تحليل إخباري : العراق : تحديات صعبة تواجه حكومة الكاظمي
بغداد 7 يونيو 2020 (شينخوا) تواجه حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تحديات داخلية وخارجية كبيرة في ظل أزمة انتشار مرض (كوفيد-19) وتصاعد الإصابات فيه مؤخرا في البلاد، وانخفاض أسعار النفط في السوق العالمية التي يعتمد عليها العراق في الموازنة العامة للدولة.
وتتوزع التحديات التي تواجهها حكومة الكاظمي في عدة جوانب منها الصحي والاقتصادي والأمني والعلاقات الخارجية وهي تحديات معقدة وشائكة وتحتاج إلى فريق عمل متجانس لكي يتمكن من مواجهتها.
وكان البرلمان العراقي قد منح الثقة للكاظمي و15 وزيرا بحكومته في السابع من مايو الماضي، لكنه رفض منح الثقة لخمسة مرشحين، فيما طلب الكاظمي تأجيل التصويت على مرشحي وزارتي النفط والخارجية.
ويوم أمس منح البرلمان الثقة للوزراء السبعة الباقين لتكتمل بذلك تشكيلة حكومة الكاظمي لتنطلق في مواجهتها للوضع الصعب الذي يعيشه الشعب العراقي، حيث تسعى جاهدة لتحقيق برامجها من خلال تحسين الوضع الحالي.
يذكر أن الكاظمي قال في جلسة منحه الثقة انه "وضع أمام الحكومة الجديدة مهمة أساسية هي الاستجابة لمطالب الشعب وتهيئة الطريق لانتخابات حرة ونزيهة بعد استكمال القانون الانتخابي، وفرض هيبة الدولة من خلال حصر السلاح بيد الدولة وتطوير المؤسسات الأمنية وعدم تحويل البلاد إلى ساحة للصراعات أو منطلقا للاعتداء على دول الجوار".
إلى ذلك قال ناظم علي عبد الله خبير المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية لوكالة أنباء ((شينخوا)) " بعد اكتمال التشكيلة الوزارية لحكومة الكاظمي فإنها اليوم تواجه تحديات كبيرة تؤثر على سير عملها حيث تنقسم هذه التحديات إلى تحديات داخلية وخارجية".
وأضاف "التحديات الداخلية تتمثل في الوضع الأمني بشكل عام حيث أن تنظيم "داعش" مازال لديه القدرة لشن هجمات بمناطق مختلفة من العراق بالإضافة لانتشار فوضى السلاح وعدم قدرة المؤسسات الأمنية على ضبط السلاح المنفلت سواء الموجود بيد العشائر أو الفصائل المسلحة التي لديها ولاءات خارجية أو داخلية وتعمل لمصالحها الخاصة، والتي تشل معظم حركة الاقتصاد من خلال استغلالها لنفوذها في تهريب النفط أو السيطرة على المنافذ الحدودية وهذا يجعل الحركة الاقتصادية محفوفة بالمخاطر، وعلى الحكومة معالجة كل هذه الأمور بحكمة".
وتابع "تواجه حكومة الكاظمي تحديا بشأن إرتفاع نسبة المصابين بمرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) في ظل عدم وجود مؤسسات صحية قادرة على التجاوب مع هذا الحجم من الإصابات، فضلا عن مواجهتها لتحديات أخرى في مجال الخدمات كالكهرباء والعلاقة مع الأكراد والبطالة والفساد، وملف النازحين".
وحسب بيانات وزارة الصحة العراقية فإن مجموع الإصابات بمرض (كوفيد 19) في العراق بلغ حتى يوم أمس 11098 والوفيات 318 وحالات الشفاء 4904 حالة والراقدين في المستفيات 5876 مريضا بينهم 60 في العناية المركزة.
واعتبر علي عبدالله أن الملف الاقتصادي هو التحدي الأكبر للحكومة بسبب الهبوط الحاد لاسعار النفط والركود الاقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا، مع غياب كامل لموارد الدولة الأخرى التي تعتمد عليها في تسيير عجلة الاقتصاد، بالإضافة إلى عدم وجود بئية ملائمة لجذب المستثمرين.
