(وسائط متعددة) مقالة خاصة: الموصل بعد أربع سنوات على التحرير، الأمل يرتفع من بين ركام الدمار

2021-07-10 20:40:16|arabic.news.cn
Video PlayerClose

في الصورة الملتقطة يوم 3 ديسمبر 2020، منظر تمثال يوضح إعادة إعمار مدينة الموصل القديمة بالعراق. (شينخوا)

الموصل، العراق 10 يوليو 2021 (شينخوا) بعد أربع سنوات على تحرير مدينة الموصل (400 كم) شمال العاصمة العراقية بغداد من سيطرة تنظيم ما يسمى بالدولة الاسلامية (داعش)، بدأ الأمل يرتفع من وسط الركام الذي خلفه احتلال التنظيم والعمليات العسكرية.

واحتل التنظيم المتطرف الموصل في العاشر من يونيو 2014 وبعد عدة أيام أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي من جامع النوري ما يسمى بدولة الخلافة.

وبدأت القوات العراقية فجر الـ 17 من أكتوبر عام 2016 عملياتها العسكرية لاستعادة الموصل من سيطرة التنظيم، بدعم واسناد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وبعد معارك عنيفة وشرسة استمرت لغاية العاشر من يوليو عام 2017، تمكنت من استعادتها لكنها خلفت الكثير من الدمار الذي افزعت صوره العالم باسره.

وحسب الإحصائيات فقد دمرت في الموصل أكثر من 11 ألف منزل، نحو نصفها بالمدينة القديمة، و63 مسجدا وكنيسة أغلبها تاريخية، أشهرها جامع النوري، ومنارته الحدباء، فضلا عن تدمير الجسور الخمسة، التي تربط جانبي المدينة، بالإضافة إلى دمار كبير في البنى التحتية.

-- استعادة الحياة وبزوغ الأمل --

تعد المدينة القديمة الواقعة على ضفاف نهر دجلة من الجهة الغربية للموصل، من أكثر المناطق تضررا بالمدينة نتيجة العمليات العسكرية ضد عناصر التنظيم المتطرف، حيث دمرت جميع المنازل والأسواق والمساجد.

ورغم الدمار الكبير وأكوام الانقاض إلا أن علي سعدي (42 سنة) كان من أول العائدين للمدينة وقام ببناء منزله المدمر بالكامل بمساعدة بعض الخيريين، كما أعاد إعمار محله التجاري، وهو مفعم بالأمل بعودة منطقته التي يتجول فيها بدراجته النارية مع ابنه الذي يساعده بالعمل.

وقال سعدي لـ (شينخوا) " قبل أربع سنوات، كانت المنطقة مدمرة بالكامل، ولم يكن أي إنسان فيها"، مضيفا "رجعت لوحدي، والناس من بعدي تشجعت وبدأوا يعودون إلى المنطقة".

ورغم مرور أربع سنوات على التحرير الا أن خمس عوائل فقط عادت للمنطقة التي يسكنها علي، لكن البعض الآخر يعمل لإعادة بناء منزله والعودة للمنطقة، ما زرع الأمل في نفس علي والآخرين بعودة الحياة لطبيعتها.

وأعرب عن أمله بعودة المزيد من السكان، للمنطقة وانطلاق حملة حكومية لإعمارها، بعد أن توفر الماء الصالح للشرب والكهرباء.

وتضم المدينة القديمة عشرات المعالم الأثرية الإسلامية والمسيحية واليهودية، أبرزها جامع النوري الكبير ومنارته الحدباء، الذي بناه نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري (1170-1180 ميلادي)، الذي دمره ومنارته عام 2017 خلال عمليات تحرير الموصل.

وفي السياق قال أحمد عبد المنعم (33 سنة) يعمل خبازا بالقرب من جامع النوري لـ (شينخوا) "قامت السلطات الحكومية بتعبيد جميع الشوارع، وأعادت الماء الصالح للشرب، والكهرباء، ما شجع أصحاب المحال التجارية على إعادة إعمارها، وكذلك شجع بعض السكان لإعادة بناء منازلهم المدمرة".

