مقالة خاصة: التعاون بين الصين ودول وسط وشرق أوروبا يصبح نموذجا يحتذى به في إطار مبادرة الحزام والطريق
زغرب 11 فبراير 2021 (شينخوا) بعد تسع سنوات، أحرز التعاون بين الصين ودول وسط وشرق أوروبا تقدما في شتى المجالات، حيث اتسعت التجارة بين الجانبين بواقع 85 في المائة تقريبا وتزايد عدد الزيارات السياحية المتبادلة بواقع خمسة أضعاف تقريبا.
كما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة الصين ودول وسط وشرق أوروبا التي عقدت عبر رابط فيديو يوم الثلاثاء، فإن التعاون بين الصين ودول وسط وشرق أوروبا "يخدم الهدف المتمثل في دعم التنمية وتحسين حياة الشعب لدى كل منا".
-- مشروعات مثمرة
في إطار مبادرة الحزام والطريق، أحرزت الصين ودول وسط وشرق أوروبا تقدما مثيرا للإعجاب في عدد من مشروعات التعاون.
وخير مثال على ذلك محطة كابوسفار للطاقة الكهروضوئية في المجر، التي تقوم ببنائها الشركة الوطنية الصينية لاستيراد وتصدير الآلات. فسوف تكون المحطة، بمجرد اكتمالها، أكبر محطة للطاقة الشمسية في البلاد ومن المتوقع أن تنتج 130 مليون كيلووات في الساعة من الكهرباء وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 120 ألف طن سنويا.
وفي البوسنة والهرسك، أنتجت محطة ستاناري للطاقة الحرارية التي قامت بتشييدها شركة دونغفانغ الصينية للكهرباء أكثر من 7 مليارات كيلووات/ساعة منذ بدء تشغيلها في عام 2016، ما جعل البلاد مُصدِّرا في الأسواق الأوروبية.
وقال ألكسندر ميليتش، المدير الفني لمحطة الكهرباء، إن المحطة وفرت بشكل مباشر مئات الوظائف، مضيفا أن تشغيل المحطة في شمال البوسنة والهرسك يفي أو حتى يتجاوز معايير الاتحاد الأوروبي، بفضل التكنولوجيا المُوَفِّرة للطاقة والمقللة للانبعاثات التي طورتها شركة دونغفانغ الصينية للكهرباء بشكل مستقل.
وفي جنوب كرواتيا، يعمل اتحاد شركات (كونسورتيوم) صيني على جسر بيليساك الذي يبلغ طوله 2.4 كيلومتر وسيربط الطرف الجنوبي من البر الرئيسي الكرواتي بشبه جزيرة بيليساك، ما يمنح كرواتيا ربطا طال انتظاره بين المناطق ويسرا في حركة المرور.
وفي اليونان، جعلت الاستثمارات التي ضختها شركة (كوسكو) الصينية للشحن البحري في ميناء بيرايوس على مدار العقد الماضي منه الميناء الأول في البحر الأبيض المتوسط حيث تم التعامل مع 5.65 مليون وحدة تعادل عشرين قدما في الميناء في عام 2019.
وأدت خصخصة هيئة ميناء بيرايوس إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي لليونان بنحو مليار يورو (1.21 مليار دولار أمريكي) سنويا في المتوسط في الفترة من 2011 إلى 2019، ما ساعد على انتشال البلاد من أزمة ديونها.
وفي غضون عقد تقريبا، من المتوقع أن تساهم هيئة ميناء بيرايوس بأكثر من 375 مليون يورو (454 مليون دولار) في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وتوفر أكثر من 5500 فرصة عمل، وفقا لما ذكرته مؤسسة الأبحاث الاقتصادية والصناعية، وهي مركز بحثي مقره أثينا.
وفي أنحاء صربيا، خلقت الاستثمارات الصينية آلاف الوظائف في قطاعات مثل قطع غيار السيارات والتعدين والصلب والأثاث وغيرها، حسبما ذكرت وكالة التنمية الصربية.
