تقرير إخباري: خبراء وأكاديميون عرب: انتعاش السياحة خلال الأسبوع الذهبي في الصين...تجربة تستحق الدراسة
بكين 14 أكتوبر 2020 (شينخوا) لاحظ الجميع خلال عطلة العيد الوطني الصيني كيف استأنفت الصين الحياة المفعمة بالحيوية وحركة الناس بعد الجائحة التي اجتاحت العالم منذ عدة أشهر، وتجسدت هذه الحيوية في تنقل الصينيين في أنحاء البلاد للقيام بزيارات وسفرات سياحية.
تعتبر العطلة العامة السنوية من الناحية التقليدية وقتا رئيسيا للترفيه والسفر والإنفاق. ووفقا للإحصاءات الصادرة عن وزارة الثقافة والسياحة الصينية، فقد استقبلت مناطق الجذب السياحي في جميع أرجاء البلاد إجمالي 637 مليون زيارة، وهو ما يمثل 79 في المائة من عدد الزيارات في العام الماضي، فيما بلغت إيرادات السياحة 466.56 مليار يوان (69 مليار دولار أمريكي)، وهو ما يمثل 69.9 في المائة من الإيرادات المحققة في العام الماضي.
حقا، انتعشت صناعة السياحة الصينية بوتيرة سريعة، لتبرهن على نجاح الصين في مكافحة تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19). وفي هذا الصدد، عبر خبراء وأكاديميون عرب عن آرائهم حول ازدهار عطلة العيد الوطني الصيني.
فقد أشار الدكتور ناصر عبد العال، أستاذ اللغة الصينية بجامعة عين شمس والمستشار السياحي الأسبق لمصر لدى بكين، إلى أهمية "الأسبوع الذهبي" الذي احتفل فيه الصينيون هذا العام بالعيد الوطني وعيد منتصف الخريف، قائلا إنه في ظل التعطش الشديد للسياحة والسفر جراء أزمة فيروس كورونا الجديد التي يمر بها العالم، تمثل السياحة الداخلية عاملا مهما للغاية خاصة في الصين، لأن عدد السياح فيها ضخم، وفي نفس الوقت يدر دخلا ماليا كبيرا للدولة.
وأضاف عبد العال أن الصين لديها عوامل كثيرة تنعش السياحة الداخلية مثل كثرة عدد السياح وسهولة الانتقال عبر المطارات والقطارات السريعة، وكل هذا بالتأكيد يؤدي إلى انتعاش الاقتصاد الصيني، ويساعد على التنمية، ويؤكد نجاح الصين في مواجهة فيروس كورونا الجديد.
وفي الوقت نفسه، أشار الدكتور ناصر بوشيبة رئيس جمعية التعاون الإفريقي الصيني المغربية للتنمية إلى أن نجاح الصين في احتواء المرض راجع بالأساس إلى تعبئة شاملة للحكومة الصينية والتزام المواطنين الصينيين بمختلف التوصيات الوقائية.
وتابع بوشيبة قائلا "لقد رأينا كيف قامت الصين بتوفير أدوات الوقاية من الفيروس وعلى رأسها الكمامات الطبية عالية الجودة لجميع المواطنين. كما قامت باستخدام التطبيقات الذكية من أجل محاصرة الوباء وتتبعه أينما كان".
"أما المواطنون فقد قاموا بتنظيم أنفسهم في مجموعات تطوعية على مستوى الأحياء وساهموا في حل مشكلة التموين أثناء فترة الحجر الصحي الشامل. وكانت هناك إجراءات أخرى على مستوى المستشفيات والمراكز الصحية المؤقتة"، هكذا ذكر بوشيبة، مضيفا "ولكن في نظري سر نجاح الصين هو الانسجام الكبير بين الحكومة والمواطنين ودرجة الثقة العالية في مسيري الشأن العام".
ورأى ناصر عبد العال أن "الحكومة الصينية اتخذت إجراءات فعالة وقوية للسيطرة على الجائحة، وهو ما ضمن سلامة مواطنيها أثناء رحلاتهم السياحية الداخلية، وعزز ثقتهم في الوضع الداخلي"، لافتا إلى أن "عطلة الأسبوع الذهبي تعطي ثقة للصين في إنعاش اقتصادها وإجراءاتها المتعلقة بالصحة العامة".
وفي حديثه حول الانتعاش الاقتصادي السياحي في الصين، لفت الكاتب الأردني المتخصص بشؤون الصين والعلاقات الصينية العربية سامر خير أحمد إلى أنه إذا تمكنت الدول العربية من اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من خطر المرض، فضلا عن محاصرته وتخفيض احتمالات انتشاره، كما فعلت الصين، فإنها ستكون قادرة على استئناف نشاطاتها الاقتصادية والسياحية، إذ يعد تمكن دولة ما من فتح مرافقها السياحية وإعادة النشاط لها، قمة الانتصار على خطر هذا المرض العالمي.
وبالنسبة لتوقعاتهم حول التعاون الصيني - العربي في مجال السياحة في فترة ما بعد الجائحة، طرح الخبراء العرب آراءهم الموضوعية.
فقد أوضح ناصر عبد العال أن "الدول العربية والصين تتمتع بموارد سياحية وفيرة، وهناك آفاق كبيرة للتعاون بين الجانبين في مجال السياحة بعد الجائحة، ولابد أن تقوم الدول العربية بدراسة التجربة الصينية في السياحة الداخلية والاستفادة منها، فالدول العربية تستفيد حاليا من التجربة الصينية في إعداد البنية التحتية المؤهلة للسياحة الداخلية، وأن تكون مغرية بنفس إغراءات السياحة الخارجية، وهذه ما نجحت فيه الصين".
وأشار عبد العال إلى ضرورة استفادة الدول العربية من تجربة الصين في إعداد الخطط السياحية للمستقبل، والاهتمام بالترويج عبر شبكة الإنترنت والوسائل غير التقليدية، واتباع سياسات جديدة في التسويق، قائلا إن هذه أمور تنفذها الصين وعلى الدول العربية أن تتعاون معها فيها.
وفي الختام، ذكر بوشيبة أن العالم شاهد بأسره في عطلة العيد الوطني الصيني كيف تدفق السياح الصينيين لزيارة سور الصين العظيم في بكين وجيش التيراكوتا في شيآن ومواقع المناظر الطبيعية الخلابة في قويلين، مضيفا بقوله "لقد كانت هذه إشارة إيجابية لجميع دول العالم بأنه إذا وفرنا الظروف المواتية لمحاصرة الجائحة، فستعود الحياة إلى طبيعتها وينتعش الاقتصاد السياحي العالمي مرة أخرى".