مقالة خاصة: صدفة أم قدر؟ آراء خبراء صينيين ومصريين حول المقارنة بين القناع الذهبي لثقافة سانشينغدوي ونظيره الفرعوني

2021-07-31 15:19:36|arabic.news.cn
Video PlayerClose


بكين 31 يوليو 2021 (شينخوا) أثارت الاكتشافات الأخيرة في موقع أطلال سانشينغدوي، بمقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين، اهتماما واسعا من مستخدمي الإنترنت الصينيين، حيث لفت نظرهم كثيراً القناع الذهبي الكبير المكسور، والذي قارنه الكثير منهم مع القناع الذهبي الفرعوني المصري.

وفي هذا السياق؛ جذبت هذه المقارنة انتباه واهتمام مستخدمي الإنترنت العرب على مواقع التواصل الاجتماعي، وأثارت فضولهم حول ثقافة سانشينغدوي وعلاقتها المحتملة بالحضارة المصرية القديمة والحضارات القديمة الأخرى، ما دفع بعضهم لطلب استفسارات علمية حول الأمر.

وعلى ضوء ذلك، قامت وكالة أنباء شينخوا بإجراء مقابلات مع بعض علماء الآثار في الصين ومصر لتوفير الآراء المهنية والمحترفة حول الموضوع.

عالم الآثار المصري الشهير زاهي حواس في مقابلة مع وكالة أنباء شينخوا في القاهرة، عاصمة مصر. (لقطة شاشة فيديو / شينخوا)

-- اكتشاف مثير للقلوب

وافق عالم الآثار المصري الشهير زاهي حواس على أن القناع الذهبي يعد أكثر تحفة فنية إثارة للاهتمام من بين كل المكتشفات الأثرية في عملية التنقيب الأخيرة التي جرت في أطلال سانشينغدوي، حيث استقطب اهتمام الناس حول العالم، مشيرا إلى أن أي شيء ذهبي يأسر قلوب الناس في كل مكان.

وأدهش حجم القناع الذهبي المكتشف حديثا هذا العام علماء الآثار بشدة، حيث بلغ وزن نصفه الموجود نحو 286 غراما، ما يجعله أكبر قناع ذهبي تم اكتشافه في أطلال سانشينغدوي.

القناع الذهبي المكسور المكتشف في أطلال سانشينغدوي عام 2021. (صورة مقدمة من موقع أطلال سانشينغدوي / شينخوا)

ويرجع تاريخ القناع الذهبي المكتشف حديثا إلى ما قبل 3000 سنة و3200 سنة تقريبا، ما يقترب من فترة الملك توت عنخ آمون. وحول ذلك؛ قال حواس إن القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون يعد رمزا للحضارة المصرية القديمة، بينما القناع الذهبي لثقافة سانشينغدوي يعد رمزا أيضا للحضارة الصينية، مضيفا أن هاتين الحضارتين تعتبران من أعظم الحضارات في العالم من رأيه.


-- اختلاف الفنون والتشارك بالروعة

رغم وجود اختلافات واضحة بين القناعين الذهبيين، يرى حواس أن قناع سانشينغدوي يعتبر عملاً فنياً مميزاً يمثل الأسلوب الصيني الذي يرتبط بالصين في الوقت القديم.

ران هونغ لين، مدير معهد سانشينغدوي للبحوث الأثرية، في مقابلة مع وكالة أنباء شينخوا في موقع أطلال سانشينغدوي بمقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين. (لقطة شاشة فيديو / شينخوا)

من جانبه؛ قال ران هونغ لين، مدير معهد سانشينغدوي للبحوث الأثرية التابع لمعهد مقاطعة سيتشوان لبحوث الآثار الثقافية وعلم الآثار، إن القناع اُستخدم بشكل واسع في الحضارات المبكرة، ولكن بخلاف وضع القناع الذهبي الفرعوني على مومياء الملك، اُستخدم قناع سانشينغدوي في الأنشطة الطقسية فقط، مضيفا أن القناع الذهبي لا يُصنع ليرتديه الإنسان، بل ربما تم وضعه على القناع البرونزي أو تمثال الرأس البرونزي، نظرا لوجود تماثيل الرؤوس البرونزية المغطاة بالأقنعة الذهبية، حسب التخمين الرئيسي من علماء الآثار.

ثلاثة تماثيل لرؤوس برونزية مغطاة بالأقنعة الذهبية تم اكتشافها في موقع أطلال سانشينغدوي عام 1986. (شينخوا)

وبسبب حاجة الاستخدام، توجد عناصر مبالغة كثيرة في شكل أقنعة سانشينغدوي، مثل الأنف المرتفع للغاية والآذان الضخمة والعيون الجاحظة وغيرها. وحول ذلك قال ران: "كله لا يرسم شكل الإنسان الواقعي حينذاك"، بل يعكس العلاقات بين الكهنة والآلهة من خلال الشكل المبالغ والسحري، وربما يرسم الملامح الخيالية للمعبود أو المعبودين في مراسم الطقس".

القناع البرونزي الكبير ذو العينين الجاحظتين الذي تم اكتشافه في موقع أطلال سانشينغدوي عام 1986. (شينخوا)

وبدوره؛ ذكر حواس أن أكثر ما يعجبه في فن صناعة القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون هو حيوية ملامح الوجه ودقة الأعمال اليدوية من الخلف، مؤكدا أن القناع الذهبي لثقافة سانشينغدوي، ورغم أن شكله قد يبدو أبسط مقارنة مع القناع الفرعوني، إلا أنه يعجبه كثيراً، فضلا عما يتمتع به من أهمية فنية وأثرية عظيمة للحضارة الصينية أيضا.