ومن بينها، يأتي إحياء مصنع (Smederevo) للصلب. ففي عام 2012، باعت شركة أمريكية للصلب مقرها بيتسبرغ، مصنع الصلب إلى الحكومة الصربية مقابل مبلغ رمزي وهو دولار واحد، تاركة الشركة وعمالها الذين يزيد عددهم عن 5000 في حالة عدم يقين.
وأشار الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش إلى أن "مصانع الصلب تستهلك حوالي 12 مليون يورو من أموال الدولة في صربيا شهريا، ولم نكن نعرف كيف نحل هذه المشكلة". جاءت اللحظة الفاصلة في عام 2016 عندما قامت مجموعة (HBIS)، وهي أكبر شركة في الصين وثاني أكبر شركة في العالم منتجة للحديد والصلب، بشراء مصنع (Smederevo) وأبقت على جميع الموظفين. والآن أصبحت الشركة، التي أعيد تسميتها إلى (Hesteel Serbia)، أكبر مصدر في صربيا.
-- عمل مشترك رغم كوفيد-19
على الرغم من تفشي جائحة كوفيد-19، لم تتوقف الصين ودول وسط وشرق أوروبا عن التعاون. فعندما تفشت الجائحة في بداية العام الماضي، تلقت الصين تبرعات سخية من شركاء بدول وسط وشرق أوروبا. وبعدها مع تفشي المرض في أوروبا، ردت الصين الجميل من خلال التبرع بمستلزمات وقاية ومعدات طبية تشتد الحاجة إليها.
وفي القمة الافتراضية بين الصين ودول وسط وشرق أوروبا، أعرب رئيس الوزراء الكرواتي أندريه بلينكوفيتش عن شكره للصين على مساعدة بلاده في شراء معدات الوقاية والضروريات الأخرى أثناء الجائحة.
وقال إن "الجائحة أظهرت أهمية كل من الحوكمة الجيدة والتعاون متعدد الأطراف"، مضيفا أن "الجهود المشتركة والتضامن سيكونان حاسمين بالنسبة لنا لإيصال اللقاح للجميع، وهو الشرط المسبق الرئيسي لإنهاء الجائحة".
وقد تسلمت صربيا الدفعة الأولى المكونة من مليون جرعة من لقاحات معطلة مضادة لكوفيد-19 أنتجتها شركة سينوفارم الصينية. وقالت داريجا كيسيتش تيبافسيفيتش وزيرة العمل والتوظيف وقدامى المحاربين والشؤون الاجتماعية في صربيا "نعلم أن إجراء عملية تطعيم واسعة أمر ممكن بفضل أول مليون جرعة وصلت من الصين".
كما توصلت المجر إلى اتفاق لشراء لقاح سينوفارم الصيني، وهو ما سيسمح بتلقيح 2.5 مليون شخص. وتعد المجر هي أول عضو في الاتحاد الأوروبي يحصل على لقاح صيني.
-- ثقة في التعاون
سجلت تجارة الصين مع دول وسط وشرق أوروبا متوسط معدل نمو سنوي قدره 8 في المائة، وهو ضعف نمو تجارتها مع أوروبا ككل. وبلغ إجمالي حجم تجارة الصين مع دول وسط وشرق أوروبا 103.45 مليار دولار في عام 2020، متجاوزا عتبة الـ100 مليار دولار لأول مرة.
وصرح ميلان بانديتش عمدة العاصمة الكرواتية زغرب لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن "التعاون مع الصين ضروري لجميع دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك كرواتيا"، مضيفا بقوله "أرى هذا التعاون على المستوى الاقتصادي، دون أي شروط سياسية".
ومع توقعه استمرار نمو التجارة بين الصين ودول وسط وشرق أوروبا، قال إن "التعاون المكثف بين أوروبا والصين في مجال العلوم والبحوث يجب أن يستمر لضمان توافر كميات أكبر من اللقاحات في المقام الأول".
وقال بلينكوفيتش في قمة عقدت عبر رابط فيديو يوم الثلاثاء "إنني على قناعة بأن تعاوننا من خلال تبادل الممارسات الجيدة يوفر لنا إطارا متميزا لتحقيق انتعاش معزز وسريع لكل من أوروبا والصين في الفترة المقبلة".