مقالة خاصة: أكثر من 5 ملايين إصابة بكوفيد-19 تبرز مشكلات المجتمع الأمريكي وعجز الحكومة

2020-08-10 15:28:09|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 10 أغسطس 2020 (شينخوا) تجاوزت حالات كوفيد-19 في الولايات المتحدة عتبة جديدة قاتمة متمثلة في 5 ملايين إصابة يوم الأحد مع ارتفاع عدد الإصابات الجديدة، مما يسلط المزيد من الضوء على المشكلات العميقة الجذور بالمجتمع الأمريكي ويلقي بظلال من الشك على سلوك واشنطن وسط الوباء المستشري.

وسجلت الولايات المتحدة 5041473 حالة و162913 وفاة حتى الساعة 0000 بتوقيت غرينتش اليوم (الاثنين)، وفقا لحصيلة من جامعة جونز هوبكنز.

وهناك القليل من المؤشرات على أن الانتشار آخذ في التباطؤ في الولايات المتحدة.

-- خسارة فادحة في الأرواح البشرية

على الرغم من أنها تتمتع بأكبر قوة اقتصادية وواحدة من أكثر الأنظمة الطبية تقدما في العالم، فقد أصبحت الولايات المتحدة أكثر الدول تضررا بعد فترة وجيزة من تفشي الوباء عالميا.

لم تدفع التحذيرات المبكرة القادمة من أجزاء أخرى من العالم البلد إلى اتخاذ تدابير في الوقت المناسب وبذل جهود منسقة لمكافحة الفيروس.

وأصبح كوفيد-19 الآن المسبب الأول للوفاة في الولايات المتحدة، حيث تسبب بوفاة أشخاص على نحو يومي أكثر بالمقارنة مع السرطان أو أمراض القلب، وفقا لرسم بياني نُشر في مجلة ((نيوزويك)) في 9 إبريل الماضي. وقد أودى المرض بحياة أمريكيين أكثر مما تسببت به الحرب الكورية وحرب فيتنام والحرب في أفغانستان وحرب العراق مجتمعة.

وقد أدى تجاهل بعض الساسة الأمريكيين للحياة البشرية وعدم المساواة العرقية المتجذر، فضلا عن فجوة الثروة الآخذة في الاتساع إلى تفاقم الوضع المزري.

من أجل التقليل من حجم وخطر الوباء، ادعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرارا بأن الولايات المتحدة لديها واحد من أدنى معدلات وفيات كوفيد-19 في العالم.

ومع ذلك، فإن الواقع هو أن الولايات المتحدة لديها معدل وفيات لكل 100 ألف أعلى من العديد من البلدان الأخرى، بما في ذلك كندا وألمانيا وفرنسا وهولندا، وفقا لمقال نشرته مؤخرا ((ذي هيل)).

"لكن ترامب لا يركز على هذه الأرقام" وقد ركز على رقم يسمى معدل وفيات الحالات (النسبة المئوية للأشخاص الذين يموتون بعد الإصابة بكوفيد-19) من أجل إرباك الناس والتستر على معدل الوفيات المرتفع للغاية كنسبة من السكان، حسب المقال.

وعلاوة على ذلك، فإن الفئات الضعيفة في البلاد، بما في ذلك كبار السن والفقراء والأمريكيون الأفارقة والأمريكيون اللاتينيون، قد تحملت العبء الأكبر من كوفيد-19 وما تزال الأكثر عرضة للخطر.

في 23 ولاية أمريكية على الأقل، تم ربط غالبية الوفيات بدور رعاية المسنين، وفقا لصحيفة ((نيويورك تايمز)). وحتى 15 يوليو، فإن الوفيات في مرافق الرعاية طويلة الأجل شكلت أكثر من 42 بالمائة من الوفيات الناجمة عن الجائحة في البلاد.

وألمح بن شابيرو، رئيس تحرير ((ديلي واير))، وهو موقع إخباري يميني أمريكي، في مقابلة أجريت معه يوم 30 إبريل، بأن حياة المسنين لا تستحق الإنقاذ.

