تعليق: واشنطن المهيمنة وأسلوبها في الافتراس بالبوارج الحربية الرقمية

2020-08-19 11:22:19|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 18 أغسطس 2020 (شينخوا) أعلنت واشنطن يوم الاثنين قرارها اتخاذ مزيد من الإجراءات التقييدية ضد شركة هواوي، حيث أضافت شركات تابعة لشركة التكنولوجيا الصينية العملاقة إلى القائمة السوداء الاقتصادية لوزارة التجارة الأمريكية ومنعتها من الوصول إلى الرقائق الأمريكية المتقدمة.

يمثل هذا القرار أحادي الجانب أحدث حلقة في سعي الإدارة الأمريكية الحالية المتهور إلى اتباع سياسة بوارج حربية رقمية تحت ستار ما يسمى بمخاوف الأمن القومي. كما يجري اتخاذ خطوات للقضاء على عدد كبير من شركات التكنولوجيا الصينية الأخرى، مثل شركة بايت دانس مالكة تطبيق تيك توك وشركة تينست مالكة تطبيق ويتشات، في محاولة لإبقاء الصين في حالة دائمة من الدونية التكنولوجية.

إن نهج واشنطن، الذي يأتي على غرار أسلوب العصابات، يعد بمثابة تذكير بالقوى الإمبريالية الغربية التي فتحت أبواب الصين بالقوة مستخدمة في ذلك السفن الحربية والمدافع قبل أكثر من قرن.

بيد أن مثل هذا التنمر الهمجي من قبل هؤلاء الصقور المناهضين للصين في واشنطن سوف يفشل بالتأكيد، وسيؤثر في النهاية على المصالح الحيوية لأمريكا نفسها.

فالجزء الأكثر وقاحة في الاتهامات التي وجهتها واشنطن، يكمن في أنها اتهمت شركات التكنولوجيا الصينية مرارا بأنها تشكل تهديدا للأمن القومي للولايات المتحدة، فيما لم تستطع مطلقا تحديد ماهية هذه التهديدات أو كيف أضرت الشركات بالأمن القومي الأمريكي.

في الواقع، بالنسبة للمتشددين تجاه الصين في واشنطن، فإن وجود وازدهار هواوي والشركات الصينية الأخرى، التي تحقق تقدما عالميا ملحوظا في قطاعاتها، يمثلان التهديدات الحقيقية.

فهم يرون من وجهة نظرهم أن تلك الشركات الصينية المزدهرة تضعف من ميزة أمريكا في الاستيلاء على الهيمنة التكنولوجية العالمية - وهم لا يستطيعون تحمل ذلك.

لكي نكون أكثر صراحة، لا يستطيع مؤيدو لعبة المحصلة الصفرية في البيت الأبيض وفي الكابيتول هيل ببساطة تحمل حقيقة أنه يمكن تجاوز الولايات المتحدة في مجال معين أو أكثر. إذا حدث ذلك، فسوف يتوصلون بطبيعة الحال إلى استنتاج مفاده أن الولايات المتحدة قد تم اقتلاعها، وسيستخدمون كل أداة تحت تصرفهم لسحق كل من هو في مرمى النيران، وتعد الغارة الاقتصادية الوحشية التي شنتها واشنطن على اليابان في ثمانينيات القرن الماضي مثالا نموذجيا على ذلك.

غير أن البلطجة الاقتصادية التي تمارسها واشنطن ستلحق الضرر بالولايات المتحدة نفسها في هذا العصر الذي يشهد اتساع الترابط والاعتماد المتبادلين على الصعيد العالمي.

بادئ ذي بدء، إذا تعرضت هواوي لضربة، فإن الشركات الأخرى، بما في ذلك الشركات الأمريكية، على طول سلاسل التوريد ذات الصلة ستصبح ضحايا أيضا.

فقد أشار تقرير نشرته مجموعة بوسطن الاستشارية في وقت سابق من هذا العام إلى أن "الشركات الأمريكية قد تخسر 18 نقطة مئوية من حصتها العالمية و37 في المائة من إيراداتها خلال نفس الفترة إذا ما قامت الولايات المتحدة بمنع شركات أشباه الموصلات تماما من البيع للعملاء الصينيين، وهو ما سيتسبب فعليا في الانفصال في مجال التكنولوجيا عن الصين".

ثانيا، من خلال التنمر على الشركات الصينية، تسيء الولايات المتحدة إلى مصداقية بيئة الاستثمار الخاصة بها.

وبمجرد أن يتجسد هذا المثال الخطير، فإنه يخاطر أيضا بفتح صندوق باندورا، وإطلاق العنان للإغراء الزائف لعملية نهب الأصول الأجنبية بأعذار تقوم على تخمينات. وإذا حدث هذا، فسوف يتحول سوق الاستثمار العالمي إلى ساحة معركة ينعدم فيها القانون من أجل المصالح الذاتية.

أخيرا وليس آخرا، تعمل تكتيكات البوارج الحربية الرقمية التي تتبعها واشنطن على تآكل الأسس التي تدعم المكانة الرائدة لأمريكا في العلوم والتكنولوجيا.

فالسبب الحقيقي وراء الإنجازات العلمية والتكنولوجية الهائلة لأمريكا هو أن البلاد احتضنت في وقت من الأوقات روح الانفتاح والتعاون، ورحبت بالمنافسة العادلة.

ولكن، مع ما يفعله البيت الأبيض هذه الأيام، بدءا من حظر شركات التكنولوجيا الصينية والترويج للانفصال في مجال التكنولوجيا عن الصين وصولا إلى إبعاد الطلاب الأجانب والمهاجرين، يدمر بشكل تدريجي، وربما بشكل لا رجوع فيه، ما كان في السابق يمثل حجر الزاوية في براعتها التكنولوجية.

وفي حوار بالفيديو أجري الشهر الماضي حول العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، قال نائب وزير الخارجية الصيني له يوي تشنغ إن "المنافسة بين الصين والولايات المتحدة لا ينبغي أن تكون (لعبة محصلة صفرية)، ومن الخطر على الولايات المتحدة الاستفادة مما يسمى بـ(التكاليف النسبية) لمهاجمة الصين".

إن واشنطن تحتاج إلى الإصغاء بعناية لتلك الكلمات الصادقة والجادة والتفكير مليا قبل المضي قدما في طريق خطير.

الصور

010020070790000000000000011100001393016591