مقالة خاصة : "شارع الطباعين" وسط بغداد يستعيد نشاطه بعد تخفيف قيود كورونا

2020-11-12 00:07:29|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بغداد 11 نوفمبر 2020 (شينخوا) على وقع تخفيف الإجراءات الصحية والقيود المفروضة من قبل السلطات العراقية للحد من تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) في البلاد، بدأت الحياة تدب في "شارع الطباعين" وسط بغداد وعادت آلات الطباعة للدوران من جديد بعد أشهر من التوقف.

ويضم شارع الطباعين بين جنباته عشرات المطابع ودور النشر ومحلات بيع المواد الطباعية من أحبار وورق ومواد ضرورية لعمل المطابع.

وكحال المهن والأعمال الأخرى، شهدت مهنة الطباعة حالة من الركود بعد تفشي مرض (كوفيد-19)، وما رافقه من إجراءات صحية شملت فرض حظر التجوال ومنع التجمعات وتقييد الحركة إلا في حالات الضرورة.

وقال العراقي محمد نعيم هاشم، وهو مشرف على عمليات الطباعة في إحدى المطابع، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه بعد ستة أشهر من توقف العمل في المطبعة بسبب جائحة كورونا بدأت الآلات تعمل من جديد، وبدأ عمال المطابع يمارسون نشاطهم في طباعة ما تحتاجه السوق المحلية من كتب ومطبوعات.

لكن مع ذلك لم يعد عمل المطابع إلى سابق عهده، بحسب هاشم.

وعزا ذلك إلى تأثير مرض (كوفيد-19) على الواقع الاقتصادي والمعاشي في عموم البلاد، وتأثير المنتجات الطباعية المستوردة من الدول المجاورة، وخصوصا تركيا وايران على سوق العمل الطباعي في العراق.

وأوضح هاشم أن 36 مطبعة من مجموع نحو 150 مطبعة في شارع الطباعين والمنطقة المحيطة به عادت إلى العمل في الوقت الحالي، وتعمل هذه المطابع بنصف عدد العمال، الذين كانوا يعملون فيها قبل جائحة كورونا، وبأجر شهري أقل.

وكانت السلطات العراقية قد فرضت إجراءات وقيود عديدة لمواجهة تفشي مرض (كوفيد-19) في البلاد، شملت حظر التجوال ومنع التنقل بين المحافظات، وإغلاق المولات والمطاعم والمقاهي والمطارات والمنافذ الحدودية البرية، ووقف الأنشطة الرياضية والشبابية، لكنها خففت هذه القيود بشكل تدريجي خلال الأشهر الماضية.

وسجل العراق حتى أمس الثلاثاء 505310 حالات إصابة بكورونا و11432 حالة وفاة، فيما بلغ إجمالي حالات الشفاء 434665 حالة، بحسب وزارة الصحة.

وأثر تفشي مرض (كوفيد-19) على أصحاب ومالكي المطابع اقتصاديا وصحيا، إذ استهلكت فترة الإغلاق الطويلة معظم مدخراتهم لتطوير العمل بعد استخدام هذه الأموال لحماية أنفسهم والعاملين معهم وتوفير مستلزمات الوقاية لعائلاتهم، بحسب العراقي ثائر العصامي، وهو صاحب مؤسسة للطباعة والنشر.

وقال العصامي لـ ((شينخوا)) إن مهنة الطباعة تمر حاليا بمرحلة التعافي التدريجي بعد ما أصابها من خسائر خلال فترة الإغلاق، ويحاول أصحاب دور الطباعة تعويض بعض خسائرهم.

لكنه يشير إلى أن توفير مستلزمات الوقاية من مرض (كوفيد-19) لجميع العاملين، وتطبيق شروط الوقاية خلال ساعات العمل، أمور تثقل كاهل أصحاب المطابع الذين يشترون هذه المواد على حسابهم الخاص.

ودفعت فترة الإغلاق والخسائر أصحاب المطابع إلى تخفيض عدد العمال والأجور.

ويعتبر العاملون في مجال الطباعة هم الفئة الأكثر تضررا من عملية الإغلاق، التي استمرت لستة أشهر، بحسب العراقي عاصم حسين، وهو عامل مطبعة.

وقال حسين، الذي يبلغ من العمر (32 عاما) إن ستة من زملائه فقدوا عملهم في المطبعة، التي عملوا فيها لسنوات بعد أن قام صاحب المطبعة بتخفيض عدد العمال نتيجة الضائقة المالية، التي خلفتها أزمة تفشي مرض (كوفيد-19) في البلاد.

وأضاف أن الأمر لم يتوقف عند الاستغناء عن بعض العمال بل أن أجور العمل تأثرت بالأزمة، موضحا أن العامل الذي كان يحصل على حوالي 800 ألف دينار شهريا بات يحصل على ما بين 500 - 600 ألف دينار (الدولار الأمريكي يعادل نحو 1200 دينار)، فضلا عن إغلاق عشرات المطابع أبوابها وتسريح العاملين فيها.

وتعد مهنة الطباعة وشارعها، الذي يملأه ضجيج آلات الطباعة من المهن القديمة في العراق، التي عايشت مختلف التقلبات السياسية والاقتصادية في البلاد.

ويتفرع شارع الطباعين الحيوي من شارع المتنبي التراثي وسط العاصمة العراقية، الذي يمثل رئة الثقافة العراقية، بما يضمه من مكتبات ومقاه تراثية ومجالس أدبية وثقافية.

وقال العراقي دحام علي، وهو كتاب وأستاذ جامعي متخصص في مجال التاريخ لـ (شينخوا) إن شارع المطابع، الذي يطلق عليه محليا "شارع الطباعين" يعد من الشوارع الثقافية المهمة في بغداد، وهو ملتقى للكتاب والمؤلفين وأصحاب مهنة الطباعة من مختلف مناطق البلاد.

وتابع أن الشارع مر خلال تاريخه الطويل بعدة مراحل عايش فيها رواده كل التقلبات بالعراق من حروب وأزمات وحصار اقتصادي واحتلال أمريكي وصولا إلى جائحة كورونا.

وأضاف أن جائحة كورونا ألقت بظلالها على شارع الطباعين، إذ أن فترة الإغلاق الطويلة قد تسببت بخسائر كبيرة لقطاع الطباعة وفقد مئات العاملين فيه فرص عملهم، وأغلقت العديد من المطابع أبوابها.

لكنه يرى أن عودة الحياة إلى هذا الشارع المهم، أمر إيجابي يسهم في التخفيف من الآثار الاقتصادية الكبيرة، التي تركتها الجائحة على العاملين فيه.

وأشار علي، إلى أن الطباعة تعد من المهن القديمة في العراق، مبينا أن أول مطبعة آلية ميكانيكية دخلت إلى بغداد كانت في عهد الوالي العثماني مدحت باشا في عام 1869، وأطلق عليها اسم "مطبعة الزوراء" نسبة إلى أحد أسماء العاصمة بغداد.

الصور

010020070790000000000000011101451395095051