وقال "إذا توفى شخص يبلغ من العمر 81 عاما بسبب كوفيد-19، فهذا ليس نفس حال شخص آخر عمره 30 عاما يموت بسبب كوفيد-19 ... إذا ماتت جدة في دار رعاية في سن 81، فهذا أمر مأساوي ومريع، إلا أن متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة هو 80".

كما أن سكان الأقليات كانوا أكثر تضررا بشكل غير متناسب من فيروس كورونا الجديد في البلاد.

ومع ذلك، على الرغم من دعوة خبراء الصحة العامة لإعطاء الأولوية لمجتمعات الأقليات في التصدي للفيروس، لم تتخذ إدارة ترامب إجراءات كافية.

وقال المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، في بيان صدر في 25 يونيو إنه حتى 12 يونيو، كان معدل إصابة أو وفاة الأشخاص السود غير اللاتينيين بفيروس كورونا الجديد حوالي 5 أضعاف المعدل المسجل لدى الأشخاص البيض غير اللاتينيين، بينما بلغ معدل الأشخاص البيض من أصل لاتيني أو اللاتينيين 4 أضعاف تقريبا المعدل المسجل لدى الأشخاص البيض غير اللاتينيين.

-- تسييس الوقاية من الوباء

لم يوفر الوباء في الولايات المتحدة منبرا للتعاون بين السياسيين، بل كان ساحة معركة لهم للتصارع مع بعضهم البعض.

مع ارتفاع حالات كوفيد-19 في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ينظر الجمهوريون والديمقراطيون بشكل متزايد إلى المرض بطرق مختلفة تماما، بحسب تقرير نُشر في 25 يونيو من قبل مركز ((بيو)) للأبحاث.

ومن المرجح أن يقول الديمقراطيون والمستقلون ذوو الميول الديمقراطية إنه يجب ارتداء الأقنعة دائما بمرتين أكثر بالمقارنة مع الجمهوريين والمستقلين ذوي الميول الجمهورية. ووفقا للتقرير، فإن الجمهوريين أكثر احتمالا بكثير من الديمقراطيين للقول إنه نادرا ما يجب ارتداء الأقنعة أو عدم ارتداءها أبدا.

ولم يمنع الانقسام الواسع بين مختلف الفصائل السياسية المواطنين الأمريكيين من التصرف وفقا للإرشادات الوقائية فحسب، بل أعاق أيضا البلاد بأسرها من تشكيل خطة شاملة لمكافحة الوباء.

وبدلا من إتباع نصائح العلماء وخبراء الصحة العامة والاستماع إلى أصوات الجماهير، اختار بعض السياسيين الأمريكيين إعطاء الأولوية لمصالحهم السياسية.

وقال استطلاع رأي جديد نُشر يوم 22 يوليو إن قلة من الأمريكيين يريدون إعادة فتح مدارسهم المحلية للتعليم الشخصي كالمعتاد أو حتى مع إجراء تعديلات طفيفة بالنظر إلى الوضع الخطير لكوفيد-19.

وقال 8 في المائة فقط من الأمريكيين إن مدارسهم المحلية من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر يجب أن تفتح للتعليم الشخصي كالمعتاد و14 في المائة يعتقدون أن المدارس يمكن إعادة فتحها بعد إجراء تعديلات طفيفة، وذلك بحسب الاستطلاع الذي أجراه مركز أسوشيتد برس-نورك لأبحاث الشؤون العامة.

ومع ذلك، يضغط ترامب وإدارته على المدارس لإعادة فتح أبوابها في الخريف، مهددين بوقف التمويل الفيدرالي عن المدارس التي لا تمتثل لأن إعادة فتح المدارس يُنظر إليها على أنها خطوة حاسمة لإعادة تشغيل اقتصاد البلاد من أجل حملة إعادة انتخابه.

وبعد أن شهدوا عجز الحكومة وتزمتها في معالجة أزمة فيروس كورونا الجديد، وقع أكثر من 1200 عالم أمريكي على رسالة مفتوحة، يتهمون فيها إدارة ترامب بتشويه سمعة "الخبرة العلمية".

كما حذروا من أن "تجاهل الأدلة العلمية في صياغة السياسات قد أثر على مجالات واسعة من العلوم الاجتماعية والبيولوجية والبيئية والفيزيائية".