وأكد أن إعمار جامع النوري سيعيد إنعاش المنطقة بأسرها، كونه من المعالم التاريخية المشهورة، وسيكون دفعة من الأمل لجميع أهالي الموصل.

-- إعادة إعمار المواقع الأثرية --

يعتبر إعمار المواقع الآثرية من الأمور التي تبعث الأمل في نفوس السكان بإعادة إعمار الموصل لما تكتسبه هذه المواقع من أهمية تاريخية وتقدير في نفوس الناس.

ويعد جامع النوري، ومنارته الحدباء، الموجودة صورتها بالعملة العراقية فئة (عشرة آلاف دينار) من أهم معالم الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية من حيث عدد السكان، وبداية الإعمار فيه تنعش الآمال بإعادة الحياة إلى طبيعتها.

وتبنت منظمة (اليونسكو) التابعة للأمم المتحدة عملية إعادة إعمار جامع النوري ومحيطه المدمر لأن إعادة الحياة له ستساهم في إعادة الاستقرار والحركة في الموصل.

وبدى الجامع الذي أحيط بسور كبير، نظيفا من الداخل بعد رفع جميع الأنقاض منه، ورفع أنقاض منارته ، كما تم تعبيد الشوارع المحيطة به، واعيدت الحياة لأغلب المحال التجارية الواقعة بالقرب منه.

ودخلت شركة خاصة اسمها ((قاف ميديا لاب)) يديرها مجموعة من شباب الموصل، مجال إعادة إعمار المواقع الأثرية باستخدام التكنولوجيا الحديثة، (العالم الافتراضي) عن طريق عمل نسخة ثلاثية الأبعاد للموقع الأثري تسلط الضوء على التفاصيل الرئيسية التي لم تدمر وكذلك تظهر النسبة المئوية للأجزاء المتضررة وكيفية التعامل معها بشكل صحيح، حيث تسمح هذه النسخة للأشخاص التجول داخل الموقع بشكل افتراضي ومعاينته من جميع الجهات.

وقالت المهندسة ملاك مقداد، منسقة مشاريع لوكالة أنباء (شينخوا) "إن احتلال تنظيم داعش الإرهابي للموصل أدى إلى تدمير معظم المواقع الأثرية، لذلك فعلى أهالي الموصل العمل لإعادة إعمار هذه المواقع، لأن هذا مهم بالنسبة للجيل القادم".

وأوضحت إن تكنولوجيا العالم الافتراضي طريقة جيدة تساهم في الحفاظ على هذه المواقع للأجيال المقبلة.

وأكدت أن شركتها تعمل مع منظمة اليونسكو لإعادة أعمار جامع النوري وإعادته إلى الصورة التي كان عليها قبل التدمير، لما لذلك من أهمية كبيرة لدى أهالي الموصل.

في الصورة الملتقطة يوم 3 ديسمبر 2020، مدينة الموصل القديمة المدمرة بالعراق. (شينخوا)

-- التشجيع للقيام بأعمال خاصة --

ظهرت مؤخرا بالموصل، بعض المشاريع الحاضنة للأعمال يقودها الشباب لتحفيز ريادة الإعمال وخلق فرص عمل لرواد الأعمال الطموحين وإيجاد فرص عمل للعاطلين لمساعدتهم لتوفير مستلزمات العيش لأسرهم، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، وانتشار البطالة ما أعطى بارقة أمل لحل بعض المشاكل التي تعانيها المدينة.

وخير مثال على هؤلاء الشباب مصطفى هاشم (25 سنة) فبعد أن دمر منزله ومحلين تملكها عائلته، وفقدانه لاثنين من أفراد عائلته وثلاثة من أصدقائه، لم يفقد الأمل، وانتمى لمشروع المحطة (وهو مشروع بمجال ريادة الإعمال) وتلقى التدريب وأصبح مدربا يقدم الدروس لبقية الطلبة، ما وفر له فرصة عمل لإعانة أسرته.

