تحقيق إخباري: فنان سوري يطوع الحجر البازلتي الأسود بأعمال فنية داخل المنازل
السويداء ـ سوريا 25 يناير 2021 (شينخوا) يصر الفنان السوري قصي الصالح على أن الحجر الأسود البازلتي الأسود الصلب، ثروة طبيعية مهمة موجودة بكثرة في محافظة السويداء (جنوب سوريا)، ويمكن الاستفادة منه في بناء المنازل، وصنع الزخارف الفنية الداخلية، في خطوة منه لإحياء تراث الأجداد الذين بنوا بيوتهم من هذا الحجر قبل الاف السنين.
والفنان الشاب والذي يبلغ من العمر (44 عاما) وهو مدرس لمادة الفنون الجميلة في إحدى مدارس ريف السويداء الجنوبي يعرف جل المعرفة أن التعامل مع هذا النوع من الحجر البازلتي الصلب صعب للغاية، ولكن رغم صعوبته، فهو استطاع أن يطوعه عبر أدواته البسيطة ليخرج منه أعمالا فنية جميلة ملفتة للانتباه.
وتشتهر محافظة السويداء بجغرافيتها الصخرية حيث تنتشر الصخور الكبيرة في الكثير من المناطق، ما جعل الأهالي منذ قديم الزمان يعتمدون عليها في بناء منازلهم والتي مايزال بعضها قائماً حتى الآن رغم التطور العمراني الذي شهدته المحافظة.
والمنحوتات التي تعود لآلاف السنين والآثار التي تنتشر في المحافظة تشهد على قدم هذا الحجر البازلتي وعراقته وأصالته وقدرته على مقاومة عوامل الطبيعة، ليصبح هذا الحجر البازلتي هو الهوية الخاصة بالسويداء.
وفي السنوات العشر الأخيرة، عادت إلى الواجهة بناء البيوت المبنية من الحجر البازلتي بطرق فنية، تدخلت فيه مناشر الحجر التي تقصه بقياسات متساوية وباشكال فنية رائعة.
وتعود قصة الفنان قصي الصالح مع الحجر البازلتي عندما قرر أن يبني بيته من الحجر البازلتي دون مساعدة أحد، وراح يفكر بكيفية تأمين الحجر المناسب ونحت الحجر ليصبح املس وذو حواف قائمة، ليبدأ البناء وسط مشاعر ممزوجة بالفرح تارة والخوف تارة أخرى، ولكن في النهاية تمكن من بناء منزله ليصبح معلما في قريته التي يقطن بها بريف السويداء الجنوبي.
وقال الفنان الصالح لوكالة أنباء (شينخوا) إن "علاقتي مع الحجر البازلتي بدأت عندما قررت أن ابني منزلا من الحجر البازلتي الموجود بكثرة في منطقتي، فبدأت العمل بأدوات بسيطة تستخدم لتنظيف الحجر وصقله وتحديد زوايا له وهكذا"، مضيفا أن "الفكرة في البداية كانت في منتهى الصعوبة، لانها كانت المرة الأولى التي اتعامل بها مع الحجر الصلب".
واعتبر الفنان الصالح أن العمل بالحجر البازلتي كانت "خطوة جريئة ومحفوفة بالمخاطر"، مشيرا إلى أنه لم يكن يضع الفشل نصب عينيه وانما كان مصرا على انجاز العمل بشكل جميل، مؤكدا أن فرحته كانت كبيرة عندما رأى منزله قد انجز.
وقال الشاب الصالح إن "الانسان هو ابن بيئته، وبالتالي فالفنان ينطبق عليه نفس الشيء، فالحجر صعب ولكن بنفس الوقت يستطيع الفنان ان يطوعه كما يريد، عبر نقرات خفيفة على تلك الكتلة الصماء، لتحمل في النهاية روح الفنان ورأيته الفنية الجميلة".
وتابع يقول "بعد الانتهاء من بناء المنزل، فكرت باستخدام الحجر البازلتي في الديكورات الداخلية عبر تقنية النحت الجميلة، بأدوات ميكانيكية وكهربائية لصنع زخارف رومانية جميلة"، مشيرا إلى أن هذه الأعمال لاقت استحسانا لدى الناس.
وأشار إلى أن الحجر البازلتي يتمتع بخصائص فنية وتقنية جيدة تجعله مرغوبا محليا وعربيا في دول مجاورة لسوريا، مؤكدا أن البازلت هبة الله لهذه المحافظة.
وبين الصالح أن العمل مع الحجر البازلتي يحتاج إلى الصبر، لانه حسب رأيه، هو أساس النجاح، لكنه يحتاج في نفس الوقت إلى الحنية في التعامل معه رغم قساوته.
من جانبه، قال أبو حسن (53 عاما) إن "الشاب قصي فنان مبدع، ويمتلك رؤية جمالية ، ويختار زخارف مناسبة لأي مكان يعمل به، بما يتناسب مع المساحة الموجودة"، مشيرا إلى أن منزله بات متحفا لكثرة التحف البازلتية التي صنعها الفنان قصي.
وأشار إلى أن منزله البازلتي الذي بناه دفع الكثير من الناس لبناء منزل حجري، أو بتطعيم منزله بقطع من البازلت لتضفي نكهة تراثية خاصة.







