تحقيق إخباري : مبادرات مجتمعية تخفف من وطأة العبء المادي على الأهالي مع بدء العام الدراسي في جنوب سوريا

السويداء ـ سوريا 23 سبتمبر 2020 ( شينخوا) يحار المواطن السوري هذه الأيام الصعبة كيف يؤمن متطلبات أولاده من مستلزمات مدرسية مع بداية العام الدراسي الجديد ، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني لمعظم المستلزمات، وضعف القوة الشرائية لغالبية الأسر السورية .

وتأتي هذه المبادرات التي انطلقت مع بداية العام الدراسي ولا تزال مستمرة في محافظة السويداء ( جنوب سوريا ) لتخفف من وطأة العبء المادي الذي أرهق كاهل الأسر السورية ، وخاصة من لديه أكثر من ولدين في المدرسة ، ولتساهم في تشجيع الطلبة على متابعة الدراسة ، وتأمين المستلزمات الأساسية للطالب من حقيبة وقرطاسية ولباس .

ولم تقتصر المبادرات المجتمعية الإنسانية على الجمعيات الخيرية فقط وانما امتدت لتشمل الأفراد وكل من يساهم حسب جهده بغية رسم بسمة على وجه طفل يحلم بحقيبة جديدة ودفتر عليه رسومات والوان مفرحة ، ولباس مدرسي جديد ، وبعض المعقمات لمنع انتشار مرض " كوفيد ـ 19 " ، في حين تعمل وزارة التربية السورية على تسهيل مهمة عمل القائمين على هذه المبادرات الإنسانية، ويتم التنسيق فيما بينهم لمعرفة الطلبة الأكثر حاجة ليتم تقديم الدعم اللازم لهم .

والمبادرات المجتمعية والإنسانية موجودة قبل نشوب الأزمة ، ولكن مع استمرار الحرب في سوريا لأكثر من تسع سنوات ، وما أفرزته تلك الحرب من أثار سلبية على حياة السوريين نشطت تلك المبادرات ، واتسعت رقعتها لتشمل كل المحافظات السورية ، والهدف الرئيسي لها مساعدة الأسر على الاستمرار في الحياة.

وتقوم وزارة التربية السورية ، كجانب حكومي ، بشكل دائم ،وقبل بدء الأزمة ، بتقديم الكتاب المدرسي للطلاب بشكل مجاني ، وعلى الأهل تقع مسؤولية تأمين باقي مستلزمات المدرسة ، ففي هذه الظروف الصعبة التي فرضتها سنوات الحرب على الأسر السورية بات من الصعب على الأهل تأمين كل ما يلزم لأبنائهم من احتياجات تخص المدرسة ، ومن هنا بدأ المجتمع المدني والأفراد بمساعدة تلك الأسر لتعزيز مبدأ التكافل الاجتماعي .

وقال الأب نقولا المسؤول عن مبادرة تقديم الحقائب المدرسية للطلبة السوريين في عدد من المدارس داخل مدينة السويداء لوكالة أنباء ( شينخوا) " نظرا للظروف الصعبة التي تعيشها البلاد ، كان لابد من تضافر الجهود وتقديم مساعدة بسيطة لعدد من الأسر الذين لديهم أولاد في المدارس وليس لديهم قدرة على تأمين مستلزمات المدرسة من قرطاسية وحقائب ، ومعمقات كحولية لمواجهة مرض فيروس كورونا الجديد " ، مشيرا إلى أن المساعدة تشمل كل الشرائح الاجتماعية دون تمييز .

وأضاف الأب نقولا " استطعنا هذا العام تقديم حقائب لعدد كبير من الطلبة ، تحتوي على عدد من الدفاتر والأقلام ومستلزمات أخرى تكفيه لنهاية العام " ، مبينا أن هذه المبادرة تهدف إلى تشجيع الطلبة على الاستمرار في التعلم ، وعدم تسربهم من المدارس ، بالإضافة لرسم بسمة على وجه طفل يحلم بحقيبة جديدة .

وبين الأب نقولا أن الوضع الاقتصادي لغالبية الأسر صعب هذه الأيام ، مشيرا إلى أن بعض الأسر تعجز عن شراء ما يلزم للطالب خلال العام الدراسي الحالي ، لافتا إلى أن المبادرة ستشمل أيضا تقديم البسة شتوية ( جاكيتات ) مع بداية فصل الشتاء للطلبة .

وعبر الطفل يزن 9 سنوات عن فرحته بحصوله على حقيبة تحتوي على كل ما يحتاجه خلال العام الدراسي ، وقال " شعرت بفرح شديد عندما حصلت على هذه الحقيبة الجديدة ، وخاصة الأقلام والدفاتر " .

ولم تخف يارا ( 10 سنوات) فرحتها لحظة حصولها على حقيبة جديدة ، وراحت تتفقد محتوياتها بعناية فائقة ، وبعد ذلك حملت حقيبتها على ظهرها وانطلقت إلى باحة المدرسة لتعلب مع رفيقاتها بالمدرسة .

وقالت يارا " أسرتي مؤلفة من أربعة أولاد ، ووالدي عامل يومي " ، مبينة أن والدها لم يتمكن من شراء حقائب لأخوتها بسبب غلاء سعرها ، وطلب منهم أن يستخدموا الحقائب القديمة .

ومن جانبه رأى الشاب سامر نفاع وهو شاب مغترب في الخارج ، أن مساعدة الناس في هذه الظروف الصعبة واجب ، ويعزز نظرية التكافل الاجتماعي بين شرائح المجتمع .

وقال نفاع ، الذي قام بتقديم مبالغ عينية لعدد من الأسر في أحد مدارس ريف السويداء الجنوبي إن " الطلبة يجب أن يتعلموا لأنهم أمل المستقبل " ، مؤكدا أن الأهل قاموا بشراء مستلزمات المدرسة لأبنائهم من دفاتر وحقائب وأقلام .

وتابع يقول إن " المبادرة تتضمن أيضا تأمين وسائل نقل لعدد من طلاب المرحلة الثانوية الذين يدرسون خارج القرية ، حتى نهاية العام الدراسي .

وأشاد أبو حسن والد أحد الطلاب الذين حصلوا على مساعدة مالية ، بالمبادرات الإنسانية التي تقدم من قبل أشخاص يحبون عمل الخير ، مبينا أن مثل هكذا مبادرات تساعد الطلبة في إكمال مشوار التعليم عندما يعجز الأهل عن تقديم ما يلزم لهذا الطالب .