وكتب فرانسيس فوكوياما، عالم السياسة الشهير، في مقال حديث بعنوان "تكلفة الاضمحلال السياسي الأمريكي"، أنه "في عالم مثالي، كان من الممكن أن يكون هذا الوباء غير المسبوق مناسبة للأمريكيين لتنحية خلافاتهم جانبا والالتفاف حول العلم ... ولكن بشكل عام، أدى الوباء إلى تعميق الاستقطاب، ومن المرجح أن يزداد الأمر سوءا مع مرور الوقت".

-- لعبة إلقاء اللوم

منذ بداية الوباء، أدمنت إدارة ترامب لعبة إلقاء اللوم، مراكمة اتهامات لا أساس لها ضد الصين ومنظمة الصحة العالمية لصرف انتباه الأمريكيين بعيدا عن الفيروس.

ووصفت إدارة ترامب الفيروس بأنه "فيروس الصين"، وزعمت أنه تم تخليقه في مختبر في ووهان وألقت باللوم على الصين لإخفاء الحقيقة، على الرغم من حقيقة أن الصين أطلعت على الفور منظمة الصحة العالمية والولايات المتحدة ودول أخرى بعد أن حددت تفشي كوفيد-19.

وفي 12 يناير، أصدرت الصين التسلسل الجينومي الكامل لفيروس كورونا الجديد، والذي ثبت بأنه حاسم لتشخيص وعلاج المرض على مستوى العالم.

كما تم رفض نظرية المؤامرة التي تدعي أن فيروس كورونا الجديد تم تخليقه في معهد ووهان لعلم الفيروسات في الصين من قبل علماء كبار في جميع أنحاء العالم.

وقال توم إنغليسبي، مدير مركز الأمن الصحي في جامعة جونز هوبكنز، إن "حكمي لا يزال هو أن كوفيد-19 يتسق مع مصدر طبيعي"، وفقا لصحيفة ((واشنطن بوست)).

كما قال إيان ليبكين، مدير مركز العدوى والمناعة في جامعة كولومبيا، لصحيفة ((واشنطن بوست)) إنه لا يوجد دليل يدعم "فكرة أن هذا (الفيروس) تم إطلاقه عمدا أو عن غير قصد".

وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على أصل الفيروس بأغلبية ساحقة أن فيروس كورونا الجديد نشأ بشكل طبيعي وليس من خلال أي مؤسسة.

كما جرى استهداف منظمة الصحة العالمية، التي أنشئت لتحسين الصحة على الصعيد العالمي، من قبل إدارة ترامب.

ووسط دهشة العديد من الخبراء الأمريكيين، بدأت الإدارة في الانسحاب من منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي، متهمة إياها بالتقرب الشديد من الصين وإساءة التعامل مع وباء فيروس كورونا الجديد.

وتوجه الخطوة الأمريكية ضربة إلى التعاون العالمي الهش في مجال السيطرة على الوباء.

وقررت فرنسا وألمانيا الانسحاب من محادثات حول إصلاح المنظمة، لأنه من المفارقات أن الولايات المتحدة، بالرغم من قرارها الانسحاب من المنظمة، مازالت تحاول قيادة المفاوضات، حسبما ذكرت وكالة ((رويترز)) يوم الجمعة.

ونقل التقرير عن مسؤول أوروبي كبير قوله "لا أحد يريد الانجرار إلى عملية إصلاح والحصول على مخطط لها من دولة تركت لتوها منظمة الصحة العالمية".

وقال تيدروس أدهانوم غيبريسوس، رئيس منظمة الصحة العالمية، يوم الخميس إن وباء كوفيد-19 لا يمكن هزيمته في عالم منقسم، ويأمل في أن "تعيد الولايات المتحدة النظر في موقفها" بشأن قرار الانسحاب من المنظمة.

وذكر المدير العام للمنظمة في منتدى آسبن الأمني عبر وصلة فيديو "الآن حان الوقت للعمل معا، حان الوقت للتركيز على مكافحة الفيروس. لذلك آمل أن تعيد الولايات المتحدة النظر في موقفها".

الصور

010020070790000000000000011101451392794121