وعن التحديات الخارجية أجاب "هناك عدة ملفات شائكة ومعقدة تفرض على الحكومة التعامل معها بجدية رغم انعدام رؤية سياسية واضحة للتعامل مع الدول الإقليمية من جهة والدول الكبرى والتي تتشابك مصالحها على أرض العراق ومن أهم هذه الملفات هو ملف العلاقة مع إيران وحجم التدخلات الإيرانية واستمرار الصراع الإيراني الأمريكي في العراق.
وأكد أن العراق في موقف لا يحسد عليه فواشنطن تريد موقفا واضحا من العقوبات على إيران وتريد أن تخرج العراق من دائرة النفوذ الإيراني قائلا "إن العراق ينتظر الحوارمع أمريكا وعليه الاتفاق معها للاستمرار في تقديم الدعم لمحاربة داعش وكذلك مشاركة الشركات الأمريكية في إعادة الإعمار والمساعدة في تحسين الوضع الاقتصادي".
ويرى المراقبون أن على حكومة الكاظمي ترميم ملف العلاقات مع دول الجوار وفي مقدمتها دول الخليج العربي ، وتركيا خاصة في ملفي المياه وتصدير النفط العراقي عبرها، وعلاقة الأخيرة مع إقليم كردستان.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن المعضلة العراقية لا تتعلق بالاقتصاد بل في غياب السياسات السليمة والتشريعات الضرورية وغياب سلطة فرض القانون نتيجة وسيطرة بعض الأحزاب على العديد من موارد الدولة العراقية وتسخريها لفائدة الأحزاب ما حرم الحكومة من موارد مهمة بحيث أصبحت تعاني من مشكلة توفير الرواتب للموظفين.
يشار إلى أن الكاظمي تعهد بأن تكون حكومته خادمة للشعب بالأفعال وليس بالأقوال، داعيا الجميع لمساندة حكومته قائلا "الجميع بدون استثناء يتحمل مسؤولية دعم هذه الحكومة وإنجاح خطواتها والمشاركة في خدمة الشعب"، كما تعهد بمحاسبة الفاسدين وحصر السلاح بيد الدولة وإرجاع النازحين، ومحاسبة من قتل المتظاهرين.
من جانبه قال هاشم الشماع عضو مركز العراق للتنمية القانونية لـ ((شينخوا)) إن حكومة الكاظمي وفي ظل التحديات التي تواجهها ليست في ساحل الأمان، والواقع أنها تواجه سياسيا تحديات كبيرة.
وأضاف "على حكومة الكاظمي ايلاء الملف الصحي أهمية كبرى من خلال التحرك إلى الدول العظمى لاسيما الصين وروسيا وأمريكا لتوفير جميع المستلزمات المطلوبة في القطاع الصحي فيما يخص الجائحة، ولكن يبدو أن هذه التحركات بطيئة إذا لم نقل إنها معدومة، وهذا الملف أيضا من الملفات التي ستجند لمواجهة الكاظمي برلمانيا".
وعن الحوار الاستراتيجي المرتقب مع واشنطن قال الشماع " اعتقد ستكون حظوظ الكاظمي كبيرة بإحراز تقدم في هذا الملف خاصة وأن واشنطن تريد الخروج من العراق بشكل ايجابي دون أي أشكالات، مع المحافظة على مصالحها، لأنها في المرحلة المقبلة لديها ملفات أهم من العراق، مثل الملف الإيراني، والانتخابات الرئاسية المرتقبة، وأخيرا الاحتجاجات المفاجئة فيها".
وتابع الشماع "هذه التحديات يمكن أن يلعب الكاظمي على أوراقها شريطة، ان يتحرر من الضغوط السياسية في اختيار فريقه التفاوضي أمام الجانب الأمريكي، وأن يختار المفاوضين الأكفاء المتمرسين، الذين يضعون مصلحة العراق فوق كل اعتبار طائفي أو سياسي".
وخلص إلى القول " إن الكاظمي الذي وعد بإجراء إصلاحات كثيرة إذا طبق ثلاث نقاط من برنامجه الحكومي فإن ذلك سيحوله إلى رجل المرحلة في العراق، وهذه النقاط هي، إجراء الانتخابات المبكرة، والثانية إخراج العراق من الأزمة الاقتصادية من خلال خطط علمية رصينة، والثالثة تقديم الجناة الذين قاموا بقتل واختطاف المتظاهرين السلميين إلى القضاء".







