مباشرة، بات الكثير من سكان البلاد يُعانون من أمراض نفسية وجسدية، مثل الاكتئاب والتوتر وآلام في الظهر والمفاصل، ما دفعهم للبحث عن حلول وبدائل لتخفيف آثار الضغط المتواصل الناجم عن استمرار الحرب، بعيداً عن استخدام الأدوية الكيماوية لما لها من آثار جانبية مباشرة، وكانت رياضة اليوغا، واحدة من الطرق التي لجأ إليها السوريون.

وبدأت رياضة اليوغا بالظهور في سوريا بشكل منظّم منذ العام 2003، لكنها بقيت على نطاق ضيّق، لا سيّما أن السوريين على ما يبدو في ذلك الوقت، لم يكونوا في وضع نفسي يدفعهم للبحث عن طرق تخفيف ضغط التوتر.

لكن بداية العام 2011، بدأ الصراع في سوريا بشكل تدريجي، وجلب معه التوتر والقلق والاكتئاب للسوريين الذين رزحوا تحت القصف والصواريخ والقذائف، ولجأ ونزح الملايين منهم داخل وخارج البلاد، بعد أن اضطروا لترك منازلهم ومناطقهم الساخنة.

وقد تبدو حبوب التهدئة وسيلة من الوسائل التي كان يمكن استخدامها لتخفيف آثار الحرب النفسية، إلا أنها تترافق مع عوارض جانبية قد تكون خطيرة على الصحة، ولذلك لجأ بعض السوريين إلى الرياضة كوسيلة صحية للتخلص من التوتر الزائد، ولا سيما من خلال ممارسة اليوغا.

في صالة رياضية بدمشق، يتجمع بشكل دوري وأسبوعي، العشرات من الرجال والنساء من جميع الأعمار، ويتمدّدون على فرشات ويقومون بحركات جماعية بإشراف مدربين متخصصين في رياضة اليوغا.

ورغم برودة الطقس وهطول الأمطار خلال فصل الشتاء، إلا أن ذلك لم يمعنهم من الحضور بقوة وانتظام، ووجوههم مليئة بالحماسة لممارسة هذه الرياضة.

يتقدّم كل من يدخل الصالة، ويقدّم التحية المخصصة لرياضة اليوغا، إذ يلصق كفيه ببعضهما ويضعهما تحت ذقنه، وينحني باتجاه الآخر، في إشارة إلى التحية والاحترام.

وعلى أنغام الموسيقى الهندية، وأضواء شموع خافتة، يُشرف عدد من المدربين على كيفية أداء الحركات الرياضية بانسيابية وسلاسة، كما يراقبون أداء المتدربين وتظهر بعض الصعوبة عند القادمين الجدد للتدريب، وقد تستغرق بعض الحركات معهم مزيداً من الوقت لإتقانها.

ويهدف المدرّبون على إعداد التدريب بهذا الشكل والمضمون، لتهيئة عقول المتدربين على تحقيق التوازن بين العقل والجسم، وهو مبدأ أساسي في رياضة اليوغا.

تحاول عبير مايا تقليد مدرّبة اليوغا في الصالة الرياضية، بعد أن قدمت لتحضر درس رياضة اليوغا، ونجحت في تطبيق الكثير من الحركات وفشلت في تطبيق بعضها، تحدثت مايا البالغة من العمر 35 عاما لوكالة أنباء (شينخوا) عن كيفية السيطرة على عواطفها ومشاعرها من خلال ممارسة اليوغا، والتي ساهمت بإخفات الضجيج الناجم عن الحرب في داخلها.

وقالت "لقد تعلّمنا على كيفية السيطرة على انفعالاتنا، خاصة خلال الحرب، بعد أن عانينا من مشاعر الغضب والحزن والألم".

وأضافت عبير "تعلمنا التركيز، وأصبحنا أكثر هدوءً رغم الضجيج الذي كان في داخلنا".

وتشاركها زميلتها في اليوغا، سلام الخطيب، 29 عاما، الرأي اتجاه مدى تأثير رياضة اليوغا، وتشرح عن أثرها في تخفيف توتر الحياة وضغط الحرب وتقول "اليوغا جيدة لأنها تعمل على زيادة الوعي في أجسادنا، وتنظم طريقة التنفس، وتعلمنا كيفية تزامن حركة الجسد مع التنفس".

وتؤكد مقدرة اليوغا على تخفيف تسارع الحياة اليومي، وهو ما دفعها للالتزام بحضور الدروس.

أما أبو الخير الخطيب، فقد اعتاد على ممارسة اليوغا منذ سنوات، ويبدو الرجل هادئاً حين يتحدث، وحركته أكثر ثباتاً على الأرض، وأكثر اتقاناً في أدائها.

يعمل الخطيب كصيدلاني، ويؤكد أن التعامل مع الاكتئاب من خلال الدواء "بأنه غير صحي" وينصح كل من يعاني من ضغط الحرب للتوجه إلى رياضة اليوغا كبديل صحي.

ويقول الخطيب لوكالة أنباء (شينخوا) "بعد الأزمة التي مرّت بها سوريا، لا يجب أن أن يكون علاج الاكتئاب من خلال الأدوية، بل من خلال وسائل نفسية بديلة مثل اليوغا" ويضرب أمثلة عن عدد من الأشخاص الكبار في السن، الذين شاركوا في التدريبات، ونجحت اليوغا في تخليصهم من حالتهم النفسية السيئة، وتحسن مزاجهم.

وبذات المضمون، تؤكد مدرّبة اليوغا وفاء شديد، وهي في الأربعينيات من عمرها، أن أعداد الناس الذي يحضرون دروس اليوغا في تزايد، ولا سيما خلال سنوات الحرب الأخيرة.

وتقول "عملنا على معالجة أمراض نفسية وجسدية، مثل الكآبة وآلام الظهر، ونجحت اليوغا في مقاومة هذه الأمراض على المستويين النفسي والجسدي".  

   1 2 3 4 >  

الصور

010020070790000000000000011100001387252751