تحقيق إخباري: أكياس رمل حمت لوحات فسيفساء لا تقدر بثمن في متحف معرة النعمان بإدلب السورية
معرة النعمان، سوريا 17 يوليو 2020 (شينخوا) في العادة يستخدم المقاتلون أكياس الرمل لحماية أنفسهم من الشظايا والرصاص الذي يستهدفهم في المعارك، فيكون بمثابة خط دفاع قوي، ولكن في متحف معرة النعمان في محافظة إدلب (شمال غرب سوريا)، لعبت أكياس الرمل هذه دورا مهما في حماية لوحات الفسيفساء التاريخية التي تعود إلى القرن الثاني.
وشهدت معرة النعمان، ثاني أكبر مدينة في ريف محافظة إدلب، مواجهة عسكرية مكثفة بين الجيش السوري ومجموعة من الفصائل المسلحة التي سيطرت على المدينة.
وبعد معارك عنيفة تمكن الجيش من السيطرة على مدينة معرة النعمان في يناير الماضي.
ويعد متحف معرة النعمان أحد المعالم في المدينة حيث أن المبنى نفسه الذي يحتوي اللقى الأثرية مبنى تاريخي تم بناؤه في القرن السادس عشر كفندق للمسافرين في البداية قبل أن يصبح متحفا.
عند دخول المتحف، لا يسع الزائرون سوى ملاحظة الأنقاض المبعثرة هنا وهناك والفتحات في الأسقف والجدران، التي تصدعت بسبب المعارك والاشتباكات، مما أدى إلى تضرر المتحف إلى حد كبير، إلا أن وجود أكياس الرمل الموضوعة فوق بعضها البعض لحماية القطع الفنية في المتحف حال دون تعرضها لدمار تام.
وكانت بعض اللوحات الفسيفسائية، التي يعود تاريخها ما بين القرنين الثاني والسابع، مغطاة إلى حد كبير بأكياس الرمل بينما تعرضت لوحات أخرى للتخريب نتيجة سقوط بعض الكتل الاسمنية عليه.
بالنسبة للمسؤولين، فإن أهم محتويات المتحف هي لوحات الفسيفساء، حيث لا يمكن إصلاح أضرارها، لأنها تحتاج إلى وقت كبير لإعادة ترميمها، والآن الظروف لا تسمح.
وقال غازي علولو، مدير الآثار في إدلب، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الأمور خرجت عن نطاق السيطرة في عام 2012 عندما كان المسلحون ينتشرون في إدلب.
وقال إنه تم نقل قطع أثرية صغيرة إلى الطوابق السفلية بينما كانت لوحات الفسيفساء محمية بمساعدة المجتمع المحلي، حيث ساعد الشباب في معرة النعمان في وضع أكياس الرمل على لوحات الفسيفساء بغية المحافظة عليها من القذائف والرصاص.
وأشار إلى أن أكبر الأضرار قد لحقت بالقطع الزجاجية نتيجة القصف والمعارك بينما كانت الأواني الفخارية أقل تضررا.
عند دخول المتحف لأول مرة بعد أن استعاد الجيش معرة النعمان، قال علولو إنه كان سعيدا بأن اللوحات آمنة وسليمة إلى حد كبير.
وقال "بمساعدة الأهالي في معرة النعمان وبعض العاملين في قسم الآثار، قمنا بحماية هذه اللوحات وإخفائها باستخدام أكياس الرمل وتغطيتها بطبقة من القماش ولهذا أصبحت هذه اللوحات معزولة ومحمية من التفجيرات التي حدثت في المتحف أو في المناطق المجاورة".
وعن الهيكل المتضرر للمتحف، قال علولو إن المتحف تضرر إلى حد كبير ويحتاج إلى عملية ترميم عاجلة.
وتابع يقول "المبنى أصيب بأضرار بالغة. وقد تصدعت بعض الجدران والممرات، وهناك ثقوب في السقوف لذا يحتاج هذا المبنى إلى عملية طارئة لإنقاذه وإصلاح ما تم تدميره".
وأضاف إنه يمكن إجراء الترميم بالخبرة المحلية، وقد دربت سوريا فرقا لإصلاح الضرر، مضيفا أنه تم توثيق الضرر لإيجاد حلول وإصلاح الأجزاء التالفة.
وقال "بغض النظر عن مدى الضرر الذي لحق بالمبنى، يمكن إجراء الترميم لأن لدينا الخبرة والقدرات لذلك عندما تكون لدينا القدرات يمكننا القيام بعملية الترميم".
وأشار إلى أنه في حالة تلف اللوحات، فلا توجد طريقة لاستعادتها "لذا فإن أكياس الرمل هذه ساهمت الى حد كبير في حماية أجزاء من لوحات الفسيفساء في المتحف".