-- حضارة شاملة وتبادل مستمر

وإضافة إلى الأقنعة الذهبية، تم اكتشاف صولجان ذهبي ورقائق ذهبية وغيرها من كمية كبيرة من التحف الذهبية الأخرى في أطلال سانشينغدوي أيضا.

تشو تشانغ يي، مدير متحف أطلال جينشا، في مقابلة مع وكالة أنباء شينخوا في تشنغدو، حاضرة مقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين. (لقطة شاشة فيديو / شينخوا)

وفي هذا الصدد، قال تشو تشانغ يي، مدير متحف أطلال جينشا، إنه وإلى جانب القناع الذهبي الكبير المكتشف في أطلال سانشينغدوي، تم اكتشاف قناعين ذهبيين في أطلال جينشا أيضا، أحدهما يبلغ ارتفاعه نحو 11 سم والآخر دون 4 سم.

القناع الذهبي الكبير المكتشف في موقع أطلال جينشا. (شينخوا)

وتعد ثقافة جينشا ثقافة موروثة ومتطورة على أساس ثقافة سانشينغدوي، وتقع أطلال جينشا في مدينة تشنغدو حاضرة مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين، ويرجع تاريخها إلى ما قبل 3200 سنة و2600 سنة.

وقال تشو إنه من أهم التحف الأثرية المكتشفة في أطلال جينشا زخرفة الشمس والطيور الخالدة الذهبية، التي يبلغ قطرها 12.53 سم وسمكها 0.02 سم فقط ونسبتها الذهبية تصل إلى 94.2 بالمائة، وهي أيضا رمز للتراث الثقافي الصيني.

زخرفة الشمس والطيور الخالدة الذهبية التي تم اكتشافها في موقع أطلال جينشا. (صورة مقدمة من متحف جينشا / شينخوا)

ويعتقد تشو أن وجود القناع الذهبي في كل من الحضارتين الصينية والمصرية القديمة هو نوع من الصدفة نظرا لقلة الأدلة الأثرية العلمية على علاقاتهما والتبادلات بينهما. ورغم ذلك، يرى تشو أن هناك نقاطا مشاركة بين الحضارتين والحضارات القديمة الأخرى، مثل عبادة الشمس المنتشرة في كثير من الحضارات القديمة.

وقال ران إن الذهب ليس من المواد الرئيسية المستخدمة في الثقافات الأخرى داخل الحضارة الصينية خلال نفس الفترة لثقافة سانشينغدوي، مشيرا إلى وجود الإمكانية لتتنقل عادة استخدام الذهب إلى الصين تدريجيا بشكل أمواج من جهة الغرب، ما يمكن ان يمتد إلى ما بين النهرين أو حتى مصر القديمة.

في الصورة الملتقطة يوم 16 مارس 2021، كمية كبيرة من العاج والأواني البرونزية في حفرة التضحية رقم 3 في موقع أطلال سانشينغدوي. (شينخوا)

وذكر أن كثرة استخدام الذهب يشير إلى احتمال تأثير ثقافة سانشينغدوي بالحضارات الغربية، أما الرموز الموجودة بالأسلوب الصيني وتحف اليشم الأخرى إضافة إلى أسلوب طقوس القربان وغير ذلك، يدل على نسبها الى الحضارة الصينية بلا شك، مضيفا أنه من المرجح أن تكون ثقافة سانشينغدوي قد لعبت دورا جسريا في تبادل الحضارة الصينية مع الحضارات الغربية في الوقت القديم، ما يشير إلى شمولية الحضارة الصينية وتنوعها من جانب.


-- المزيد بانتظار الاكتشاف

قال تشو إن اكتشاف الأصداف من المحيط الهندي في أطلال سانشينغدوي يدل على احتمال كبير لوجود التبادل بين ثقافة سانشينغدوي مع الحضارة في جنوب شرقي آسيا وجنوب آسيا، ويعطيه فكرة عن احتمال التبادل بينها وبين حضارات وسط آسيا وحتى غرب آسيا وشمال إفريقيا، ما يتطلب منا القيام بالمزيد من الدراسة والبحوث، كما يساهم التعاون الدولي في ذلك.

وأشار ران إلى أن التعاون الناجح بين المعاهد الأثرية والجامعات داخل الصين في عملية التنقيب والاستكشاف الأخيرة منذ نهاية العام الماضي في أطلال سانشينغدوي يتمتع بمغزى مهم، مضيفا أنه يتطلع إلى التبادل والتعاون الدولي في البحوث الأثرية حول سانشينغدوي فيما بعد.

عامل آثار ينظف القناع الذهبي الكبير المكسور في حفرة داخل أطلال سانشينغدوي. (شينخوا)

كما اقترح حواس أن تقيم الصين معرضا متنقلا للقناع الذهبي وغيره من المكتشفات الرئيسية لثقافة سانشينغدوي في عموم البلاد وخارجها، ليتعرف العالم على روعة ثقافة سانشينغدوي وتحفها الأثرية الجميلة، مضيفا: "يحتاج العالم إلى معرفة الصين بشكل أكثر."

وذكر ران أن 2 بالألف فقط من أطلال سانشينغدوي قد تم اكتشافها، بينما لا تزال هناك أسرار كثيرة تنتظر لاكتشاف والتعرف عليها.

010020070790000000000000011101451310099072