وقال مصطفى الطالب بالمرحلة الأخيرة بكلية الإدارة والاقتصاد قسم إدارة التسويق لـ (شينخوا) "وفرت لي المحطة فرصة التدريب والبداية الصحيحة، وتعلمت ماهي ريادة الأعمال المجتمعية، ووضعتني على السكة الصحيحة ومنحتني أدوات ممكن أن أسير عليها مستقبلا حتى افيد نفسي وأفيد الآخرين".

وأشار إلى أنه الأن ونتيجة لعمله يوفر مصروفه الدراسي ومصروفات عائلته ودفع إيجار المنزل، مؤكدا أن هذه المشاريع يمكن أن تغير الحالة المادية لكثير من الشباب الذين يفتقدون للوظيفة الحكومية أو مصدر يوفر الأموال لعوائلهم.

ويقوم مصطفى حاليا بتقديم الدروس بريادة الأعمال للعديد من الطلبة والشباب العاطلين لكي يستفيدوا ويفيدوا مجموعات آخرى غيرهم وبما ينعكس ايجابيا على وضع المدينة بشكل عام من خلال توفير فرص عمل لدعم اسرهم.

وأكد وجود تحسن ملحوظ بمجال ريادة الأعمال بالموصل، لأن بعض المشاريع وفرت أماكن لتجميع الطاقات الشبابية وتوحيد أفكارهم وصقلها لإنتاج أشياء تفيد المدينة والأشخاص القائمين بهذه الأعمال.

وأضاف "إن الفكرة الريادية تعتمد على المشكلة الموجودة في المجتمع وكيفية حلها حتى نستطيع أن نفيد المجتمع وننهض بالواقع الحالي بأدوات بسيطة وبأفكار سهلة نأخذها من المشاكل الموجودة بالمدينة وحلها عن طريق المشاريع التي نتبناها سواء كانت ربحية أو مجتمعية".

وتعتمد معظم المشاريع على رأس مال بسيط جدا، وبأدوات سهلة وبسيطة، وأفكار تأخذ من المشاكل التي تعاني منها مدينة الموصل، وخاصة البطالة والفقر، لمساعدة الناس في تجاوز هذه المشاكل، كون أغلب أهالي الموصل تضرروا من الحرب على الإرهاب.

أما أمين أمجد، الذي يدرس في المرحلة الأولى بالكلية التقنية الشمالية فيشعر أن تحرير مدينة الموصل أعاد له الأمل، بعد أن كان يعيش في كابوس، وتمكن من إكمال دراسته الثانوية ويدرس الأن بالجامعة بكل جد واجتهاد لتعويض ما فاته خلال سيطرة التنظيم المتطرف على المدينة.

وقال "بعد التحرير رجع لي الأمل وتمكنت من إكمال دراستي الثانوية، واستأنفت عملي، وحاليا أعمل في جامعة كمبرمج، وأدرس" مضيفا "أحضر إلى المحطة لكي اقرأ لإكمال دراستي الجامعية، كون المحطة توفر أجواء دراسية ممتازة وتقدم لنا خدمات كالأنترنت المجاني وغيره".

ويعمل أمجد في محله التجاري، ويدرس في الجامعة وفي وقت الفراغ يعمل في البرمجة، وهو بذلك مثل العديد من شباب الموصل الذين يعملون بجد ونشاط لتعويض ما فاتهم من الدراسة والفرص خلال سيطرة التنظيم على مدينتهم لأكثر من ثلاث سنوات.

هناك مناظر تبعث الأمل بعودة الحياة، منها إعمار ثلاثة من جسور المدينة وتواصل العمل بالجسرين الآخرين، فضلا عن أن أغلب المحال تم إعادة بنائها وطلائها بألوان زاهية رغم أن المباني التي فوقها لا تزال مدمرة.

010020070790000000000000011100001310053933