تعليق ((شينخوا)): الحذر من كافة أشكال التعددية الزائفة

2021-01-26 13:21:09|arabic.news.cn
Video PlayerClose

بكين 25 يناير 2021 (شينخوا) قبل أربع سنوات، عندما اجتمع قادة العالم وعمالقة الأعمال في المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) في منتجع التزلج السويسري في دافوس، كان العالم يواجه خيارا مصيريا بين التمسك بطريق تعددية الأطراف أو إفساح المجال للأحادية التي تدعمها عقيدة واشنطن لـ"أمريكا أولا".

وبعد أربع سنوات، فإن المجتمع الدولي الذي يواجه تحديا عميقا بسبب تفشي الوباء، والركود الاقتصادي الكئيب، إضافة إلى أسطول من المشاكل العالمية المربكة الأخرى، يواجه اختبارا حاسما جديدا لمقاومة جميع أشكال التعددية الزائفة، ودعم التعددية الحقيقية.

وبينما كان اللقاء العالمي للمنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2017 قد أعطى دعما مؤكدا للتعددية، فإن منتدى هذا العام، وهو حدث افتراضي يُفتتح يوم الإثنين، يوفر مجالا مناسبا للمجتمع العالمي لحشد إجماع عالمي أكبر لاتخاذ القرار الصحيح مرة أخرى.

إن تعددية الأطراف الحديثة يمكن أن يعود تاريخها إلى العصر الذي تم فيه التفاوض على سلام ويستفاليا وتحقيقه. لقد وُلدت لتقليل نفوذ الأقوياء على الضعفاء ولتقليل الصراعات. وفي القرون التالية، شهدت التعددية تطورا مستمرا لتلبية احتياجات مختلف الأوقات.

على سبيل المثال، لقد تأسست الأمم المتحدة باعتبارها إحدى ركائز النظام العالمي لما بعد الحرب، من أجل دعم السلام العالمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية. ثم تشكلت مجموعة بريكس التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا عندما كان النمو الاقتصادي العالمي المستدام يحتاج إلى مدخلات أقوى وأكثر تنسيقا من الاقتصادات الناشئة الرئيسية في العالم.

مع ذلك، فإن الشكل الحقيقي للتعددية يتطلب أكثر بكثير من مجرد عدد من الدول التي تعمل معا لتحقيق غرض يخدم مصالحها. والتاريخ مليء بالدروس المؤلمة لبعض القوى الكبرى التي أساءت استخدام التعددية كأداة لطموحات الهيمنة. وحرب العراق عام 2003 هي المثال الواضح.

وفي هذا المفترق المليء بالتحديات في تاريخ البشرية، يتحتم على المجتمع العالمي أن يفضح ويستنكر جميع أنواع التلاعب بالتعددية، وأن يتمسك بالمسار الصحيح.

أولا، هناك سياسة المجموعة المغلقة التي غالبا ما تلجأ إلى تمويه التعددية. ومن خلال التجمع معا، شكلت بعض القوى العالمية الثرية أندية حصرية، تسعى إلى فرض الإملاءات على الأجندة العالمية فيما يتعلق بالقضايا العالمية الرئيسية، من أجل وضع مصالحها فوق المصالح المشتركة للعالم الأوسع.

وهناك نمط ثانٍ من التعددية الزائفة يتجلى في محاولات حفنة من الدول لاحتكار حقوق وضع قواعد للعالم، وفرض إرادتها على عموم المجتمع الدولي.

إن ذلك العصر الذي يمكن أن تهيمن فيه قوة عظمى واحدة أو عدة قوى كبرى على العالم، قد ولّى، ولن يعود أبدا. ومن أجل تحقيق نظام عالمي أكثر إنصافا، ينبغي إدارة الشؤون العالمية بشكل جماعي، ويتعين كتابة قواعد العالم بشكل مشترك من قبل جميع البلدان، كبيرة كانت أم صغيرة، غنية أم فقيرة.

وهناك ضرورة أيضا للتحذير من الخطوة الخطيرة المتمثلة في إضفاء الطابع الأيديولوجي على التعددية لتشكيل تحالفات قائمة على القيمة تستهدف دولا معينة. هذه الإجراءات المثيرة للخلاف لن تسهم إلا بتقويض الثقة بين الدول، وتقوي التخندق الأيديولوجي الذي سيؤدي إلى مواجهة أكبر.

لعدة قرون، من انتهاء الحربين العالميتين إلى انتهاء الأزمة المالية العالمية لعام 2008، أثبتت تعددية الأطراف، حتى في مرحلتها الوليدة، أنها وسيلة فعالة لمعالجة الافتقار إلى الحوكمة العالمية في حالة الفوضى السائدة في العالم، وحماية السلام العالمي وتعزيز الرخاء العالمي.

إن عالم اليوم يشهد تغيرات غير مسبوقة منذ قرن من الزمان، والمجتمع البشري يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تعددية الأطراف للتغلب على مسبب هذا الوباء الفتاك الحالي، وكبح ارتفاع مستويات أسطح البحار، وتعزيز الأمن الجماعي، ودعم التنمية المشتركة. ولا يمكن لأي من هذه المهام أن يتحقق بعمل منفرد.

طبعا، لا ينبغي لأحد أن يتوقع أن الآليات المتعددة الأطراف المطلوبة في عالم اليوم ستبقى كما هي عليه منذ تأسيس الأمم المتحدة. مع ذلك، فإن الأهداف والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة والمعايير الأساسية الأخرى التي تحكم العلاقات الدولية، ومنها الاحترام المتبادل للسيادة والمساواة بين جميع الدول، ينبغي أن تتواصل.

إن سعي واشنطن المتهور للأحادية على مدى السنوات الأربع الماضية، قد أظهر أن التعددية، على الرغم من كونها موجة لمستقبل البشرية، ليست شيئا يمكن للمجتمع الدولي أن يأخذه كأمر مُسلّم به.

أما الإدارة الأمريكية الجديدة فقد قدمت مبادرات مُرحب بها، مثل الموافقة على العودة إلى اتفاق باريس للمناخ، ولمنظمة الصحة العالمية. ولكن، من أجل أن تنجح تعددية الأطراف الحقيقية في المستقبل، ينبغي للمجتمع الدولي أن يظل حذرا دوما من جميع الأنواع المزيفة.

خلاصة القول، إن خطر اختطاف قوة واحدة أو بضع قوى، للتعددية من أجل مصالحها الذاتية، هو أمر مدمر بحد ذاته، إن لم يكن أكثر، من ممارسة الأحادية الفظة.

الصور

010020070790000000000000011101451396984341