مقالة خاصة: فنانون تشكيليون يحيون تراث نباتات فلسطينية اندثرت إبان "الاستعمار البريطاني" لفلسطين
رام الله 7 سبتمبر 2020 (شينخوا) نشط 33 فنانا تشكيليا فلسطينيا على إحياء تاريخ نباتات فلسطينية تعرضت للاندثار إبان "الاستعمار البريطاني" لفلسطين عبر لوحات ومجسمات فنية.
واستعرض الفنانون رسوماتهم التشكيلية ومنحوتاتهم المجسمة في معرض "الهيمنة على الحشائش" الذي استغرق عاما كاملا كي يخرج إلى النور، بتنظيم من مركز (عبد المحسن القطان) في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية.
وعمل كل فنان على رسم أو نحت نوع واحد من النباتات البرية النادرة، من ضمنها أنواع انقرضت بشكل نهائي، كانت تعيش في الأراضي الفلسطينية إبان "الاستعمار البريطاني"، على حد قول القائمين على المعرض.
ويقول يزيد عناني المسئول في مؤسسة عبد المحسن القطان، لوكالة أنباء (شينخوا) إن "الحكومة البريطانية عملت على وأد الحياة النباتية البرية في فلسطين، بدعوى أنها ضارة على الرغم من عدم صحة ذلك".
ويضيف عناني، بينما كان يشرح لعدد من الزوار أسماء بعض النباتات وتاريخها أن "بريطانيا استعملت الأراضي الزراعية الفلسطينية كحقل تجارب لاختراعاتها الكيميائية بتصنيع المبيدات القاتلة للنباتات التي لا ترغب بها".
ويشير إلى أن الهدف الأساسي من وراء ذلك "استثمار المساحات الواسعة الزراعية في فلسطين من أجل زراعة القمح الذي يشكل مصدرا اقتصاديا مهما بالنسبة لها".
ومن بين النباتات التي تم القضاء عليها، زهرة الكبار، وعصا الراعي، والهالوك، والعرار، وحنون النتش، وزينبة الفرس، وسراج الغولة، وزهرة الموتى وغيرها العشرات من النباتات الأخرى.
وينبه عناني إلى وجود مستندات ووثائق تثبت "تورط بريطانيا بإنهاء الحياة البرية في فلسطين بما يصب في المصلحة الاستعمارية الخاصة بها، حتى وإن عملت على دثر الثقافة الفلسطينية وحضارة الفلسطينيين حينذاك".
ويقول "لقد حصلنا على وثائق ومراسلات ما بين البريطانيين وبعض الفلاحين الفلسطينيين يحثونهم على القضاء على تلك النباتات وتوسيع مساحات الأراضي الزراعية لمحاصيل القمح"، موضحا بأن ذلك أضر كثيرا الحياة النباتية البرية.
وتشير دراسات إلى أن النشاط الزراعي في فلسطين يعود إلى نحو عشرة آلاف عام، حيث أن تنوع النباتات فيها يعتبر جزءا أساسيا من الحضارات المتعاقبة التي كانت تعتمد على العديد من النباتات والمحاصيل، وتهجين عدة أنواع مختلفة.
وبحسب تلك الدراسات، تمكن السكان الفلسطينيون من الاحتفاظ بحضارتهم النباتية من خلال نقوش أثرية تم حفرها على جدران وأرضيات الكنائس والمساجد والمنازل ، بالإضافة إلى بعض القصور الأثرية.
وكانت بريطانيا احتلت فلسطين في عام 1920 عقب انتصارها على الخلافة العثمانية، فيما منحت فلسطين كأرض لإقامة الدولة الإسرائيلية عام 1948.
وتقول الفنانة التشكيلية علا زيتون، وهي إحدى المشاركات في المعرض، لـ (شينخوا)، إن النباتات تعتبر جزءا أساسيا من التراث والفلكلور الفلسطيني، خاصة أنها كانت وما زالت تستخدم كعلاج بديل عن الطبي.
وتوضح زيتون أن "كل نبتة كان لها قيمة فلسطينية لدى السكان، لذلك تعمد الاستعمار البريطاني إلى محاولة إخفاء تلك النباتات من ذاكرة الفلسطينيين وبالإضافة إلى إخفاء أهمية استخدامها لإخفائها من الثقافة اليومية".
وتعرب زيتون، عن فخرها للمشاركة في المعرض "كونه يعيد الحياة لتلك النباتات باستحضار تاريخها، ولأنه يؤكد على أن الاحتلال لا يقرر علاقتنا مع النباتات وإنما نحن من يحدد تلك العلاقة".
ونال المعرض إعجاب زواره المقدر عددهم بالعشرات، بسبب حفاظهم على التباعد الاجتماعي بينهم كإجراء احترازي متبع داخل لمنع الإصابة بمرض فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
ومن المقرر أن يستمر المعرض حتى الأول من ديسمبر القادم، لإتاحة المجال لأكبر عدد من الزوار من التعرف على تاريخ النباتات الفلسطينية.
وتنقل مؤمن بدارنة من سكان الضفة الغربية على مدار ساعة كاملة، ما بين العشرات من اللوحات الفنية والمجسمات التشكيلية التي تحاكي نباتات فلسطينية نادرة الوجود.
ويقول بدارنة لـ (شينخوا)، بينما كان يلتقط صورا لعدد من اللوحات الفنية المتواجدة في المعرض "تمكن الفنانون من إعادتنا إلى حضارتنا السابقة، وكذلك إلى التاريخ الفلسطيني وتعامل السكان في ذلك الوقت مع النباتات".
ويضيف "نحن نتعامل حتى يومنا هذا مع العديد من النباتات البرية كعلاج شعبي، يمكن التداوي به من العديد من الأمراض أو بعض الجروح"، مشيرا إلى أنه "كان يظن بأنها خرافات لكن المعرض أكد له صحة الأمر.
ودعا بدارنة إلى إقامة المزيد من هذه المعارض التي من شأنها الحفاظ على "التراث الفلسطيني المندثر بسبب تعاقب حكومات الاحتلال في فلسطين".